جمال فهمى
جمال فهمى


من دفتر الأحوال

قضية لن تموت

جمال فهمي

الثلاثاء، 25 مايو 2021 - 07:29 م

حلت علينا منتصف هذا الشهر الذكرى الثالثة والسبعون لنكبة سرقة فلسطين من شعبها ونشلها من التاريخ ومحاولة نزعها حتى من جغرافيا أمتها.. ذكرى أكبر وأسوأ حادثة سرقة فى تاريخ الإنسانية. حلت الذكرى هذا العام مصحوبة بمحرقة مروعة ومتفوقة فى الخسة والبشاعة نفذتها آلة القتل الجهنمية للعدو بحق أهلنا فى فلسطين، وقد زاد من هولها ووجعها أن النظام العربى الرسمى حاليا فى أسوأ وأحط حالاته وأشدها جلبا للعار، لدرجة أن بعض مكوناته لم تعد تدارى تواطؤها مع العدو واصطفافها العلنى فى خندقه.
ومع ذلك، هل ثمة داع لليأس؟ الإجابة، «لا» كبيرة جدا، فهناك برغم بشاعة وفظاعة المشهد الراهن، بقعة ضوء كبيرة صنعها ويوسع من حجمها كل يوم أهلنا الصامدون فى فلسطين، إذ يُعلمون الدنيا وينافسون أنفسهم فى إجتراح آيات معجزات من البطولة والبسالة وإبداع وسائل مقاومة تتحدى آلة القتل والهمجية الصهيونية - الأمريكية.. أنظر يا عزيزى إلى مشاهد ووقائع المعركة الأخيرة وتأمل فيها لتكتشف كيف صنع أهلنا فى فلسطين لوحة كفاح أسطورية رائعة ونبيلة هزت ضمير الإنسانية وألحقت بالعدو ومناصريه هزيمة أخلاقية ساحقة، ما يجعلنا على يقين أن قضيتنا العادلة وأرضنا المسروقة لن تضيع ولن يطويها النسيان أبدا ومهما طال الزمن.
وبعد.. قد يبدو عند البعض أن ما فات من سطور، كلام يقطر بالعواطف ويخاصم التفكير الواقعى والعملى، ويعترف العبد لله بأن عواطفه جياشة فعلا، لكننى مؤمن بحقيقتين اثنتين، أولاهما أن العاطفة فى ما يخص شئون وقضايا الأوطان والأمم، حاضرة دائما وهى ليست عيبا، بالعكس هى ميزة باعتبارها منبعا للإخلاص والحماس ومحفزا للعقل أيضا، والحقيقة الثانية، أن احتفاظ أى شعب بقدرته على المقاومة وتحدى الهزيمة وسوء الحال هى شرط لازم للنصر وانتزاع الحقوق الضائعة وهزيمة قوى الشر والعدوان.
غير أن الحماس والعواطف (على أهميتهما) يجب ألا تستغرقنا فننسى أن هناك ضرورة حيوية للاستفادة من بطولات وتضحيات أهلنا فى فلسطين المحتلة وتحويلها إلى رصيد قوى على جبهة الحرب السياسية مع العدو وحلفائه.. وإلى أن يكتمل هذا الوعى وننجز تلك المهمة لا مفر من الشروع الفورى فى البحث عن عقولنا الضائعة وانتشالها من بين ركام هائل غرقت فيه ومن ثم غاب عن إدراك الكثيرين حقيقتان بسيطتان وساطعتان ولا تحتاجان لشرح، أولاهما أن المشروع الصهيونى تجسد على أرض فلسطين وتمركز فوق أشلاء مجتمعها وشعبها، بيد أن خطره لم ولن يتوقف أبدا عند حدودها المرسومة على الخريطة.. هذا هو درس الماضى البعيد والقريب وخلاصة وقائع الحاضر.
فأما الحقيقة الثانية فتتعلق بذلك الاختراع العجيب الذى لم يسبقنا إليه أحد فى هذه الدنيا، إذ يقوم على إسقاط كل ممارسة لحق المقاومة بشتى صورها والتوقف عن إلحاق أى أذى بالعدو، والاكتفاء بالرهان الخرافى على إمكانية إقناعه بالحسنى أن يتخلى عن أراضينا وحقوقنا التى اغتصبها وسرقها.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة