ملائكة الرحمة
ملائكة الرحمة


قصص من دفتر أحوال ملائكة الرحمة في «عزل كورونا»

شيماء مصطفى كمال

الإثنين، 24 مايو 2021 - 12:39 م

◄إسلام: ملتزمة بعملي في العزل.. وأتواصل مع ابني المريض بـ«الفيديو كول»
◄عفاف: الظروف أجبرتني على فطام رضيعي .. ومطالبة بعض المرضى كتابة وصيتهم  الأصعب

اختلفت طبيعة الحياة مع ظهور فيروس كورونا، ومن أكثر الفئات التي تأثرت بذلك، هم الطاقم الطبي من أطباء وممرضين وممرضات، فهم يقضون أغلب أوقاتهم في مستشفيات العزل، التي تحرمهم من التواجد مع ذويهم، في أدق تفاصيل حياتهم، ويتحول التواصل بينهم إلى الحديث عبر الإنترنت ومكالمات الفيديو كول، منهم من يترك أبناءه في سن صغيرة، وتضطر بعض الأمهات لفطام رضيعها لوجودهن في العزل، ومنهم من يترك والده أو والدته المريضة لأداء الواجب الإنساني.

«الأخبار المسائي» ترصد حكايات كثيرة عن حياة ملائكة الرحمة داخل مستشفيات العزل وتأثر حياتهم الشخصية والعائلية.



اقرأ أيضا|إعلانات «الفنكوش» تبيع الوهم للمواطنين الغلابة 
 

إسلام محمد أم لثلاثة أبناء، بنتين وولد لم يتعد الثلاث سنوات، مريض بمرض نادر، ورغم ظروفها العائلية الصعبة إلا أنها لم تغفل ثانية عن دورها الإنسانى كممرضة تساعد مرضى كورونا داخل العزل، تقضى 14 يوم عزل، وبعد خروجها من المستشفى تعزل نفسها 5 أيام أخرى لتأكدها من عدم ظهور الأعراض خوفاً على أبنائها، خاصة عن صغيرها لمناعته الضعيفة.

«بسيب ابني لوالدتي المُسنة، وهو محتاجني، فهو يعاني من مرض نادر علاجه لا يوجد في مصر، وأمي لا تستطيع متابعته بالقدر الكافي لأن السن له حكمه، فهو يحتاج رعاية خاصة، علاج طبيعى وأكل بشكل معين، وبالرغم من ذلك لم أقصر في عملي وأتمنى من الرئيس الأب علاج ابني فهد.

استطردت إسلام في حديثها قائلة: «كل يوم بيتصاب حد مننا، وأنا أصيبت مرتين حتى الآن، وكان يتم عزلي بالمستشفى، وبنشوف الحالات بتموت، وفي زميلة لنا توفت بكورونا في الموجة الأولى، وفي حالات ربنا بيكتب لها الشفا ويخرج تاني للحياة.

اقرأ أيضا|بعد إحباط 5 محاولات في العيد.. زواج القاصرات شوكة في «ضهر المجتمع»

وأضافت: «أنا شغالة في العناية المركزة، وبيكون فيها حالات صعبة جداً، بنحاول نخفف عنهم بأننا نتكلم معاهم أو نضفي جو من المرح والفرحة عليهم، لأن نفسيتهم تكون تحت الصفر، إحنا بنقضي وقت طويل مع زميلنا والمرضى أكثر من اللى بنقضيه فى بيتنا مع ولادنا، بس ده دورنا وبنبقى فرحانين أوى لما بنشوف حالة خفت وخرجت من العزل، إحنا بنقعد بلبسنا المعقم 12 ساعة، وبنغير بين كل حالة والأخرى، وبنكلم ولادنا فيديو كول عشان أقدر اطمن عليهم، وخاصة ابنى اللى محتاج رعايتي لأنه فى وقت عزلى مش بياكل ويعتمد على العصائر فقط، لأن أكله لازم يكون بطريقة معينة ووالدتى مش بتقدر تأكله، وجلسات العلاج الطبيعي تتوقف حتى خروجي من العزل، لأن أنا الوحيدة اللي بقدر أعملها، ووالده بيكون في الشغل فمش بيقدر يتابع الأولاد».


هناء السيد ممرضة قالت: «مش بقدر أتابع والدتى المريضة بالكانسر، لارتباطى بالعمل في العزل، فأغلب وقتي بعيدة عن المنزل، وشقيقاتي يقمن بالمهمة، خاصة أننى لا استطيع التعامل معها مباشرة إلا في نطاق ضيق، بسبب خوفى عليها لمناعتها الضعيفة».    

وأضافت قائلة: «بكلم أمي كل يوم فيديو عشان اطمن عليها، وعدم وجودي بجوارها يؤثر على نفسيتي، فضلاً عن الحالات التى نقابلها يومياً، ومن يموت منا، كل هذا له أثر سلبي على النفسية، ونحاول بقدر الإمكان أن نهون على بعضنا البعض».    

«لو حد من المرضى طلب أكل معين بنعمل حسابه معانا ونبعتله منه، ونتواصل مع أهلهم لطمأنتهم، كل ده مش رسمي، بس الجانب الإنساني يحتم علينا ذلك»، هكذا قالت هناء، مشيرة إلى أنها تتمنى زوال الغمة قريباً، بعد فقداننا لناس عزيزة على قلوبنا فى ظل أزمة كورونا».

ميس عفاف مشرفة تمريض لديها ثلاثة أبناء تتركهم فترة العزل، منهم طفل سنتين، اضطرت لفطامه عندما أتم عامه الأول،  بسبب ذهابها للعزل بالمستشفى للقيام بعملها كممرضة ومساعدة المرضى، تترك ابنها الصغير لدى إحدى أقاربها لرعايته، لأن أبنائها لا يستطيعون رعايته، قائلة: «إحدى المرات اضطررت لتركه مع أخوته، وعندما عدت من العزل وجدته يعاني من مشاكل فى المعدة بسبب عدم الاهتمام بتغذيته، فضلاً عن أن أبنائي يأكلون من الشارع، فى فترة عملى بالمستشفى، وأيضاً مستواهم التعليمي يتأثر خلال فترة العمل». 

«بقضى 14 يوماً فى العزل و14 فى البيت، بس بعد خروجي من المستشفى، بكون تعبانة من مجهود أيام العزل، وبكون نايمة فترات طويلة، بحضر الأكل لولادى بس، ومن أصعب الحالات، من يطلب منّا كتابة وصيته، فى حالة  وفاته، قائلة: «طلبت إحدى الحالات مع تدهور حالتها بالعزل الإتيان لها بورقة وقلم وكتابة وصيتها وإعطائها لأبنائها، عند وفاتها، كلماتها أبكت طاقم التمريض».

اقرأ أيضا|البوظة.. كأس الغلابة

علاء محمد ممرض قال: «بنقضي وقت طويل فى المستشفى مع المرضى، بنتعود على إننا عايشين مع بعض، بس أكثر حاجة بتوجع لما حد بيموت منّا،  إحنا كل يوم بنفقد حد من زمايلنا بنقع واحد ورا التاني، الإصابات كتير، وده بيصيبنا بالإحباط فى أوقات كثيرة، ولكن نحاول تمضية الوقت ومحاولة مساعدة المرضى من الناحية النفسية لأنها تساعد على شفائهم». 

وأضاف علاء قائلاً: «لما برجع من 14 يوماً عزل بخاف ارجع على البيت مباشرة، وبعزل نفسى 4 أيام، خوفاً على أبنائى الصغار وزوجتى ووالدتى المسنة المريضة، وطول الوقت أكون حذر، وارتدى الماسك أثناء التعامل، من الممكن أن أكون حاملاً للفيروس ويظهر علىّ الأعراض بعد خروجى من العزل».

«فى المستشفى بنقابل حالات أهلها يرفضوا السؤال عليهم أو الإتيان لهم بطعام أو عصائر، وطاقم التمريض بيشتروا حاجات لمثل هذه الحالات، عشان ميحسوش أنهم لوحدهم، وأحياناً الأبناء بيرفضوا يستلموا والدهم أو والدتهم بعد التعافى، خوفاً من العدوى»، وبالطبع هذا يؤثر على نفسية المريض.وفى بعض الأحيان نفتح فيديو كول للمريض مع أهله أو يتصل تليفونياً لطمأنتهم، بالرغم من هذا التصرف غير رسمى، ولكن الإنسانيات تحتم علينا القيام بذلك.

محمد على ممرض أكد أنه يعمل فى العزل من العام الماضى، وأصيب فى الموجة الأولى بكورونا، وشاهد العديد من الحالات التى توفيت أمامه، سواء من الطاقم الطبي أو من المرضى، وكان له أثر سيئ على النفسية، ولكن أكمل عمله، وبالطبع طبيعة عمله تؤثر على حياته الشخصية والعائلية.    

ويقول محمد: «تقريباً مش بشوف أهلى وخطيبتى كتير، لأنى بقضى 14 يوم عزل فى المستشفى، وأخرج زيهم، بس لما بخرج بعزل نفسى فى شقة لوحدى خوفاً من أن أكون حاملاً للفيروس، ولم يظهر عليّ الأعراض، وبتواصل مع خطيبتى وأهلى من خلال الفيديو كول ».

وأضاف قائلاً: «بقابل مرضى كثيراً، والإصابات هذه الفترة كبيرة، وفى ناس بتموت سواء من زمايلنا أو المرضى، بنحاول نخفف عنهم بأننا نتكلم معاهم، نتواصل مع أهلهم بشكل ودى، لأنه ممنوع دخولهم للزيارة، وكمان بنشغل لهم أغانى، ونجبلهم أكل بيحبوه».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة