زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد


رٌكن الحواديت

حكاية بنت فلسطينية اسمها «آيات»

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 21 مايو 2021 - 08:16 م

ظلت الأم تحملق فى عقارب ساعة لدغت قلبها بلحظات قلق على ابنتها التى تأخرت عن الوصول للبيت بعد انتهاء دروسها الإضافية.
ظلت تركض وعيناها حائرتان بين النافذة وباب المنزل، انتظارًا لطرقة طمأنينة، ثم جلست فى هدنة لحظية وفتحت التلفاز، فانتبهت بفزع للإعلان عن عملية استشهادية، نفذتها فتاة بأحد المتاجر بمدينة القدس المحتلة.
وأثناء شغفها للتفاصيل دخل عليها ابنها إسماعيل، وقبل أن يجلس هرول إلى التلفاز فأغلقه بعنف، ولحظتها.. نهضت وأمسكت بكتفيه وقالت: هل فعلتها آيات يا ولدي؟ فأومأ برأسه ثم سقط مغشيًا عليه. 
كانت آيات فتاة جميلة، تجاوزت عامها السابع عشر بقليل، وتستعد لزفافها بعد شهور، وتسكن مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين بالقرب من بيت لحم، وهى الرابعة بين إخوتها السبعة. 
كانت حزينة جدا على قتل الأطفال واغتيال إسرائيل للشباب المقاوم، فكانت تحتفظ بصور الشهداء، لتستنشق من ملامحهم عزيمة تليق بالفداء. 
وفى يوم الاستشهاد استيقظت كعادتها، ثم مشطت رأس الصباح بابتسامة، وغسلت وجهها من كل حلم سوى رؤية وطنها الغالى محررًا.
 وبعد صلاة الفجر بدأت فى تجهيز كراسات لم تخلُ مسافة بين سطورها من الأمل، وقالت لوالدتها: «ادعى لى فهذا اليوم مهم جدا بالنسبة لي» 
20 فبراير 1985 كان مولدها القابل للنسيان، أما تاريخ الخلود فكان يوم 29 مارس 2002 بعملية استشهادية، فجرت خلالها نفسها وسط متجر بمدينة القدس المحتلة، أدّت لمقتل ثلاثة مستوطنين وجرح العشرات.
الآن.. تنام «آيات» قريرة العين، بعد أن علمت من شهداء جاوروها قبل أيام أن المقاومة الفلسطينية انتصرت، وأزاحت جدار الوهم الذى يحيط به العدو الصهيونى نفسه. 
أقول لآيات ولكل الشهداء: الآن.. ارقدوا فى سلام، فمئات الملايين تحيا ولكن القليل من ارتقى فداء لوطنه، فكان أيقونة للخلود بين أهل الأرض، وسيظل فى أعيننا فارسًا استحق تتويج السماء. 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة