لقطة من «٢٠٠ متر»
لقطة من «٢٠٠ متر»


صناع السينما الفلسطينية: الأفلام أحد أسلحتنا في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي

إسراء مختار

الثلاثاء، 25 مايو 2021 - 05:55 م

 

كل شيء على أرض فلسطين أقدم عمرا من الاحتلال، حتى السينما التى عرفتها القدس منذ بدايات القرن العشرين، وما بين رعيل الرواد الأوائل وجيل الشباب الحالي، أشهر صناع السينما أفلامهم فى وجه المحتل الغاشم، وبينما يعزز الاحتلال ترسانته العسكرية على مر الزمان، كرس صناع السينما كاميراتهم وقصصهم وطموحهم لأجل القضية الفلسطينية..

يقول المخرج سعود مهنا رئيس ملتقى السينما الفلسطينية: "السينما سلطت الضوء على القضية بطريقة كبيرة، بدأت بأفلام وثائقية بسيطة منذ عام ١٩٣٦، وكان قمة العطاء بعد ١٩٤٨، خاصة فى بيروت حيث تأسست دائرة السينما الفلسطينية، وبدأ الكثير من المخرجين الفلسطينيين والعرب فى صناعة أفلام عن القضية الفلسطينية ترجمت إلى عدة لغات وبدأ العالم يشاهدها".

الغربة والمخيمات وحلم العودة..  أبرز حكايات الأفلام

وأضاف مهنا: حملت الأفلام حكايات عن الشتات والغربة ومخيمات اللاجئين المنتشرة فى بيروت والأردن وسوريا، وحياة الفلسطينى التى تغيرت بعد ما كان فى بيته فى عكا ويافا وحيفا واللد وكل فلسطين، وأصبح لاجئا فى مخيمات صغيرة، فبدأ المخرجون يصورون حياة الفلسطينى التى تبدلت، ويصنعون أفلاما عن الأطفال والشيوخ والعجائز وحلمهم فى العودة.

ويقول:" لعبت السينما دورا كبيرا ومهما فى توصيل القضية وعذابات الإنسان الفلسطينى فى الشتات وإصراره على المقاومة والعودة".

الكثير من الأفلام وصلت لأهم المهرجانات العربية والعالمية أثرت فى الرأى العام العالمي، وأثبتت أنها قوية وحصدت جوائز وهى تتكلم عن القضية الفلسطينية، مثل «الجنة الآن»، و»يد إلهية» وأفلام عديدة لمخرجين مثل ميشيل خليفة ومى المصرى ورشيد المشهراوى وهانى أبو أسعد، وهو انتصار للسينما الفلسطينية وتوصيل رسالة ونضال الفلسطينى من أجل استرداد أرضه.

وأضاف: ملتقى الفيلم الفلسطينى أيضا كان له دور فى تأسيس مهرجان القدس السينمائي، وأسس مهرجان العودة السينمائى قبل عدة أشهر كانت دورته الرابعة، كما مثل الملتقى فلسطين فى مهرجانات عربية فى مصر والجزائر والأردن والسودان ودبى ودول كثيرة، بالإضافة للتعاون مع الجامعات الفلسطينية والمؤسسات الثقافية التى تدرب الشباب على صناعة الأفلام، ويعتبر الملتقى مكانا يجمع العديد من نجوم السينما والفنانين والكتاب وكل من يعمل فى تلك الصناعة.

ومن جانبه يقول المخرج الشاب أمين نايفة: "لعبت السينما دورا مهما فى دعم المقاومة، بداية من وحدة السينما أيام منظمة التحرير والتى كانت تنتج أفلاما عن المقاومة ومخيمات اللجوء والقصص الإنسانية، وكان هناك أفلام عربية عن فلسطين، كانت قليلة لكن موجودة، وصولا إلى أن الفلسطينيين أصبحوا يحكون قصتهم بأنفسهم بداية من أفلام ميشيل خليفة حتى اليوم".. 

التمويل معضلة السينما الفلسطينية

وأضاف نايفة: رغم كل هذا التطور فى القطاع السينمائى الفلسطينى لكنه غير كاف، فاليوم تصل أفلامنا لمهرجانات عالمية، لكننا لا ننتج بالزخم الكافى الذى يوصل قضيتنا للجمهور العالمى بطريقة عادلة، فإذا أردت حشد الناس لدعم قضيتك عليك أن تحكى لهم ما يحدث على أرض الواقع.

وعن الصعوبات التى تواجه صناع السينما قال: أنا كصانع أفلام كانت رحلتى طويلة جدا ومليئة بالعقبات، سبع سنوات نبحث عن تمويل، فنحن حتى الآن ليس لدينا صندوق قومى فلسطينى لدعم الأفلام، فنعتمد فى الإنتاج على صندوق دعم الأفلام العربية، صندوق الدوحة، منحة آفاق لدعم الأفلام، المورد الثقافى، وهذه المنح يتنافس عليها كل المحتوى العربي.

والطريقة الثانية الأكثر اتباعا هى الإنتاج المشترك مع أوروبا، وهو ما قد لا يمنحك مساحة كافية لحكى قصتك لأنه يرغب فى محتوى يرضيه نوعا ما.. ومن الصعوبات التى واجهتها أثناء البحث عن تمويل لفيلمى أنهم كانوا يقولون لى «كمان قصة عن فلسطين والاحتلال والجدار، الناس عارفة، إحكى شيئا جديد، قصة حب، عمل كوميدي» وهذا شيء مستفز جدا، وكأنهم يقولون خلاص حكيتم قصتكم بيكفي، نحن يجب أن نحكى قصتنا كل يوم.

ويقول نايفة عن دور المهرجانات فى دعم القضية الفلسطينية:" هى أهم المنابر والنافذة الأولى التى نصل منها للجمهور، لأن بها تغطية إعلامية ونقادا وصحفيين قد يكتبون عن الفيلم إذا أعجبهم وتنتشر أخباره فيعرف عنه الجمهور كما يسهل توزيعه ووصوله لدور السينمات والمنصات الإلكترونية، وهناك أفلام فلسطينية وصلت للترشيح النهائى للأوسكار، وهو ما ينعكس على الرأى العام ويحقق وعيا نوعا ما تجاه القضية الفلسطينية.

وعن تفاصيل تجربته فى فيلم «٢٠٠ متر» يقول نايفة: هو فيلمى الروائى الطويل الأول، واستغرق إعداده نحو ٨ سنوات، والدافع الأساسى له تجربة شخصية، عشتها وعاشتها الكثير من العائلات التى تفرقت بسبب جدار الفصل العنصري، فأصبح هناك فلسطينى الداخل أو فلسطينى ١٩٤٨ الذين يحملون الجواز الإسرائيلي، وفلسطينى الضفة الغربية، وأنا من الضفة وأمى من الداخل، والجدار الذى بنى وعمرى ١٤ سنة حرمنى من التواجد عند أهل أمى جدى وجدتى وأخوالى وأصدقاء طفولتي، وهو ما خلق عندى ذكريات مؤلمة، مع تراكمات وقصص لأشخاص غيرى وعائلات تفككت وأزمات لا نزال تعيشها، ومن هنا جاءت قصة الفيلم تحكى عن أب من الضفة الغربية زوجته من عرب الداخل، وبينهم الجدار ومسافة ٢٠٠ متر فقط، يدخل ابنه مستشفى إسرائيلى ويضطر الأب للتعامل مع مهربين وتعريض حياته للخطر ليحصل على حق إنسانى أولى فى أن يكون مع ابنه.

وافتتح الفيلم فى مهرجان فينيسيا وفاز بجائزة الجمهور، ثم حقق نجاحا مبهرا فى مهرجان الجونة، ولا يزال الفيلم فى جولة حول العالم حصد خلالها ٢٠ جائزة، منها ٥ جوائز جمهور، و٣ حقوق إنسان، و٣ أحسن ممثل.

واختتم نايفة حديثه قائلا: فى النهاية نحن بحاجة لعمل أفلام تحكى قصتنا وحياتنا ونؤرخ للفترة التى نعيشها، لأن الاحتلال يصنع أفلاما ويقدمها للعرب ويحكى فيها قصتنا من وجهة نظره، وهذا خطر جدا ولا يجب أن نسكت عليه لأنه يشوه فينا، والكثير من الأفلام الإسرائيلية تتحدث بالعربية على أنها أفلام فلسطينية تحكى واقع فلسطين، وهذه مشكلة كبيرة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة