عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

عمرو الديب يكتب: اختيار شريف

عمرو الديب

الإثنين، 31 مايو 2021 - 08:15 م

كان بمقدوره أن يخوض مع الخائضين، وكان بإمكانه أن ينضم إلى المزيفين، وينبح مع النابحين المأجورين، أو أن يمضى فى طريق الباحثين عن الرنين، والمشتاقين إلى البريق، والمفتونين بالضوء الكاذب اللعين، وإحراز السبق الزائف المهين، فى تيه التواصل الاجتماعى الرهيب، حتى إذا جاء ذلك على أنقاض الحقيقة، وتمدد على أشلاء المنطق، وتربع فوق أجساد القيم، وكل شيء فى ذلك العالم الزائف الكذاب مهدور الكرامة، منزوع الاحترام، معرى من الستر، مبذول العرض، وما أسعد الكلاب النابحة والضباع المتوحشة بهذه الأجواء الشرسة الملوثة، التى لا تعرف حرمة لأحد، ولا كرامة لأى كيان، ولا احترام لأية قيمة أو حقيقة، فى ذلك العالم الزائف الوهمى يتسابق الغربان على النعيق، ويسارع الكلاب بالنباح، وتستمتع الضفادع بالنقيق، ووسط ذلك الضجيج الهائل تختفى الحقيقة دائما، ويخفت صوت الصدق حتى يتلاشى.

ولولا الفرسان الجسورون ما ظهرت فى أفق ذلك العالم المفتعل أية ومضة للحقيقة، وما استطاع صوت الصدق أن يفلت من صخب الأكاذيب، ويدوى فى جنبات التيه الملعون، وبدلًا من أن يمضى هؤلاء الفرسان مع تيار الزيف، اختاروا بكامل إرادتهم أن يسبحوا فى ذلك التيه الهادر عكس التيار، وتحملوا مشاق التصدى بكل شجاعة وإيثار، ووقفوا كالجبال الراسخة فوق الرمال المتحركة حتى لا تميد بنا الأرض، وانبروا يتصدون للأكاذيب والأراجيف والأوهام، بسلاح المنطق، وبدروع الحقائق، وسهام الأنباء الصادقة، التى تبدد ظلمة الكذب الدميم، والاختلاق الذميم، والشاب الرائع "شريف الصيرفى" واحد من هؤلاء الفرسان، جاء الاختيار عنده على جناح الانتماء، وعلى متن الإخلاص لوطن عظيم خلدته أدواره البارزة عبر العصور، وميزته قناعاته الخيرة، فبلادنا دائما تكد وتكدح من أجل خير الإنسانية كلها منذ بواكير التاريخ، وشريف بعد الاختيار − الذى جاء انتصارا لفطرة الإنسان فيه الجانحة دوما نحو الخير، وصوب الانتماء والعرفان للأرض التى احتضنت الخطى فى حنو، وقف مناضلًا باذلا الجهد والوقت ليتصدى إلى الأكاذيب وتزييف الوعى.

وراح فى انهماك كأنه عاكف على صلاة انتواها لوجه الله − يصد الضربات الماكرة التى انهمرت على الأذهان لتهوى بها إلى قيعان الزيف، ويدفع هجمات الأشرار على الوجدان كى تشوهه، هكذا اختار شريف الصيرفى أن تمضى حياته، منفقا سنوات عمره الزاهرة فى كفاح يدفع عن الأوطان أهوال أكاذيب الشيطان، وشريف وكل شريف مثله، والعالم الافتراضى يحمل بصمات صادقين آخرين، ومخلصين على دربه سائرين، يستحقون منا كل التقدير، فقد أكدوا لنا أن هذا العالم لا يخلو من فرسان الصدق المخلصين، مع انه ممتلئ بالمزيفين والخونة والمأجورين!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة