جمال حسين
من الأعماق
جمال حسين يكتب: «انتفاضة البالونات»..تُعيد القضيَّة الفلسطينيَّة
السبت، 15 مايو 2021 - 07:41 م
بينما كانت الشعوب العربيَّة والإسلاميَّة تُودع شهر رمضان المبارك، بدأت إسرائيل جرائمها الوحشيَّة فى القدس وقصف المدنيين والمنازل فى قطاع غزة، لليوم السادس على التوالى، ما أسفر عن استشهاد ١٢٢ فلسطينيًا؛ بينهم ٣١ طفلًا و٠٢ سيدة، وإصابة المئات وتدمير الكثير من المنازل.. لكن رد شباب المقاومة الفلسطينيَّة جاء قويا وتصدوا بصدورهم العارية للاسلحة الاسرائيلية الفتاكة.. ابتكر شباب المقاومة سلاحا مختلفًا هذه المرة باستخدام «البالونات الحارقة» المملوءة بغاز الهيليوم، والتى وصلت إلى عمق ٥٣ كيلو مترًا داخل إسرائيل، وأحدثت حرائق هائلة فى المزارع، وأصابت الإسرائيليين بالذعر، بينما كبَّدت الصواريخ الفلسطينيَّة الجانب الإسرائيلى خسائر بشريَّة، حيث أعلنت إسرائيل عن مقتل ٨ وإصابة العشرات، وخلقت المواجهات شللًا تامًا فى جميع مناحى الحياة داخل تل ابيب وضواحيها.
ورغم فداحة الخسائر التى تكبَّدها الأشقاء الفلسطينيون، فإن البالونات الحارقة التى انطلقت من قطاع غزة، شكَّلت نموذجًا جديدًا للمقاومة - بعد انتفاضة الحجارة ثم الطائرات الورقيَّة المسيَّرة-، وحرائق «ذيل القطة»، حيث أوجعت إسرائيل، وأثَّرت بشكلٍ كبيرٍ على أمن الاحتلال وجعلته يتخبَّط ويبحث عن طرقٍ لإيقاف إطلاقها، وحرَّكت المجتمع الدولى والدول العربية والكبرى.
الموقف المصرى جاء - كالعادة- قويًا شجاعًا؛ فى ظل التزام غالبية المجتمع الدولى الصمت أو حديث الإدانات التى لا طائل منها والتى تستخدمها إسرائيل ستارا لتنفيذ اهدافها ضد الفلسطينيين..التحرك المصرى اكد للجميع أنها كانت وما زالت قلب العروبة النابض، ولم ولن تتخلَّى عن القضيَّة الفلسطينيَّة العادلة.
الرئيس السيسى أجرى العديد من الاتصالات؛ لحقن الدماء وإيقاف الاعتداءات.. وزير الخارجيَّة سامح شكرى، أكَّد للعالم الموقف المصرى الرافض للتصعيد الإسرائيلى فى القدس بوضوحٍ، متهمًا تل أبيب بانتهاك القوانين الدوليَّة، وتقويض حل الدولتين.. وخلف الكواليس تُجرى اللقاءات الأمنيَّة مع الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى، والتى بدأت تُؤتى ثمارها لوقف الاقتتال والاتفاق على هدنة لالتقاط الأنفاس.
مصر أعلنت على الفور عن فتح معبر رفح لاستقبال المصابين؛ لعلاجهم بالمستشفيات المصريَّة، الأمر الذى انتقدته إسرائيل، وهدَّدت باستهداف أى سيارة إسعافٍ تنقل من أسمتهم بمصابى الإرهابيين، لكنها لن تجرؤ على ذلك خوفًا من الغضب المصرى.
الاعتداءات الوحشيَّة الإسرائيليَّة ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، حرَّكت ضمير العالم، لدرجة أن المُمثِّل الهوليودى مارك رافالو دعا دول العالم والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى إلى فرض عقوباتٍ على إسرائيل، وطالب متابعيه، عبر حسابه، بالتوقيع على عريضةٍ، واستجاب له ما يقرب من ٢ مليون شخصٍ، خلال ساعات قليلةٍ، يُندِّدون بالحرب غير المتكافئة ضد الفلسطينيين.. يبقى فقط أن يُدرك الفلسطينيون أن انقسامهم، هو السبب الرئيس لضياع قضيتهم العادلة التى ربما يُريد بعض المنتفعين من قادة فصائلها استمرار تلك الأوضاع أطول وقتٍ ممكن؛ لضمان تدفق الأموال إليهم، وهم ينعمون برغد العيش داخل قصورهم بعواصم دولٍ بعينها، بينما يدفع البسطاء والأبرياء حياتهم؛ ثمنًا لصفقاتهم القذرة.
أخطأ نتنياهو عندما أراد استثمار عدوانه على غزة؛ للبقاء أطول فترة بالحكومة، وكسب أصوات المُتشدِّدين فى الانتخابات المقبلة.
بالتأكيد، بعد ساعاتٍ، وفى أسوأ الظروف، ربَّما بعد أيامٍ قليلةٍ سوف يتوقَّف العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين، لكن المُؤكَّد أن “ حرب البالونات الحارقة “ أعادت القضيَّة الفلسطينيَّة إلى المسرح العالمى من جديد، بعد طول غيابٍ، فهل يتم استثمار ذلك؟.. أتمنى.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة