السبت، 29 مايو 2021 - 07:29 م

بقلم: جوزيب بوريل

الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية -  نائب رئيس المفوضية الأوروبية

بحلول نهاية مايو 2021، تلقى 2.1٪ فقط من سكان أفريقيا جرعة واحدة على الأقل من لقاح كورونا. إننا بحاجة إلى سد فجوة التطعيم بين الاقتصادات المتقدمة والبلدان النامية لتجنب ما أسماه تيدروس جيبريسوس، رئيس منظمة الصحة العالمية، "الفصل العنصرى فى التطعيم". ويعد القيام بذلك أمرًا صحيحًا من الناحية الأخلاقية وفى مصلحة الجميع.

لذلك، نحن بحاجة إلى عمل عالمى متعدد الأطراف لزيادة إنتاج اللقاحات وتسريع نشرها فى جميع أنحاء العالم. وقد كان هذا هو المسار الذى اختاره الاتحاد الأوروبى منذ بداية الجائحة، وكذلك هو الآن المسار الذى حدده قادة مجموعة العشرين فى قمة الصحة العالمية فى روما فى 21 مايو.

ولا تزال الجائحة تقتل الآلاف من الناس كل يوم، وبالوتيرة الحالية للتطعيم، لن يتم تطعيم العالم بأسره قبل عام 2023. ومع ذلك، فإن تلقيح سكان العالم على نطاق واسع هو السبيل الوحيد للقضاء على الجائحة؛ وبخلاف ذلك، من المرجح أن يؤدى تزايد الطفرات إلى تقويض فعالية اللقاحات الموجودة.

كما أن التطعيم هو شرط أساسى لرفع القيود التى تعيق اقتصاداتنا وحرياتنا. ومع أن هذه القيود تؤثر على العالم بأسره، إلا أنها تثقل كاهل البلدان النامية بشكل أكبر. ويمكن للبلدان المتقدمة الاعتماد أكثر على الآليات الاجتماعية وأدوات السياسة الاقتصادية للحد من تأثير الجائحة على مواطنيها.

وإذا استمر وجود فجوة التطعيم، فإن ذلك يخاطر بعكس الاتجاه السائد فى العقود الأخيرة لتراجع الفقر والتفاوتات العالمية. مثل هذه الديناميكية السلبية ستعيق النشاط الاقتصادى وتزيد من التوترات الجيوسياسية. كما أن من المؤكد أن تكلفة التقاعس عن العمل ستكون أعلى بكثير بالنسبة للاقتصادات المتقدمة مما سيتعين علينا إنفاقه بشكل جماعى للمساعدة فى تطعيم العالم بأسره. لذلك، يرحب الاتحاد الأوروبى بالخطة التى اقترحها صندوق النقد الدولي، بقيمة 50 مليار دولار، من أجل التمكن من تطعيم 40٪ من سكان العالم فى عام 2021 و60٪ بحلول منتصف عام 2022.

لتحقيق هذا الهدف، نحتاج إلى عمل متعدد الأطراف ومنسق بشكل وثيق. كما يجب أن نقاوم التهديدات التى تشكلها "دبلوماسية اللقاحات∪، وربط توفير اللقاحات بأهداف سياسية، و∪قومية اللقاح"، والاحتفاظ باللقاحات للذات. وبخلاف الآخرين، رفض الاتحاد الأوروبى كل ذلك منذ بداية الجائحة. وحتى الآن، كنا اللاعب العالمى الوحيد الذى يقوم بتلقيح سكانه وبنفس الوقت يصدر كميات كبيرة من اللقاحات؛ والمساهمة بشكل كبير فى إطلاق اللقاحات فى البلدان منخفضة الدخل، حيث يمكن أن يفخر الأوروبيون بهذا السجل.

فى عام 2020، دعم الاتحاد الأوروبى بحث وتطوير اللقاحات على نطاق واسع وساهم بشكل كبير فى الجيل الجديد من لقاحات mRNA. وقد أصبح الاتحاد الأوروبى بعد ذلك منتجًا رئيسيًا للقاحات كورونا، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ينتج حوالى 40٪ من الجرعات المستخدمة على مستوى العالم حتى الآن. كما قام الاتحاد الأوروبى بتصدير 240 مليون جرعة إلى 90 دولة، وهو ما يعادل تقريبًا ما استخدمناه داخل الاتحاد الأوروبي.

كما يتبرع الاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء والمؤسسات المالية − ما نسميه "فريق أوروبا" − باللقاحات للجيران المحتاجين، لا سيما فى غرب البلقان. ويهدف إلى التبرع بما لا يقل عن 100 مليون جرعة إضافية للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل قبل نهاية عام 2021، حيث تم الاتفاق على ذلك فى اجتماع المجلس الأوروبى الأخير. وبمبلغ 2.8 مليار يورو، كان فريق أوروبا أيضًا المساهم الرئيسى فى منشأة COVAX، والتى تمكن البلدان الفقيرة من الحصول على اللقاحات؛ حيث تم تمويل حوالى ثلث جرعات COVAX التى تم تسليمها حتى الآن من قبل الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، لا يزال هذا الجهد أبعد من أن يكون كافياً لمنع اتساع فجوة التطعيم.

لسد هذه الفجوة، يجب على البلدان التى لديها المعرفة والوسائل المطلوبة زيادة قدراتها الإنتاجية، حتى تتمكن من تطعيم سكانها وتصدير المزيد من اللقاحات، كما يفعل الاتحاد الأوروبي. وبالتعاون مع مصنعى اللقاحات، نعمل على زيادة قدرات إنتاج اللقاحات فى الاتحاد الأوروبى إلى أكثر من 3 مليارات جرعة سنويًا بحلول نهاية عام 2021. وقد التزم شركاؤنا الصناعيون الأوروبيون بتقديم 1.3 مليار جرعة من اللقاحات قبل نهاية عام 2021 إلى البلدان منخفضة الدخل بدون ربح وللبلدان ذات الدخل المتوسط بأسعار منخفضة. كما التزموا أيضًا بتقديم أكثر من 1.3 مليار جرعة لعام 2022 - حيث سيتم تسليم الكثير منها من خلال COVAX.

يجب على جميع البلدان تجنب التدابير التقييدية التى تؤثر على عملية توريد اللقاحات. ونحتاج كذلك إلى تسهيل نقل المعرفة والتكنولوجيا، حتى تتمكن المزيد من البلدان من إنتاج اللقاحات. ومن جانبنا، نشجع بقوة المنتجين الأوروبيين على القيام بذلك، خاصة فى إفريقيا. وقد شاركت فى قمة باريس حول الدعم المالى لأفريقيا فى 18 مايو، حيث أكد قادة القارة أن إفريقيا تستورد 99٪ من لقاحاتها، وهذا يجب أن يتغير. ولتحقيق هذه الغاية، يطلق فريق أوروبا مبادرة − بتمويل قدره مليار يورو بدعم من ميزانية الاتحاد الأوروبى والمؤسسات المالية الإنمائية الأوروبية − مع شركاء أفارقة لتعزيز القدرة التصنيعية فى إفريقيا للقاحات والأدوية والتقنيات الصحية.

إن الترخيص الطوعى هو الطريقة المفضلة لضمان نقل التكنولوجيا والمعرفة. وإذا تبين أن ذلك غير كافٍ، فإن اتفاق TRIPS الحالى وإعلان الدوحة لعام 2001 يتوقعان بالفعل إمكانية الترخيص الإجباري. ووفقًا لبعض البلدان، فإن هذه المرونة صعبة للغاية وبطيئة جدًا فى التطبيق. ولتسريع عمليات نقل التكنولوجيا هذه، سيقدم الاتحاد الأوروبى اقتراحًا جديدًا فى إطار منظمة التجارة العالمية بحلول أوائل يونيو.

لقد ذكرتنا جائحة كورونا بأن الصحة منفعة عامة عالمية. وبالتالي، يجب أن يكون عملنا العالمى المشترك، بشأن لقاح كورونا لسد فجوة التطعيم، الخطوة الأولى نحو تعاون صحى عالمى حقيقي، على النحو المتوخى فى إعلان روما المعتمد مؤخرًا فى قمة الصحة العالمية.