رفعت رشاد
رفعت رشاد


حريات

الوطنية.. والنكسة

رفعت رشاد

الخميس، 03 يونيو 2021 - 06:46 م

غدا ذكرى النكسة. لم يكن يوم 5 يونيو 1967 ضربة عسكرية هزمتنا بها إسرائيل واحتلت مساحات من أراضى كل الدول المجاورة لها وبالطبع فلسطين. كانت النكسة كسيف قاطع شطر تاريخ العرب إلى ما قبلها وما بعدها. كان العرب يحاربون بالشعر وبالخطابة ويتدفق نفطهم تحت أقدام الجوارى. كانوا أهل صراخ فبدت أصواتهم أكبر من ذاتهم وكانت خناجرهم وسيوفهم أطول من قاماتهم. خضنا المعركة ونحن نتزين بزى القوة تتقدم جنودنا الطبول والمزامير، اعتقدنا أننا فى خيام البداوة يكفى أن تصرخ ليفر العدو، لكن العدو فى يونيو لم يكن على الحدود، كان فى داخلنا بينما نحن نجادل على الطريقة البيزنطية ونتساءل إذا ما كان الملائكة ذكورا أم إناثا، كان العدو فى حجرات نومنا، لم نتعر أمامه وأمام العالم فحسب بل اكتشفنا أننا منذ قرون كنا عراة، عراة بعدما نبذنا الأبطال وجعلنا من الأقزام وجهاءنا، حقرنا من شرفائنا ودفعنا بالتنابل إلى مقدمة الصفوف، جلسنا فى صحون المساجد ننسج الشعر ونغزل النثر ونطلق اللحى بينما العدو يمكث فى المعامل ويتسابق فى العلم، لم يكن الحاكم يسمع لأن أذنيه مشغولتان بأمور لا علاقة لها بالشعب، هو داخل الجدران يحجب حراسه صوت الشعب عنه.
دخلت الخيانة تحت جلودنا فانفصلت أجسادنا بعد أن كنا متحدين وانفصلت أرواحنا بعد أن غدر بنا الشقيق، ترك حراس السلطان العدو وأعطوا حواسهم وتركيزهم للمواطن، تنصتوا عليه، راقبوه، ضربوه، عذبوه، حرموه، اعتقدوا أنه العدو أو قصدوا أن يكون العدو لأن هزيمة المواطن أسهل من هزيمة العدو. وتحقيق الانتصار على المواطن أكثر إلحاحا من الانتصار على العدو. اعتقد الحكام أنهم حماة الوطنية وأن لا صوت يعلو فوق صوتهم وأن المواطن خائن. رأوا أن المواطن مجرد رقم فى خانة الآحاد.
وقعت النكسة، صارت هزيمتنا حقيقة واقعة. لم نعاود الانتصار إلا بعدما تغيرت الأفكار ولم يعد المواطن هو العدو ولم تعد الوطنية حكرا على أحد فالعامل وطنى والصانع وطنى والمعلم وطنى والطبيب وطنى والمهندس وطنى والصحفى وطنى، لم نحارب فى أكتوبر بمن يحتكرون الوطنية، حاربنا بكل فرد فى خانة الآحاد فى كل شبر من أرض الوطن. تحية لكل وطنى يحافظ على الوطن.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة