أبداعات عربية
أبداعات عربية


أبداعات عربية

عن سارة

أخبار الأدب

الثلاثاء، 01 يونيو 2021 - 12:42 م

‭ ‬يحيى‭ ‬أبوصافي‭.. ‬مخيم‭ ‬البقعة‭ - ‬الأردن

‭  ‬لا‭ ‬أفقه‭ ‬كثيراً‭ ‬بقضايا‭ ‬الفيمنست،‭ ‬ولمّا‭ ‬سُئلت‭ ‬مرة‭ ‬عن‭ ‬نموذج‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬فى‭ ‬حرية‭ ‬المرأة‭ ‬قلت‭: - ‬سارة‭ ‬بنت‭ ‬جيرانا‭.. ‬ثم‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬الكلام،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬غرقت‭ ‬فى‭ ‬ذكريات‭ ‬طيبة‭ ‬تحوم‭ ‬حولها‭:  ‬سارة‭ ‬فتاة‭ ‬بلا‭ ‬عمر،‭ ‬ولا‭ ‬مواصفات‭ ‬أنوثوية،‭ ‬أو‭ ‬ذكورية،‭ ‬تسوق‭ ‬وحدها‭ ‬عرباية‭ ‬بغل‭ ‬والدها‭ ‬السمين‮»‬‭ ‬السمين‭ ‬هنا‭ ‬تعود‭ ‬للبغل‮»‬‭  ‬من‭ ‬الحسبة‭ ‬لسوق‭ ‬الخضار‭ ‬حيث‭ ‬بسطة‭ ‬والدها‭ ‬فى‭ ‬قلب‭ ‬السوق،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬يبقى‭ ‬هو‭ ‬يبيع‭ ‬ويشترى‭ ‬الخضار‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الحسبة،‭ ‬وكانت‭ ‬تشترى‭ ‬حليب‭ ‬المؤن‭ ‬الجاف‭ ‬من‭ ‬نسوة‭ ‬المخيم‭ ‬وقت‭ ‬توزيع‭ ‬وكالة‭ ‬الغوث‭ ‬الأونروا‭ ‬للمؤن‭ ‬،‭ ‬وتبيعه‭ ‬للرعيان،‭ ‬ومربى‭ ‬المواشى‭ ‬على‭ ‬طرف‭ ‬المخيم،‭ ‬منافسة‭ ‬شرسة‭ ‬فى‭ ‬سوق‭ ‬الحليب‭ ‬الجاف‭ ‬لامرأة‭ ‬سمينه‭ (‬بثلاثة‭ ‬أثداء‭) ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬لى‭ ‬رفيقى‭ ‬فى‭ ‬الشقاء‭ ‬محمد‭ ‬فضيلات‭ ( ‬ثديان‭ ‬للحليب‭ ‬السائل،‭ ‬وثدى‭ ‬لصرة‭ ‬الأموال‭ ‬المتحصلة‭ ‬من‭ ‬بيع‭ ‬الحليب‭ ‬الجاف‭). ‬كانت‭ ‬سارة‭ ‬ترافق‭ ‬صيادى‭ ‬الحساسين‭ ‬إلى‭ ‬نبعة‭ ‬أبونصير‭ ‬وتشاركهم‭ ‬متعة‭ ‬صيد‭ ‬الحساسين،‭ ‬والبلابل‭ ‬إن‭ ‬شحت‭ ‬الحساسين‭ ‬فى‭ ‬بساتين‭ ‬التين‭ ‬والعنب‭ ‬قرب‭ ‬النبعة‭. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬رفيقة‭ (‬خميس‭ ‬أبو‭ ‬الذينين‭) ‬فى‭ ‬كش‭ ‬الحمام‭ ‬على‭ ‬سطوح‭ ‬أهل‭ ‬الأخير،‭ ‬وتذهب‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬الحمام‭ ‬فى‭ ‬عمان‭ ‬لبيع‭ ‬الحمام‭ ‬الكشيش،‭ ‬أو‭ ‬المتحصل‭ ‬عن‭ ‬الكش،‭ ‬ويقال‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تذهب‭ ‬معه‭ ‬لحضور‭ ‬أفلام‭ ‬هندية‭ ‬فى‭ ‬سينما‭ ‬الحسين،‭ ‬كما‭ ‬أسر‭ ‬مرة‭ ‬لصديقه‭ ‬خالد‭ ‬القطاوي‭.  ‬كانت‭ ‬سارة‭ ‬تشارك‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬أعراس‭ ‬الحارة‭ ‬كأمهر‭ ‬راقصة،‭ ‬وتشارك‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مآتم‭ ‬الحارة‭ ‬كأصدق‭ ‬نائحة،‭ ‬ورأيتها‭ ‬فى‭ ‬عدة‭ ‬مواقف‭ ‬طريفة‭ ‬ربما‭ ‬يندى‭ ‬لها‭ ‬جبين‭ ‬أزعم‭ ‬ولد‭ ‬فى‭ ‬الحارة،‭ ‬كأن‭ ‬تبول‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬المدرسة‭ ‬الإعدادية‭ ‬وهى‭ ‬واقفة‭ ‬متحدية‭ ‬أقرانها‭ ‬من‭ ‬الولاد‭ ‬والبنات،‭ ‬ولما‭ ‬يحتج‭ ‬على‭ ‬نزقها‭ ‬الأرعن‭ ‬أحد‭ ‬ما،‭ ‬ترميه‭ ‬بالحجارة‭ ‬كأى‭ ‬صاحب‭ ‬خطيئة‭. ‬كُسرت‭ ‬هيبتها‭ ‬لما‭ ‬قُبض‭ ‬عليها‭ ‬متلبسة‭ ‬تمارس‭ ‬القبل‭ ‬والأحضان‭ ‬فى‭ ‬الهزيع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬الليل‭ ‬فى‭ ‬حوش‭ ‬الجامع‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬معاتيه‭ ‬الحارة،‭ ‬حيث‭ ‬اشتلق‭ ‬عليهم‭ ‬المؤذن‭ ‬وهو‭ ‬يهم‭ ‬برفع‭ ‬أذان‭ ‬الفجر،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬اختبئت‭ ‬مع‭ ‬رفيقها‭ ‬المعتوه‭ ‬داخل‭ ‬نعش‭ ‬مقلوب‭ ‬أسفل‭ ‬دكة‭ ‬غسل‭ ‬الموتى‭ ‬المفصلة‭ ‬من‭ ‬خشب‭ ‬الطوبار،‭ ‬وتم‭ ‬القبض‭ ‬عليها‭ ‬وحدها‭ ‬داخل‭ ‬النعش،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬تمكن‭ ‬رفيقها‭ ‬فى‭ ‬الفضيحة‭ ‬من‭ ‬الفرار‭. ‬وقد‭ ‬آثر‭ ‬والدها‭ ‬إثر‭ ‬تلك‭ ‬الحادثة‭ ‬المشؤومة‭ ‬أن‭ ‬يهج‭ ‬من‭ ‬المخيم‭ ‬فى‭ ‬ليلة‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬ضو‭ ‬قمر،‭ ‬مذاك‭ ‬أفل‭ ‬قمر‭ ‬سارة‭ ‬عن‭ ‬عتمة‭ ‬المخيم‭ ‬الكالحة،‭ ‬ربما‭ ‬تخبأ‭ ‬فى‭ ‬النعش‭ (‬للنعش‭ ‬فعل‭ ‬الحياة‭ ‬وفعل‭ ‬الحب،‭ ‬فى‭ ‬النعش‭ ‬هروب‭ ‬الخوف‭ ‬واختفاء‭ ‬التردد،‭ ‬وأثر‭ ‬سارة‭ ‬أيضاً‭)  ‬فاتنى‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬أن‭ ‬سارة‭ ‬كانت‭ ‬قاسية،‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬بيوت‭ ‬الصفيح‭ ‬بطبيعتها‭ ‬قاسية‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة