جـلال عـارف
جـلال عـارف


فى الصميم

حل الدولتين.. والشرعية الدولية!

جلال عارف

الجمعة، 28 مايو 2021 - 06:40 م

 

الأحداث الأخيرة فى المنطقة باغتت إدارة الرئيس الأمريكى «بايدن» التى كانت قد وضعت الشرق الأوسط بعيداً عن أولوياتها الملحة فى الداخل «الوضع الاقتصادى وكورونا» وفى الخارج «التحدى الصينى والمشاكل مع روسيا والأزمة مع إيران».
عادت الولايات المتحدة للانخراط فى قضايا المنطقة بعد أن فرضت الحقائق نفسها، وبعد أن أدركت واشنطن أن قضية فلسطين ستبقى القضية المركزية حتى الوصول للسلام العادل والشامل وليس إلى الصفقات المشبوهة والانحياز الأعمى والأطرش والأصم للاحتلال الصهيونى ومخططاته للتوسع فى الأرض العربية.
وعادت الولايات المتحدة إلى المنطقة والأحداث تؤكد مركزية الدور المصرى للأمن والسلام والاستقرار فى المنطقة، وأن كل محاولات حصار هذا الدور لا طائل منها أمام الحقائق على الأرض حيث قدمت مصر نموذجاً يحتذى فى حربها على الإرهاب، ثم فى فرض مسار استعادة شعب ليبيا للمسار الصحيح نحو استعادة الدولة من براثن الفوضى وميليشيات الإرهاب والمرتزقة ثم فى التصدى للمخاطر على نهر النيل وإعطاء الفرص لحل الأزمة التى تثيرها إثيوبيا بالاتفاق القانونى الملزم الذى يحفظ حقوق كل الأطراف وقبل ذلك وبعده.. بالسير قدماً على طريق امتلاك القوة بكل عناصرها الاقتصادية والثقافية والعسكرية التى تحمى الحقوق وتفرض السلام.
فى الاتصال الهاتفى مع الرئىس السيسى تناول الرئيس بايدن كل هذه القضايا منوهاً بالجهد المصرى الفائق لإيقاف إطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين، واعدا بالدعم الامريكى لتثبيت الهدنة وبدء الاعمار فى الأرض الفلسطينية وبدعم الجهود لإتمام المرحلة الانتقالية فى ليبيا وببذل الجهد الأمريكى للتوصل - عبر الحل الدبلوماسى - لاتفاق ملزم بشأن السد الاثيوبى يحفظ حقوق مصر المائية.
ثم كانت جولة وزير الخارجية الأمريكى «بلينكن» فى المنطقة والتى أكدت العودة الأمريكية للإنخراط فى قضايا المنطقة، والتى أطلق خلالها عدة تصريحات بوضوح ان الإدارة الجديدة فى واشنطن تستوعب جيداً أن صفقة ترامب بشأن القضية الفلسطينية ولدت ميتة، وأن حصار الفلسطينيين ومنع الدعم عنهم لم يكسر إرادتهم، وأن كل القرارات الحمقاء والباطلة التى منح فيها ترامب «الذى لا يملك» إلى نتنياهو «الذى لا يستحق» القدس والجولان وما يريد من الأرض العربية لا تساوى الحبر الذى كتبت به مادام هناك شعب فلسطينى يتمسك بأرضه المحتلة وقدسه الأسيرة، ويرفض الهدايا المجانية «من ترامب ومن المهرولين للتطبيع» على حساب الحق الفلسطينى.
واضح أن هناك تطورا هاما فى النظرة الأمريكية للصراع الحاكم فى المنطقة. الحقائق على الأرض تفرض نفسها، والضغط من الرأى العام العالمى ومن داخل أمريكا بل ومن قلب الحزب الديمقراطى نفسه طلباً لسياسة عادلة وغير منحازة لإسرائيل أصبح أمراً لا يمكن تجاهله ومع ذلك يبقى الأمر فى حدود العموميات فيما يتعلق بالانتقال من نقطة إيقاف الحرب ومعالجة آثارها الإنسانية إلى آفاق الحل السياسى الذى يؤسس للأمن والسلام الدائمين فى المنطقة.
حتى الآن هناك خطوات على الطريق لتصحيح أخطاء السياسة الأمريكية التى بلغت ذروتها مع قرارات «ترامب» الحمقاء التى كادت تجعل أمريكا شريكاً فيما تقوم به إسرائيل من عدوان مستمر على الشعب الفلسطيني. هناك السعى لاستعادة العلاقات مع السلطة الفلسطينية، وإنهاء العداء مع المنظمات الدولية وخاصة «الأونروا» بدورها الهام فى دعم «اللاجئين»، وهناك الأهم والأخطر لأنه يتعلق أساساً بالقدس الأسيرة حيث تسمع إسرائيل بعد غياب حديثاً أمريكياً عن التزام واشنطن بـ«الوضع التاريخى الراهن فى المسجد الأقصي، ورفض إخلاء الفلسطينيين من منازلهم والتوسع الاستيطانى». وهناك الإعلان الرسمى من وزير الخارجية الأمريكى عن إعادة افتتاح القنصلية الأمريكية فى القدس الشرقية والتى نرجو أن تتم قريباً، وألا تخضع واشنطن للضغوط الصهيونية المكثفة بهذا الشأن.. ويبقى أن كل ذلك يتم فى إطار عنوانين أساسيين هما: حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها والتزام أمريكا بضمان أمنها من ناحية.. ثم إعادة الإلتزام بحل الدولتين بعد أن كانت إدارة ترامب قد وضعته خلف ظهرها.
وهنا لابد من التأكيد على أن «حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها» لا يعنى حقها فى الدفاع عن احتلالها أو فى استمرار اغتصاب الأرض الفلسطينية، كما أنه لا يمكن أن ينفى حق شعب فلسطين فى الدفاع عن نفسه وفى التمسك بحقوقه المشروعة وأرضه المغتصبة.
أما إعادة الإلتزام بحل الدولتين من جانب أمريكا والمجتمع الدولى كله فهو خطوة جيدة ووحيدة لاستئناف جهود التفاوض من أجل الحل العادل المطلوب، لكن الحديث عن ذلك ينبغى أن يتضمن أمرين هامين أكدت عليهما مصر فى لقاء الرئيس السيسى بوزير خارجية أمريكا.. من ناحية تم التأكيد على أهمية العمل بشكل «فورى» لاستئناف المفاوضات المباشرة بانخراط أمريكى فاعل ومع استعداد مصر على التعاون الوثيق مع أمريكا بهذا الشأن ومن ناحية أخرى اشارت مصر إلى «ضرورة التوصل للحل العادل والشامل الذى يضمن حقوق الشعب الفلسطينى وفق المرجعيات الدولية».
التحرك الفورى، والإلتزام بالمرجعيات التى تجسد الشرعية الدولية هما اللذان يحددان مدى الجدية فى الحديث المرسل - حتى الآن - عن حل الدولتين. وإلا فسيكون الحديث بلا معنى، وبلا هدف حقيقى!.
 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة