كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

فى رحاب مكة والمدينة

كرم جبر

الأربعاء، 26 مايو 2021 - 07:25 م

مكة هذا العام غير كل الأعوام، لا تمتلئ حواريها وشوارعها وأزقتها إلا بأعداد قليلة بملابس الإحرام البيضاء، وترتفع أصواتهم بالدعاء الذى يجلجل السماء أن يزيح الله البلاء والوباء، مكة هذا العام تنقل رسالة الأرض إلى السماء، أن تزول الغمة وتعود القلوب المرهفة والمشتاقة إلى زيارة بيت الله الحرام.
المدينة المنورة وزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أجملها وهدوءها وسحرها وفنادقها وطرقها، تشعر فيها بالسكينة والراحة، ولكنها تشتاق لضيوف الرحمن، بقدر اشتياقهم أن ينزاح الوباء، وتعود الصقوس الروحية فى أقدس بقاع الأرض.
حكمة المولى عز وجل أن نشعر بالحرمان من شعائر عظيمة، تغسل الإنسان من ذنوبه وآثامه، ويخرج منها كما ولدته أمه، فأراد المولى أن يذكرنا بنعمه وفضله، فحالت كورونا دون السماح للملايين بتأديتها، وفى نفوس العاشقين والهائمين والمشتاقين لوعة، متى يرتفع نداء مئات الآلاف "لبيك اللهم لبيك" وتعلو الأصوات فى السماء مجلجلة، ذاكرة وحامدة لفضل الله؟
خير دعاء: "اللهم اصرف عنا الوباء، بلطفك يا لطيف، إنك على كل شيء قدير".
قلوب العاشقين تهفو إلى مكة المكرمة، والطواف بالكعبة المشرفة والسعى بين الصفا والمروة.. أيام هى الأفضل فى الحياة،حين نرتدى ملابس الإحرام، ونترك خلف ظهورنا كل الآلام والأوجاع، فما أجمل من أن تكون قريباً من المولى عز وجل، تشكو إليه ويعلو صوتك بالدعاء، وترجوه العفو والمغفرة، والستر فى الدنيا والآخرة.
أجمل شيء فى الحياة أن يستغنى الإنسان عن مغريات الحياة، فيؤمن أن اللقمة التى تهضمها معدته حتى لو كانت "عيش حاف"، أفضل مليون مرة من مباهج الطعام التى لا تستطيع معدته أن تهضمها، أو يكون محروماً منها بسبب العلل والأمراض.
راحة البال.. هى إكسير الحياة، فإذا كان وجهك أصغر من سنك، وملامحك مريحة وهادئة، وصوتك صاف وهادئ، وأعصابك ساكنة ومستريحة، وابتسامتك تأتى من الأعماق، وتنظر للناس بنفس صافية.. إذا كان كل ذلك، فأنت تتمتع بـ "راحة البال".. والبال هو الحال أو الشأن.
يقول أحمد رامى فى رباعيات الخيام: "لا تشغل البال بماضى الزمان.. ولا بآتى العيش قبل الأوان".
دعوت الله أمام الكعبة بـ "راحة البال"، ولن يعرف إنسان الراحة والانسجام والهدوء والسلام، إلا إذا أسلم وجهه لخالق الكون، وصعد دعاؤه من الأرض إلى السماء.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة