عاطف زيدان
عاطف زيدان


كشف حساب

عاطف زيدان يكتب: مليارات ضائعة!

عاطف زيدان

الأحد، 30 مايو 2021 - 07:04 م

 

يقدر بعض خبراء الاقتصاد حجم التهرب الضريبى فى مصر ما بين 200−500 مليار جنيه سنويا. ورغم عدم توافر أدلة قاطعة تؤكد ذلك فإنه لا يختلف اثنان على وجود تهرب ضريبى ضخم نلمسه فى تعاملاتنا المالية مع المحلات التجارية والمستشفيات والعيادات والورش ومراكز الصيانة ومحلات قطع غيار السيارات... الخ الخ. والسبب عدم الالتزام بإصدار فواتير. واذا تجرأ المواطن وطلب فاتورة يتم إعطاؤه بيانا أشبه بالفاتورة، وما هو بذلك.

لقد حاولت وزارة المالية، ومازالت تحاول، نشر ثقافة الفاتورة بين المواطنين، وركزت خلال حملاتها على خلق مصلحة للمواطن فى طلب فاتورة، تتمثل فى ضمان حقه فى استبدال السلعة فى حالة اكتشاف عدم جودتها. كما ذكرت المواطن ان إصراره على طلب فاتورة ضريبية يضمن تحويل ضريبة القيمة المضافة، التى دفعها فعلا ضمن ثمن السلعة، إلى خزانة الدولة.

لكن يبدو أن حملات وزارة المالية لم تحقق حتى الآن الهدف المرجو، بدليل استمرار معظم المحلات فى عدم الالتزام بإصدار فواتير ضريبية، مما دفع الوزارة إلى التعجيل بتطبيق الفاتورة الإلكترونية، وهو إجراء متطور، معمول به فى الدول المتقدمة، يضمن فى حال تطبيقه بشكل شامل تحصيل حقوق الدولة من الضرائب والرسوم، ويخفض التهرب الضريبى إلى أدنى مستوى.

الفاتورة الإلكترونية خطوة رائعة، وضربة معلم، تحقق عدة أهداف مرة واحدة. أبرزها متابعة الحركة التجارية يوما بيوم، وكشف اى بيانات غير دقيقة فى الإقرارات الضريبية، وارغام الاقتصاد غير الرسمى الضخم على العمل فى النور، بدلا من الاختباء فى "بير السلم".

مربط الفرس فى نجاح هذه الخطوة المهمة هو إدارة المنظومة بحرفية وطول بال وحكمة وحزم فى نفس الوقت.

الإجراء صعب التطبيق، فى مجتمع لا يتمتع بوعى ضريبى مرتفع، ولا يضم بنية تحتية تكنولوجية قوية، لكن الهدف غال، ويستحق بذل أقصى الجهود من قبل رجال المالية والضرائب لتحقيقه.

الأمر يتطلب خليطا من أساليب التعامل، يتمازج فيه الحزم مع المرونة، والصبر مع إظهار العين الحمراء، لضمان نجاح التطبيق فى اقل وقت ممكن. المهم النجاح، لان تفعيل الإقرار الإلكترونى والفاتورة الإلكترونية سوف يضمن تحويل المليارات الضائعة، التى تقدر بالمئات او حتى العشرات، إلى خزانة الدولة، لانفاقها على تحسين حياة الشعب، بدلا من اختزانها غصبا وبطرق احتيالية، فى خزائن كبار المتهربين من الضرائب.

تحية لوزير المالية د. محمد معيط ومساعديه ورجال الضرائب، على هذه الخطوة النوعية المهمة، وكلنا أمل فى توفير التمويل اللازم، لتطوير البنية التحتية التكنولوجية، لضمان نجاح التطبيق، مهما ارتفعت تكاليفه، فالهدف أغلى وأكبر ومستدام، ان شاء الله.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة