جمال حسين
جمال حسين


من الأعماق

جمال حسين يكتب: كورونا الصعيد.. سوهاج كلمة السر

جمال حسين

السبت، 29 مايو 2021 - 06:53 م

شهور قليلة فصلت بين زيارتين قمت بهما إلى مسقط رأسى قرية عنيبس، بمركز جهينة، بسوهاج؛ لأداء واجب العزاء.. فى المرة الأولى كنت تقريبًا الوحيد الذى يرتدى كمامةً داخل سرادق العزاء، ولاحقنى الجميع بنظراتٍ ذات معنى ومغزى؛ وكأنهم يقولون لى "يا أخى بلاش فلسفة وعيش عيشة أهلك".

بادرت بإسداء النُصح لبعض الأصدقاء والأقارب بضرورة ارتداء الكمامة؛ لأن الأمر جد خطير؛ للنجاة من الجائحة، وقلتُ لرفقائى يجب أن يكون لنا − نحن المثقفين − دورٌ فى توعية البسطاء من أهالينا.. قالوا : دى كورونا تخاف تيجى عندنا؟!.

وبعد ٤ شهورٍ تمكَّن الفيروس وتزايدت حالات الإصابات والوفيات؛ لتتصدَّر المحافظة قائمة المحافظات الأعلى إصابةً خلال الموجة الثالثة للجائحة، وزاد الطين بلة أن مستشفيات سوهاج لم تكن مستعدةً؛ حيث لم تمتد لها يد التطوير عقودًا طويلةً، والخدمة الصحية متواضعة.

ومنذ أيام عدتُ إلى قريتى فى زيارةٍ استمرت يومًا واحدًا؛ ووجدتُ الحال غير الحالِ، حيث وجدتُ نسبة غير قليلة من أبناء قريتى يرتدون الكمامات؛ وعلمت ان كورونا حصدت ارواح وأصابت الكثيرين بالمحافظة.

بالطبع الإهمال كان السبب الرئيس فى زيادة إصابات كورونا بمحافظة سوهاج، لكن وللأسف أيضًا لم يكن التعامل مع الجائحة من قِبل المسئولين عن القطاع الصحى على المستوى المطلوب، ربَّما لقلة إمكانيات المستشفيات عدَّةً وعتادًا، وربَّما لأن بعض المسئولين أرادوا إخفاء الحقيقة المُؤلمة عن المسئولين بالدولة، وبدلًا من شحذ الهمم وتقديم صورة حقيقية للحكومة عن الواقع الصعب الذى تعيشه المحافظة، خرج علينا رئيس المستشفيات الجامعية بسوهاج لينفى وجود زيادة خطيرة فى إصابات كورونا بالمحافظة، رغم صراخ نقيب الأطباء بسوهاج؟!!.

للأسف، أول مَنْ يجب أن يدق ناقوس الخطر، اتبع استراتيجية النعامة التى تُخفى رأسها فى الرمال عند الخطر؛ من أجل النجاة دون أن تدرى أن جسدها لا يزال هدفًا ظاهرًا للذئب الذى يُريد افتراسها.

لكن صفحات التواصل الاجتماعى كشفت المستور، وفضحت ما ارادوا إخفاءه، وسارع أعضاء البرلمان عن سوهاج؛ وفى مقدمتهم النائب النشيط مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بتقديم بيانٍ عاجلٍ للحكومة، وانتقلت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، بنفسها إلى سوهاج، واتخذت قرارات مُؤثِّرة، كان لها أكبر الأثر فى مواجهة الفيروس ومنع انتشار الوباء أكثر، حيث أرسلت فرقًا طبيةً متخصصةً فى التعامل مع كورونا إلى سوهاج، ودعمت المستشفيات بأسطوانات الأكسجين والأدوية، وخصصت مستشفيات للعزل، واتخذ اللواء طارق الفقى، محافظ سوهاج النشيط، عددًا من الإجراءات الاحترازية؛ لإحداث حالة من التباعد الاجتماعى، وبدأت هذه الإجراءات تُؤتى ثمارها، وبدأت كورونا فى الانحسار؛ بعد أن انتصر الجميع على الإهمال، وتكاتفوا لمواجهة الفيروس اللعين، وبدأت سوهاج تتنفس الصعداء.

وإحقاقًا للحق كانت مصر من أنجح الدول فى التعامل مع وباء كورونا، الذى كان السبب فى تركيع وتدمير دولٍ عظمى.. فالرئيس عبدالفتاح السيسى سخَّر كل إمكانيات الدولة لمواجهة الوباء، واتسمت المواجهة بالصدق والشفافية؛ حرصًا منه على وضع كل الحقائق أمام الشعب؛ حتى تكون المواجهة شاملةً.. الدكتور عوض تاج الدين، مستشار الرئيس للشئون الطبية، ما زال يُحذِّر من خطورة عدم اتباع الإجراءات الاحترازية وارتداء الكمامة والتباعد، وضرورة العزل المنزلى فى حالة إصابة أحد أفراد الأسرة بكورونا، وقال إن التطعيم أصبح حتميًا؛ للسيطرة على الفيروس، والحمد لله أن مصر كانت من أوائل الدول التى بادرت باستيراد الأمصال من أجل مواطنيها، وأتمنى تكثيف تطعيم أهالى الصعيد باللقاحات؛ لمواجهة الوباء.

حفظ الله مصر وأهلها من كورونا واقول للسيد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء وللدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة ان مستشفيات سوهاج تحتاج إلى نظرة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة