إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة:

سمير غانم.. إجماع على الحب وسط الحرب

إبراهيم عبدالمجيد

الخميس، 27 مايو 2021 - 07:27 م

 

رحل سمير غانم فظهرت مشاعر الحب العظيم له من كل الأجيال. لم أقرأ انتقادا واحدا له. لا فى المواقع الافتراضية ولا فى الصحف والمجلات. إجماع مذهل على الحب من كل الأجيال. لم يكن ذلك غريبا لي، فما أكثر الليالى التى أنفقتها أشاهد مسرحياته فى التليفزيون، وأنام بعدها خاليا من كل هاجس كأنما غسلتنى الملائكة، لأصحو أجد اليوم مشرقا مهما كانت غيوم الشتاء، وأرى الناس فى طريقى كأنى أراهم لأول مرة كائنات بريئة طيبة تمشى لا تريد شئيا من أحد ولا من الدنيا. أعتقد أن هذا الشعور أحس به كل من هم من جيلى أو من الأجيال التالية، وكم هى السنوات التى أسعد فيها الاطفال بفوازير فطوطة ولقد صار الاطفال شبابا. الحديث عنه كفنان يحتاج الكثير من الكلام ويمكن إيجازه فى أنه لم يكن يمثل، بل كان شخصية حقيقية فيما يقدمه ونحن الذين نتطفل عليه ونراه ولا نتركه وحده بين زملائه. نذهب إلى المسرح أو نصوره دون أن يدرى ليراه الجميع، وهو لا يحتج علينا فهو فى حياته أمام الكاميرا أو على المسرح وربما كانت حياته خارجها هى التى تدهشه. مؤكد أنه بسبب بعده عن الحديث فى السياسة فى حياته لم نرى أحدا يسرع فى الحكم عليه بما قاله فى السياسة. السياسة التى كثيرا ما تقلل من رؤية البعض للفنان، وفى مثل هذه الحالات، الوفاة، تستيقظ ويبدأ اللوم دون أن يفرق البعض بين الفن وبين الرأي، ويقلب البعض فى دفاتر قديمة لا قيمة لها أمام روعة الفن. ومؤكد لحياته العائلية التى أبهجتنا وتبهجنا من زوجته الفنانة دلال عبد العزيز شفاها الله ومن الفنانتين الجميلتين ابنتيه دنيا وإيمي. ما لفت انتباهى هو أن الوفاة حدثت والدنيا كلها مشغولة بالمعركة بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني. الصواريخ من غزة والاحتجاجات فى الأرض المحتلة على التوسع الأسطوى للصهاينة فى القدس أو غيرها. معركة كبرى دمرت فيها اسرائيل آلاف من المنازل المدنية واستشهد فيها المئات بينهم أعداد كبيرة من الأطفال الفلسطينيين والنساء فى الوقت الذى لم تحمِ فيه القبة الحديدية المدن الإسرائيليلة من صواريخ حماس.العالم كله مشغول ومعركة كبرى لأول مرة على مواقع الميديا يحقق فيها الفلسطينيون انتصارا كل يوم ويضعون فيها قضيتهم أمام العالم كله. لكن هذا لم يجعل وفاة سمير غانم تمر بسرعة لا يقف عندها أحد. لو أن أحد أحصى ما كُتب عنه، سواء من مقالات أو تغريدات وتعليقات يجدها لا تقل كثيرا عما كتب عن المعركة بين الفلسطينين واسرائيل. لفت هذا انتباهى ففى مثل هذه الحالات تمر الوفاة بشكل عادى.تذكرت هنا وفاة الكاتب مصطفى لطفى المنفلوطى يوم محاولة اغتيال سعد زعلول عام 1924 وقصيدة احمد شوقى فى رثائه التى يقول فيها «اخترت يوم الهول يوم وداع.. ونعاك فى عصف الرياح الناعى» بسبب انشغال الناس مع سعد زغلول. طبعا الفارق أن مصطفى لطفى المنفلوطى كان كاتبا لا يصل إلى جميع الناس فلم تكن هناك سينما ولا تليفزيون، لكن الأمر تكرر حين مات المخرج العظيم حسين كمال وكانت الحرب الثانية على العراق وغزوها عام 2003 يملأ الصحف والفضائيات فكادت وفاة حسين كمال تُنسى وهو المخرج العظيم الذى نقل السينما نقلة كبيرة وأمتع وأذهل المشاهدين بأعماله. كيف تجاوز سمير غانم كل ذلك. إنه الحب الذى تجاوز الزمان والمكان لا تستطيع القلوب أن لا تعبر عنه وتملأ به الفضاء مهما شوهته الحروب.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة