جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

مع انتفاضة القدس.. سقطت الأوهام وبقيت فلسطين

جلال عارف

الجمعة، 14 مايو 2021 - 07:33 م

قبل أسابيع كان رئيس وزراء الكيان الصهيونى «نتنياهو» مازال يعيش فى أوهام غطرسة القوة التى تضاعفت بعد قرارات الرئيس الأمريكى السابق «ترامب» بشأن القدس التى اعتبرها الكيان الصهيونى صك ملكية نهائية للقدس الأسيرة. وكان يستغل هدايا «التطبيع المجاني» للمضى قدماً فى مخططات الاستيطان غير الشرعى وكان يستغل فرصة الانتخابات الأخيرة ليذهب إلى المدن العربية داخل فلسطين المحتلة عام ٤٨ ليستعرض «إنجازاته» فى قهر الشعب الفلسطيني ثم فى قدرته على شق الصف الذى كان موحداً للفلسطينيين داخل أراضى 48 واجتذاب فصيل صغير تابع للإخوان المسلمين للتعاون معه!!.
كان نتنياهو «ومعه كل اليمين الصهيونى المسيطر فى إسرائيل» يتصرف على أن قضية فلسطين قد دخلت مرحلة التصفية، وأنه القادر على إتمام المهمة بغض النظر عن اتهامات الفساد التى تطارده منذ سنوات. وكان الرجل يتصور أن اليأس لابد سيقهر الفلسطينيين وهم يرون قضيتهم تتراجع فى ترتيب الأولويات دولياً وعربياً، ويتابعون الانقسام فى الصف الوطنى والصراع المستمر بين «حماس» و«فتح» والطريق المسدود الذى وصل إليه الرهان على «أوسلو» والحصار الذى يستهدف إعادة القضية الفلسطينية من قضية تحرر وطنى إلى مشكلة إنسانية يحلها التلويح ببعض التسهيلات المعيشية كما خططت صفقة القرن وتوابعها!!
وفجأة.. تهب القدس ويكتب شعب فلسطين الصامد نهاية كل أحلام الغطرسة الصهيونية. يكشف للعالم الوجه القبيح للكيان الصهيونى وهو يغتصب الأرض ويحاول طرد الفلسطينيين من «الشيخ جراح» ثم وهو يقتحم المسجد الأقصى ضارباً عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين والقرارات الدولية التى تعتبر كل ذلك جرائم ضد الإنسانية من سلطة احتلال غير مشروع.
ومع إدانة العالم كله لجرائم إسرائيل فى القدس، يمضي نتنياهو فى تصعيد العدوان وفى التأكيد على استمرار مخطط تهويد القدس العربية رافضاً كل دعوات التهدئة ومراجعة المواقف، متوسعاً بالحرب فى عدوان همجى جديد على غزة، لكنه يواجه بما لم يكن يتخيله.. الصواريخ تصل إلى تل أبيب.. وانتفاضة القدس تعبر كل الحواجز وتمتد إلى قلب حيفا وعكا وكل المدن العربية داخل الأرض المحتلة فى 1948. يتوحد الشعب الفلسطيني فى الداخل والخارج. تعود فلسطين - رغم كل الآلام - لموقعها كقضية شعب ينشد الحرية والاستقلال، ومحتل يمارس كل الأساليب الفاشية والعنصرية، وعالم لم يعد يستطيع مواصلة تجاهل آخر استعمار استيطانى وجرائمه ضد الإنسانية.
تتواصل الجهود للتهدئة كهدف عاجل لوقف الجنون الصهيونى الذى يعيش صدمة ماحدث، ويعرف جيداً أن الأوضاع لن تعود أبداً لما كانت عليه قبل أن تنتفض القدس.
أياً كان الثمن.. لن تصبح قوة البطش الصهيونى ضد الفلسطينيين بلا رادع بعد الآن. ولن يصبح نتنياهو «أبوعمير» كما كان يروج لنفسه فى الانتخابات الأخيرة فى الوسط العربى بينما يمارس ضده كل أبشع أساليب التمييز العنصرى ولن تكون القدس الشرقية «العربية» إلا عاصمة لدولة فلسطين ولن تكون فلسطين رهن التصفية كما كان يتوهم نتنياهو واليمين الصهيونى العنصرى المسيطر على دولة الاحتلال الإسرائيلى.
لن تكون التهدئة نهاية المطاف، ولن تكون الأوضاع بعد ذلك كما كانت. عادت فلسطين كقضية احتلال بغيض ينبغى أن يسقط، وشعب صامد على أرضه ومتمسك بحقه المشروع فى دولته المستقلة وفى «قدسه» الأسيرةالتى كانت وستظل عربية.
لم يعد ممكناً أن يتجاهل العالم الحقيقة أو يتصالح مع الجرائم الصهيونية ضد الإنسانية ولم يعد ممكناً أن يمضى قطار التطبيع المجانى رغم إرادة الشعوب ولم يعد متصوراً أن يتسامح شعب فلسطين الصامد مع أى انقسام فى الصف الوطنى لابد للجميع أن يفهموا أن ما كان قبل انتفاضة القدس المباركة لن يكون بعدها.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة