آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

الدراما وإعلانات الأقلية العظمى! «2»

آمال عثمان

الجمعة، 21 مايو 2021 - 08:22 م

تلقيتُ تساؤلات مشروعة وتعليقات من القراء، تعقيباً على مقالى السابق «إعلانات بالملابس الداخلية» تقول: هل البنك الأهلى وبنك مصر فى حاجة إلى إعلانات بالملايين تُطل علينا ليل نهار لجذب العملاء؟! وهل البريد المصرى أعرق الهيئات الاقتصادية والاجتماعية فى مصر، وأكثرها تعاملاً مع المصريين منذ عام 1865، يحتاج إلى فنان سوبر ستار للترويج والتعريف بخدماته، أم أنه بيزنس متشابك المصالح؟! 
لقد وصلت الأمور يا سادة إلى أن ينفق رجال الأعمال المليارات على إعلانات، تُظهر «رفاهية الكلاب» واستمتاعهم بالحياة داخل منتجعاتهم الفاخرة، دون أن يستحوا من تأثير ذلك على الطبقات الكادحة، إلى هذا الحد وصل الاستفزاز وانعدام الإنسانية والاستهتار بمشاعر البشر، ليس هذا فحسب بل أصبح بلدنا الدولة الوحيدة فى العالم التى تُبدّد 2 مليار جنيه على الإعلانات التليفزيونية فى شهر واحد، وتنفق 3 مليارات جنيه على إنتاج مسلسلات منزوعة الفكر والقيمة والرسالة، وفى الفواصل يطالبون الشعب بالتبرع للفقراء والمرضى ولو بجنيه!! 
إن من يتابع الإعلانات يظن أننا أصبحنا أغنى شعوب العالم وأكثرها رفاهية وثراء، نعيش داخل منتجعات سكنية فاخرة بعشرات الملايين، نستمتع بالإجازات بأروع وأغلى الشواطئ، وحينما يشاهدون المسلسلات يشعرون أننا نعيش فى مستنقع من السوقية والدموية والإدمان، وفى دولة يحكمها قانون القتل والدم والابتزاز، وينخر فى عظامها الانحلال الأخلاقى والخيانات الزوجية والأمراض النفسية، دولة تتسيدها لغة السلاح والعصابات والبلطجة!!
ما هذا التوحش والسفه والاستفزاز الذى جعل الإعلام يتوارى وينزوي، ليتصدر الإعلان المشهد بوجهه القبيح المستفز؟! ليس لفقراء الوطن فحسب، وإنما للطبقة المتوسطة الكادحة، التى نشأت على أن القانون والتربية والتعليم والدين هى الأسس التى تحكم  المجتمع، الطبقة العريضة التى لا تعيش فى فيلات فاخرة بعشرات الملايين، ولا تمتلك سيارات» ليمتد إيديشن»، وإنما تعيش فى بيوت طيبة، وتمتلك الرضا وغنى النفس، تلك الشريحة التى لم تكن تعرف» السرسجية» ولا المطاوى والسنج والجنازير، ولم تشاهد» الديلرز» على النواصى يبيعون المخدرات، إلا حينما ظهروا فى الأفلام والمسلسلات، ولم تستمع للغة البذيئة التى يتحدثون بها فى الأفلام، وكأنها جزء من قاموس لغتنا الجميلة!! إن أفراد هذه الطبقة ليسوا ملائكة ولكن ليس لديهم علاقات غير شرعية بالجملة، ولا فيديوهات فضائح يهددون ويساومون بها بعضهم، لم يعرفوا تلك الحالات الشاذة، ولم تتفتح عيون أبنائهم عليها، إلا حينما التقطتها الكاميرات وركزت عليها، وقسمت مصر إلى مجتمع فاحش الثراء معدوم الأخلاق والمبادئ، وآخر مدقع الفقر تسوده الدموية والبلطجة!!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة