علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب


يوميات الأخبار

نور فى نور.. على نور

علاء عبدالوهاب

الثلاثاء، 25 مايو 2021 - 06:05 م

«ووجدتنى أهتف متوسلاً متضرعاً: ربى إنى مسنى الضر، فلا تحجب عنى نورك، الضر شدة فى بدنى، ونورك يهدى قلب المؤمن فلا تحرمنى من شعاع مشكاتك»

فى لحظات الضعف الإنسانى يكون العبد أقرب ما يكون إلى ربه.

الشدة، المرض، الامتحان، الأزمة، لحظات تؤكد للإنسان كم هو ضعيف، وأن لجوءه لرب العالمين الملاذ لتجاوز ما يعانيه، إنه الفرق بين مقامين: الربوبية والعبودية!

المرض على وجه الخصوص، لاسيما إن كان شديداً أو خطيراً، أو تشير الاحداث المحيطة بأنه قد يكون مميتا، عندئذ يقترب الإنسان أكثر وأكثر من الخالق العظيم، إما التماساً لعفوه، ورجاءً فى رحمته، أو انتظاراً لقضائه، وفى كل الأحوال فإن العبد المؤمن يكون متيقناً أن ما يدخره سبحانه لعبده أفضل مما يتمناه.
وتحت وطأة كورونا، ومع التداوى، والرعاية الطبية المكثفة، يشعر المرء أن قربه من المولى جل وعلا وحده الذى ينزل السكينة على قلبه، ويجعله أكثر قدرة على تقبل أى أمر، حتى لو أفضى الفيروس إلى أن يلقى الإنسان ربه.

القرآن الكريم يدخل على القلب طمأنينة تامة، وسواء تقرأ أو تستمع إليه، فإن بعض آياته يكون لها على النفس وقع كأنك تتلوها أو تنصت إليها لأول مرة!
ربما حدث ذلك معى فى مواضع كثيرة، لكن الآية «٣٥» من سورة النور بقدر ما أطربنى بلاغتها، وكل القرآن بليغ، بقدر ما مست روحى ودعتنى للتأمل والتدبر فى صياغتها رائعة الجمال، بما تشمله من صور بلاغية متراكبة.

«اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِى اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»
الله..الله.. الله.. الله.......

لا أعرف كم مرة رددتها بصوت خافت مرات، ونبرة مرتفعة أكثر من مرة، وبين ذلك وتلك قلتها مراراً، ولبرهة حسبت نفسى من الدراويش!

قرأت الآية- على مدى عمري- مئات المرات، واستمعت لها عبر المذياع والتلفاز، وفى صلوات الجماعة الجهرية ربما آلاف المرات، لكن فى تلك اللحظات الروحانية المفعمة بالرجاء والأمل، كان لوقعها على النفس مذاق مختلف تماماً.

فيوض من نور

نور على نور، فوق نور، فى نور.

متعدد الظلمات، لكن النور واحد فى مصدره وسطوعه وانتشاره، فلا نور إلا نوره سبحانه.

ووجدتنى أهتف متوسلاً متضرعاً: ربى انى مسنى الضر، فلا تحجب عنى نورك، الضر شدة فى بدنى، ونورك يهدى قلب المؤمن فلا تحرمنى من شعاع مشكاتك، إن كنت راض عنى.

يانور أنت- سبحانك- النور، نور كل شىء من مخلوقاتك، ما نعرفه، وما لا ندركه، ولن نحصله.

سال دمعى مع كل مرة أعدت فيها قراءة الآية التى ما تذوقت نثراً أو شعراً فى جمال بلاغتها، ما أبلغ إعجازك ربى، فاهدى بنور إيمانك قلبى، واشفنى واعف عنى.

لدقائق ظللت أقرأ نفس الآية، واتمهل عند قوله تعالي: «يَهْدِى اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ» فارفع عينى وكفى متضرعاً راجياً أن أكون ممن يشملهم سبحانه بالسير فى هدى نوره.

غشينى نعاس خفيف أفقت منه مردداً:

سبحانك ربى ما أبلغ تنزيلك، ما أروع وأبهى وأجمل نورك فى السموات والأرض، ثم حروفاً مضيئة فى آيات كتابك العظيم.
حكايتى مع «رمد سيڤير»

أثارت الأشعة المقطعية فزعاً لم أحط به علماً إلا بعد زوال الخطر!

لكن المسحة أكدت وجود الفيروس اللئيم.

زارنى الطبيب بعد أن اطلع عبر «واتساب» ابنتى، وكان غريباً أن يأتى بعد منتصف ليل الجمعة، ولا يؤجل زيارته لصباح اليوم التالي!
اطلع على كافة التحاليل التى طلب إجراءها، وأجرى قياسات الضغط والحرارة والاوكسچين فى الدم، ثم استمع لضربات القلب وحالة الرئتين.
صمت لبرهة، قبل أن يقول:

سوف أصف لك دواء غالى الثمن.

ليس هناك ما هو أغلى من الصحة، والله المستعان.

الحقيقة أن المشكلة ليست فقط فى ارتفاع سعره، وإنما فى صعوبة العثور عليه!

أليس له بديل؟

للأسف أنه بالذات أهم بند فى بروتوكول علاجك، وإن كنت لا أحب استخدام هذا التعبير!

كم سعره؟ وكيف تساعدنى فى الحصول عليه؟

سعره الرسمى أقل من ٥٠٠ جنيه، لكن فى السوق السوداء- وآسف لاستخدام هذا اللفظ- قد يتجاوز الألفى جنيه! وربما كان اللجوء للمعارف الحل السريع للحصول عليه.

«رمد سيڤير».. إنه العقار الذى لا غنى عنه فى حالتى، وكان أول مهام من حولى، وبالطبع العبدلله فى الصباح الباكر التواصل مع كل من نتوسم فيه إمكانية المساعدة.

وعود.. وعود.. وعود، ليس إلا!

اعتذارات توالت، ثم لاح أخيراً أمل العثور على «رمد سيڤير» بسعر ١٥٠٠ جنيه للعبوة التى سوف يتم «استيرادها» من أحد الأقاليم القريبة من القاهرة!
عندما وصلت الكمية المطلوبة- وبالمناسبة تم ذلك على أكثر من مرحلة- لفت نظرى ان السعر المطبوع لا يتجاوز الـ٤٧٠ جنيها فقط لاغير، مع وجود اشارة على العلبة بأنه «خاص بمصر فقط»، لكن من تطوع بإنجاز المهمة أكد لى أنه أحد العقاقير التى يتم تهريبها بهمة ونشاط بالغين، نظراً للأرباح الطائلة التى تعود على السلسلة القائمة على عملية التهريب! ربما كان الحال يشبه اليات عمل «اللوبي»!

من نافلة القول إن كل الصيداليات التى تم السؤال فيها عن «رمد سيڤير» كانت الإجابة مثل نماذج الامتحانات: للأسف غير موجود، لا تجهد نفسك فى البحث!
المدهش أن آخر ما وصلنى من الكمية اللازمة لعلاجى كان يحمل على أحد وجوه العبوة السعر الرسمى، بينما على الوجه المقابل باركود الصيدلية مسجل عليه سعر البيع الفعلى البالغ ١٥٠٠ جنيه، مع اسم الصيدلية، بالطبع!!

الخطير فيما حدث ليس فقط مضاعفة السعر لأكثر من ثلاثة اضعاف الثمن الأصلى، وإنما صعوبة الحصول على العقار الذى قد يمثل مسألة حياة أو موت دون مبالغة كما فهمت من طبيبى المعالج، ليس لى فقط، وإنما لكثيرين.

أرجو أن تعتبر وزيرة الصحة هذه السطور بلاغا رسمىا يستوجب التحرك العاجل.

الجمهور المفترى عليه

بضمير مرتاح تماماً أقول لصناع دراما رمضان: بصدق.. الجمهور «مش عايز كده»!

اما تفسير «كده» فإنه ينصرف هنا لأكثر من ٨٠٪ مما شاهدناه من مسلسلات على شاشة التلفاز خلال الشهر الفضيل.

باستثناء اعمال لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة، فإن ما تابعه الملايين لا علاقة له بمصر والمصريين، ما كل هذا العنف؟ ماكل هذا الشر؟ هل هذه هى الحارة المصرية الآن أو أمس أو حتى فى زمن الفتوات؟ هل هذا صعيد مصر وهؤلاء هم الصعايدة، وتلك هى سكناهم؟!

لماذا انزلق نجوم كبار- هم يعرفون أنفسهم-إلى المبالغة والفجاجة فى التعبير والأداء، وانتهاك لغتنا الجميلة محور هويتنا؟

لماذا ركزت أعمال كثيرة على النماذج السلبية من البشر وبإلحاح غريب؟ هل غابت النماذج السوية التى يمكن أن تمثل قدوة طيبة لأجيال تقتات على مدى سنوات طويلة دراما سامة؟

الجمهور فى ظل أجواء كورونا الكئيبة كان ينتظر شاشة مختلفة تماماً، تتنافس فيها الأعمال المتميزة، لاضفاء مناخ ينسى من يعانون المرض، أو ذويهم، أو القلقين من الاصابة بالكوفيد اللعين، غير أن ما حدث أضفى فوق الكآبة كآبة، باستثناءات ضئيلة للغاية.

نموذج مثالى للخيال العقيم!

كل الأعمال الدرامية المتواضعة «كوم»، «وكوفيد ٢٥».. «كوم لوحده»!

لا خيال بالمعنى العلمى أو غير العلمى، لا منطق، لا صنعة، لا دراما.. باختصار لا شىء يستحق التوقف أمامه، إلا بداعى استهجان ما تضمنه من «افتكاسات» اثارت الدهشة احياناً، ثم الفزع فى وقت الناس لا تحتمل بأكثر من عبء توابع «كوفيد١٩» التى مازالت تتوالي!

مازلنا نرزح تحت ظلال كورونا اللعينة، فإذا بصناع «كوفيد ٢٥» يسوقونا لنا بشرى تنتظرنا بعد أقل من ٤ أعوام، وأن النسخة الجديدة تنتقل خلالها العدوى عبر النظر فى عين المصاب!

لم يدقق المقتبس للكثير من الأحداث، أقصد المؤلفة فى مدى انتماء ما تذهب اليه إلى العلوم الطبية وقواعدها ومعاييرها، ولو كانت قد فعلت لعلمت ان «كوفيد» يفترس اساساً الجهاز التنفسى لضحاياه، وان تأثرت اجهزة أخرى، لكن الاصل استهداف الفيروس للرئة، لا الجهاز العصبى والمخ بالذات.

هل يحتاج المشاهد المسكين لأسباب إضافية، تضاعف من فزعه وقلقه فى الحاضر والمستقبل القريب، ليقرر صناع، «كوفيد ٢٥» إضفاء مزيد من الكآبة على النفوس؟

السؤال الأهم: ألم يشاهد البطل والمؤلفة أعمالاً تنتمى-فعلاً للخيال العلمى أو للمستقبل فى السينما العالمية أو الدراما فى دول تعتمد على الافكار المبتكرة والإبداع الاحترافى لصناعها، حتى تثير القريحة أو الغيرة المهنية فى حالتنا تلك؟

للأسف: رغم عرض اعمال متواضعة بكثرة على شاشة رمضان، فإن «كوفيد ٢٥» يتميز بأنه الاكثر تواضعاً حتى لا نقول انه الأسوأ! يكفى أنه نموذج مثالى للخيال العقيم!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة