«فيروز» تصلى من أجل زهرة المدائن مدينة الصلاة والسلام
«فيروز» تصلى من أجل زهرة المدائن مدينة الصلاة والسلام


كنوز | غضب «فيروز» الساطع يلهب حماس المقاومة فى مواجهة الاحتلال الغاشم

عاطف النمر

الأربعاء، 19 مايو 2021 - 05:35 م

استهلت فيروز باكورة أعمالها فى مساندتها لفلسطين عام 1954، عندما غردت بكلمات الشاعر الفلسطينى هارون هاشم رشيد ونغمات الرحابنة فى قصيدة "عائدون" التى تحولت لنشيد الافتتاح لإذاعة "فلسطين" عند بدء بثها من القاهرة، وواصلت فيروز مع الرحبانية لتروى قصة أرضٍ اغتصبت، وشعب بلغ به الشتات إلى أقصى أماكن الأرض، وبعد 10 سنوات من "عائدون"، عادت فيروز إلى القدس، لتشدو فى المدينة المقدسة أمام بابا الفاتيكان بولس السادس عام 1964، وحين طافت فى شوارع القدس وأزقتها الضيقة، التف حولها النساء والأطفال، وأعربوا لها أنهم متيمون بقصيدة "عائدون" التى تبقى على آمالهم فى عودة أراضيهم، وحين منحوها "مزهرية الورود"، قالوا لها: "دخيلك يا ست فيروز رجعى لنا فلسطين"، وعادت فيروز من القدس، وفى عينها دمعة وفى قلبها لوعة، تبوح بحالة العذاب والمعاناة التى يعانيها الفلسطينيون، انفجر الغضب الفيروزى فى "القدس العتيقة" للرحبانية أيضا، وكانت "المزهرية" التى منحها لها أطفال فلسطين محور الأغنية، التى تقول كلماتها: "مريت بالشوارع شوارع القدس العتيقة.. قدام الدكاكين اللى بقيت من فلسطين.. نحكى سوا الخبرية.. وعطونى مزهرية.. قالوا لى هيدى هدية..

من الناس الناطرين.. يا صوتى ضلك طاير.. زوبع بها الضماير.. خبرهم ع اللى صاير.. بلكى بيوعى الضمير"، ومنحت بلدية القدس مفتاح المدينة المقدسة المصنوع من خشب الزيتون لجارة القمر فيروز، اعترافاً بدورها فى خدمة القضية الفلسطينية، ومن جديد انطلق صوت فيروز قويا مدويا غداة نكسة ١٩٦٧ عندما غردت بأيقونة الأغانى الفلسطينية "زهرة المدائن" التى خاطبت عيونا ترحل إلى المدينة المقدسة، وقلوبا ارتبطت بليلة الإسراء وآلام السيد المسيح، وفيها تقول: "لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّى..

لأجلك يا بهيّة المساكن يا زهرة المدائن.. يا قدس يا مدينة الصلاة أصلّى..

عيوننا إليك ترحل كل يوم.. تدور فى أروقة المعابد.. تعانق الكنائس القديمة.. وتمسح الحزن عن المساجد.. يا ليلة الإسراء يا درب من مرّوا إلى السماء..

عيوننا إليك ترحل كلّ يوم وإنّنى أصلّى.. الطفل فى المغارة وأمّه مريم وجهان يبكيان..

لأجل من تشرّدوا.. لأجل أطفال بلا منازل.. لأجل من دافع واستشهد فى المداخل.. واستشهد السلام فى وطن السلام.. وسقط العدل على المداخل.. حين هوت مدينة القدس.. تراجع الحبّ وفى قلوب الدنيا استوطنت الحرب.. الغضب الساطع آتٍ وأنا كلى إيمان.. الغضب الساطع آتٍ سأمرُّ على الأحزان.. من كل طريق آتٍ بجياد الرهبة آتٍ.. وكوجه الله الغامر آتٍ آتٍ آتٍ.. لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلّى.. سأدقّ على الأبواب وسأفتحها الأبواب.. وستغسل يا نهر الأردن وجهى بمياه قدسية.. وستمحو يا نهر الأردن آثار القدم الهمجية..

الغضب الساطع آتٍ بجياد الرهبة آتٍ.. وسيهزم وجه القوّة.. البيت لنا والقدس لنا.. وبأيدينا سنعيد بهاء القدس.. بأيدينا للقدس سلام آتٍ"، وجسدت فيروز مأساة اللاجئين فى قصيدة "ردنى إلى بلادى"، وحين اشتعلت نيران الحقد الصهيونية لتلتهم المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين الأيوبى عام 1969، كان الرد الفيروزى حاضرًا بمسرحية "جبال الصوان"، التى تعادل صلابة المقاومة بصلابة أحجار الصوان، وعالجت فيروز فى المسرحية قضية الأسرى بقولها: "لا تخافوا ما فى حبس بيساع كلّ الناس.. يعتقلوا كتير، بيبقى كتير..

وباللى يبقوا رح نكمّل"، وبعد 69 عامًا من النكبة، لا يجد أطفال فلسطين خيارًا غير الحجارة ليقذفوها فى وجه الاحتلال الغاشم، وكأنهم قد فتتوا تلك الأحجار من "جبال الصوان" التى أرستها فيروز عام 1969، التى سيبقى صوتها شامخًا وهو يروى كفاح شعب لن يلين حتى يسترد أرضه.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة