د.عبدالمنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية
د.عبدالمنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية


القاهرة للدراسات الاقتصادية تستعرض اقتصاد ما بعد كورونا

نرمين سليمان

الأربعاء، 26 مايو 2021 - 08:26 م

 قال د.عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن أزمة كوفيد-19 جاءت وما تطلبته من إتخاذ سياسات حكومية وقائية في جميع أنحاء العالم، واغلاق الكثير من الأنشطة الاقتصادية لمنع انتشار "كوفيد-19"، بمثابة تجربة عملية للتعايش في ظل انخفاض انبعاثات الكربون العالمية، ولأول مرة دخل قرابة 85% من الاقتصاد العالمي في حالة إغلاق عام لعدة أسابيع.

وتابع مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، واستمر تراجع معدلات الطلب العالمي على الطاقة ولعدة شهور.. ومن ثم كان للجائحة العالمية رغم سلبياتها المتعددة، تأثيرات إيجابية.. وأكد ضرورة إحداث تحول هيكلي من الاقتصاد البني إلى الاقتصاد الأخضر، والعمل على توجيه تفضيلات كل من المستهلكين والمستثمرين على حد سواء نحو المنتجات الخضراء المراعية للبيئة، وصياغة سياسات محفزة لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة.

واشار إلى أنه على الصعيد المحلي تسعى  مصر الى تبنــي منهجيــة الاقتصــاد الاخضــر لتحقيــق التنميــة المســتدامة وذلك في إطــار "رؤيــة 2030"، باعتبــاره الضامــن الأســاسي لحقــوق الأجيــال القادمــة في اســتخدامات المــوارد الطبيعيــة وفي عوائــد التنميــة، لتصبح دولة رائدة ونموذجا للتحول الأخضر في المنطقة العربية من خلال المشروعات القومية المتوافقة مع المعايير البيئية، والمدن الذكية، واستراتيجية الطاقة المستدامة.

وتابع: كما يستهدف البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، في مرحلته الثانية تعزيز مفهوم الاقتصاد الأخضر، والعمل على تركيز المشروعات والاستثمارات العامة أو الخاصة على أنشطة اقتصادية تحقق موضوع خفض انبعاثات الكربون والتلوث، وكذا تعزيز كفاءة الطاقة والموارد الطبيعية إلى جانب الحفاظ على التنوع البيولوجي، من خلال استهداف مُضاعفة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من 15% عام 20/2021 إلى 30% في خطة عام 21/2022، لتصل إلى 50% بنهاية عام 24/2025.

وقال عبدالمنعم السيد، إنه نظرا للأهمية المتزايدة التي يحظى بها الاقتصاد الأخضر في الآونة الأخيرة.. واستعرض مدير القاهرة للدراسات الاقتصادية بالتحليل لحجم التعامل بالسندات الخضراء دولياً ومحلياً باعتبارها أهم آليات التمويل الأخضر لتحفيز هذا النوع من النشاط الاقتصادي.

أولا: الوضع العالمي للتمويل الاخضر
تزايد الاتجاه العالمي لإيجاد اقتصاد أكثر اخضراراً، يوائم بين متطلبات الربحية من ناحية، والاعتبارات البيئية وتحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه البيئة من ناحية أخري.. وعلى الرغم من صعوبة تحديد القيمة الإجمالية للاقتصاد الأخضر في الاقتصاد العالمي بدقة، فان قراءة البيانات والإحصاءات المتاحة تؤكد النمو المتزايد الذي يشهده هذا القطاع وبمعدل يفوق نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي.

ووفقاً لتقديرات البنك الدولي بلغ حجم السندات الخضراء نحو 500 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية، ويوجد نحو 3000 شركة عالمية لديها ارتباط بالاقتصاد الأخضر، بإجمالي إيرادات حوالي أربعة تريليون دولار، بما يمثل نحو 6 % من الاقتصاد العالمي.

وبنهاية عام 2020 حققت إصدارات السندات الخضراء عالمياً مستوى قياسياً مرتفعاً عند 269.5 مليار دولار، وجاءت الولايات المتحدة كأكبر مصدر للسندات الخضراء بقيمة إجمالية 51.1 مليار دولار، تلتها ألمانيا بقيمة 40.2 مليار دولار، ثم فرنسا بقيمة اجمالية 32.1 مليار دولار.
وتعد مجموعة البنك الدولي، ممثَّلة في البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، من الرواد في تطوير سوق السندات الخضراء، حيث أصدر البنك الدولي أول سند أخضر في عام 2008، كما أصدرت مؤسسة التمويل الدولية سندات خضراء في عام 2010 تلبية لرغبة المستثمرين في بناء استثمارات متصلة بالأنشطة المناخية وذات دخل ثابت.

وفي عام 2013 أصبحت مؤسسة التمويل الدولية أول مؤسسة تصدر سنداً أخضراً معيارياً عالمياً بقيمة مليار دولار، مساهِمةً بذلك في تحويل سوق السندات الخضراء من الأسواق المتخصصة إلى الأسواق العامة.

وعلى مدار عقد كامل -الفترة من 2008 وحتى 2018- أصدر البنك الدولي أكثر من 13 مليار دولار من خلال ما يقرب من 150 سندا أخضرا بعشرين عملة لمستثمرين ومؤسسات استثمارية حول العالم. وتركزت أغلب هذه الاستثمارات في مشروعات الطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة، والنقل النظيف، حيث شكلت هذه القطاعات ما يقرب من 69% من التزامات السندات الخضراء.

كما أصدر بنك الاستثمار الأوروبي أول سند أخضر عام 2007، ألا وهو سند الوعي بخطر التغيرات المناخية بقيمة 600 مليون يورو، وبلغ معدل نمو اصدار السندات الخضراء بين عامي 2009 - 2018 نحو 8% سنويا. وتتمتع إصدارات السندات الخضراء بآجال طويلة حيث يستحق نحو 70% من تلك السندات بعد عشر سنوات أو أكثر.

أما بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية فهي تسهم بنحو 24.08% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، على حين تبلغ حصتها من الاقتصاد الأخضر نحو 37 % فقط.

ووفقاً لبيانات عام 2019 وقبل تفشي وباء كورونا، فان ما يقرب من 27 % من الإيرادات التي حققتها أكبر 500 شركة أمريكية و31 % من الإيرادات التي حققتها أكبر 1200 شركة عالمية تأتي من الاقتصاد الأخضر. خاصة مع استغلال الشركات الأمريكية لإمكانات نمو الاقتصاد الأخضر خارج الحدود الجغرافية للولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أهمية الصين وثقلها في الاقتصاد العالمي، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتقدر حصته من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 15.12%.

فقد كانت الصين من أكثر الدول تردداً في قبول السندات الخضراء عند إطلاقها، ومع ذلك فقد سارعت المؤسسات الصينية بإصدار سندات بالعملة المحلية داخل البلاد، كما أصدرت بعض المؤسسات الصينية سندات خضراء طرحت خارج البلاد وبعملات أجنبية تصل قيمتها نحو 2 مليار دولار. وفي عام 2016 أعلنت الصين عن خطة لإنشاء آلية وطنية للتمويل الأخضر، لتصبح بذلك أول دولة في العالم تقوم بهذه الخطوة.

وبالنظر الى تطور حجم الإصدارات الخضراء في الصين في الآونة الأخيرة، فقد أصدرت الصين ما قيمته 1.3 مليار دولار من السندات الخضراء خلال عام 2015، ثم زادت بمعدل متسارع لتصل الى 11.9 مليار دولار عام 2016، وخلال عام 2018 أصدرت الصين ما قيمته 31.2 مليار دولار من السندات الخضراء، بنسبة زيادة 33% مقارنة بالعام 2017، لتصبح بذلك ثاني أكبر سوق للسندات الخضراء في العالم. وتستهدف الصين إصدار "سندات خضراء" بنحو 46 مليار دولار لتمويل المشاريع البيئية التي شهدت اهتماماً متزايداً ونمواً سريعاً في السنوات الأخيرة.

اقرأ أيضا «القاهرة للدراسات»: مبادرة «المركزي» تؤكد إنحياز الدولة لمحدود الدخل

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة