عصام السباعى
عصام السباعى


أمس واليوم وغدا

دولــة داعــــــش العــبرية!

عصام السباعي

الإثنين، 17 مايو 2021 - 12:43 م

 

إنــه قدر مصر الذى كتبه الله لها، ودورها التاريخى الذى فرضته عليها الجغرافيا والديموجرافيا، وتحملته منذ قرون طويلة، حيث اختارها خالق الكون أن تكون موقع الشروق لفجر الضمير الإنسانى فى كل العالم، وكانت فلسطين والقدس هى القضية التى تحملت مسئوليتها وسددت فاتورتها منذ أيام سيف الدين قطز وبيبرس وصلاح الدين الأيوبى والناصر بن قلاوون، مروراً بجمال عبدالناصر وحتى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورغم كل الخناجر التى تم غرسها فى ظهر مصر من الشرق، ولن أنسى ما قاله الرئيس الفلسطينى محمود عباس خلال لقاء معه فى مقر إقامته بالقاهرة فى قصر الأندلس عام 2013 بعد إزاحة حكم المرشد ومن خلفهم، عن تفاصيل تلك الصفقة التى عرضها عليهم الإخوان السفلة عبر محمد مرسي، بتوطين الفلسطينيين فى سيناء، ولما أجهضتها ثورة 30 يونيو، بدأ تنفيذ نوع مختلف من المؤامرات ونجحت مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى إجهاض المؤامرات الأخرى فى الشمال والغرب والجنوب، كما ساهمت بقدر كبير فى تعديل ما كان قد مال فى سوريا والعراق، والحمد لله فقد تحطمت المؤامرات تحت أقدام المصريين.
 لن يختلف معى كثيرون لو قلت: إن كل ما تشهده المنطقة هنا وهناك ليس صنيعة المصادفة، وأن هناك لاعبين يحركون مسرح العرائس، ويوجهون مجرى أنهار الدم، وأن القلب فى كل الأحداث هناك على حدودنا الشرقية حيث القضية الفلسطينية، التى دعا وعمل الرئيس السيسى والدبلوماسية المصرية أكثر من مرة، إلى تواصل العمل من أجل التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للصراع الفلسطينى الإسرائيلي، من خلال حل إقامة الدولتين على حدود عام 1967، وعلى أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، كما لم تتوقف عن التحذير المستمر من أن غياب الحل العادل للصراع الفلسطينى الإسرائيلي، سيظل المصدر الأساسى لانعدام الاستقرار فى الشرق الأوسط، وإحدى أخطر الذرائع التى يتم الاستناد إليها لتبرير أعمال التطرف والإرهاب، وهكذا كان صوت الحكمة والضمير الإنسانى الذى صدر عن مصر، فى مواجهة أربعة مشروعات متطرفة سياسية دينية تلعب فى المنطقة وفى فلسطين: دولة داعش الإسلامية (السنية)، دولة داعش (الشيعية)، ودولة داعش (العبرية)، ودولة (المسيح)، وكلها تعبر عن مشروع دينى متطرف، له أهداف سياسية متطرفة، ويسعى مؤيدوه إلى فرضه وتطبيقه على أرض الواقع، مهما كان حجم الدماء التى سالت وستسيل والأرواح التى راحت والتى ستروح، ومنذ البدء كانت جرائم «دولة داعش العبرية» ضد الإنسان والإنسانية، ولا زلنا نشاهدها حتى الآن فى القدس وفى الأراضى المحتلة!

هل يتحقق حلم صلاح الدين؟!

اثنـــان من الشخصيات اليهودية التاريخية الشهيرة حرصت على تتبعهما فى الكتب، الأول مشهور جداً وهو رجل الدين والطب موسى بن ميمون، والثانى قد لا يعرفه كثيرون بمن فيهم أساتذة جامعيون، وهو يهوذا الحيرازي، والمادة الخاصة به فقيرة وقليلة، والاثنان هربا من جحيم الاضطهاد الأوروبى لليهود إلى جنة الأرض فى بلاد العرب، الأول استضافه صلاح الدين، وفى مصر كتب أعظم كتب التراث الدينى اليهودى الخاصة بالتلمود، ورأس الطائفة اليهودية فى مصر التى كانت تعيش فى رغد منذ أيام الفاطميين، أما الحيرازى فله كتاب «تحكموني»، وهو كما يوضح كتاب «نشأة المقامة فى الأدب العبرى» لعبد الرحمن مرعى الأستاذ بكلية بيت بيرل بحيفا، عبارة عن سيرة ذاتية لمحطات حياته ويحاكى أدب المقامات العربي، ومن أهمها ما جاء فى المقامة 28، التى يشرح فيها كيف رأى الكل يعيش فى أمان داخل القدس من بعد صلاح الدين الأيوبي، ويؤكد كتاب «مقاتلون فى سبيل الله» لجيمس ريستون، أن صلاح الدين كان يرغب فى عودة المدينة إلى أوضاعها السابقة، أى ما قبل الاحتلال الصليبى لها، يعيش فيها مجتمع متنوع الأجناس والأديان، ويوضح أنه عندما استعاد المسلمون مدينة الرها من الصليبيين أيام عماد الدين زنكي، جلب 300 عائلة يهودية للسكن فيها ليعوض نقص السكان بسبب مذابح الصليبيين، وهكذا فعل صلاح الدين فى القدس، ولم يكن هناك فى ذلك الوقت عدد يذكر من اليهود فى القدس، ولم تكن تعنى شيئا لهم، وأكتفى بالإشارة إلى كتاب عارف باشا العارف «تاريخ القدس»، فسائح يهودى اسمه بتاحيا، زارها فى القرن 12م، ولم يجد فيها سوى يهودى واحد فقط، وزارها بعد قرن موسى بن نحمان ولم يكن فيها سوى عائلتين، تفاصيل أكثر فى كتاب اليهود فى العالم العربى للدكتورة زبيدة محمد عطا، وخاصة ما يتعلق بأثرياء اليهود «كانت علاقتهم ببيت المقدس لا تتعدى تقديم الهبات للمعابد»!

الإجابة فى لندن وواشنطن!

أعلـــم أن بعض السطور تطرح العديد من الأسئلة، ولكم أن تعلموا أن كتب التاريخ تطرح آلاف الأسئلة، فمنها عرفنا عدد اليهود الضئيل فى القدس، وعلمنا كيف كان يعيش الجميع فى أمان، حتى ظهرت الحروب الدينية الاستيطانية، التى سفكت دم اليهود والمسلمين، ولا تسأل عن تلك المكانة الكبرى التى أصبح عليها اليهود فى أوروبا، بعد أن كانوا مطرودين وغير مرحب بهم فى أى مكان، وغالبا يكون دمهم مهدراً فى كل حال، ماذا حدث وكيف حدث؟ أستطيع أن أدلك على طريق الإجابة، لسبب بسيط، وهو أننى لا أريد أن أفرض عليكم ما وصلت له من ترابط المؤامرات فى المنطقة وتكاملها، لو أردت أن تعرف حكاية محنة الفلسطينيين.. ستجدها فى كتاب ديفيد جيلمور «المطرودون»، أما لماذا تضحى الولايات المتحدة بمصالحها من أجل إسرائيل؟ فيمكن أن تعرف الإجابة فى كتاب جريس هلسل «يد الله»، وكتاب «من نحن» لصمويل هنتنجتون وهو من إصدارات المركز القومى للترجمة، وكتاب كليفورد لونجلى «الشعب المختار.. الأسطورة التى شكلت إنجلترا وأمريكا» وترجمه فى جزأين الدكتور العلامة قاسم عبده قاسم، وستفهم منه لماذا تم تدمير سوريا والعراق لأسباب تافهة وأكاذيب ملفقة ولجرائم لا ترقى أبداً لما ارتكبته وترتكبه إسرائيل من جرائم حرب وضد الإنسانية، أما مشروع دولة داعش الفارسية، فيمكن أن تعرف أصوله من الدستور العنصرى الإيراني، ومن كتب مثل كتاب «صورة الشعوب فى الكتب المدرسية الإيرانية»، وتستطيع أن تشعر بالقلق من الحماية الإسرائيلية لزيادة النشاط الشيعى فى غزة على حدودنا الشرقية، وستشعر بالقلق أكثر لو عرفت موقع مصر فى ذلك المشروع، أو عرفت ما كان من علاقات مع إخوان الشيطان فى مصر، وما بين الفكرين من تقاطعات كما فى دراسة مثل «جدلية الدولة والأمة فى فكر البنا والخميني»، لأحمد يوسف الإخوانجى ومستشار إسماعيل هنية السابق.
الخلاصــــة: لا طـــــــريق أمــــامنا ســـــوى العمــل والإنتـاج والاعـتماد علـى الذات والاستمرار فى طريقنا مـن أجــل تطـوير مؤشــرات جـودة الحياة.. لا طريق أمامنا سوى أن نكـون أكـثر حــرصــاً علـى بلدنا.. وثقة فــى قـياداتنا.. ولا نتخلــى عــن الحلــــم والأمل ولا نتوقف عن الحرص والعمل وأن نلتزم بأقدار بلدنا التاريخية، ومــن أجــل ذلك كانت حالة الاستنفار الدبلومــاسية والشـــعبية لحمـــاية الأبريـــاء فى غزة وتهدئة الأوضاع والعمـــل مـن أجـــل سرعة استئناف عملية الســلام.. حلم صلاح الدين الأيوبى الذى لم يتحقق حتى الآن!

بوكس

 فكروا معى: هل يوجد فرق بين ممارسات دولة إسرائيل، والتنظيم الإرهابى «داعش».. كلتاهما بدأت فى شكل عصابات إرهابية .. كلتاهما كيان دينى .. كلتاهما كيان عنصرى.. كلتاهما بلا قلب ولا تعرفان الرحمة .. كلتاهما برعاية أمريكية - إنجليزية.. التشابه العجيب لن يجعلنى أندهش، لو عرفت أن قيادات «داعش»، تنتمى لإسرائيل!!

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة