عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

مقامرة إثيوبية !

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 03 يونيو 2021 - 06:54 م

أكثر من سبب يكمن وراء تصريحات ابى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبى الأخيرة التى بشر فيها الإثيوبيين ان حكومته سوف تبنى خلال عام واحد نحو مائة سد ما بين سد صغير وآخر متوسط !.. وأول هذه الأسباب انه يسعى، من خلال قضية وطنية لإعادةَ حشد الإثيوبيين لدعمه مجددا بعد ان انفضّوا من حوله خاصة بعد تورطه وحكومته فى صراعات طائفية ارتكبت فيها جرائم حرب.. انه يغازل المشاعر الوطنية الإثيوبية لتجاوز الانقسامات الطائفية الحادة التى تكاد تمزق الكيان الاثيوبى الآن، ولذلك لم يكترث بعدم معقولية ما يقوله حول بناء مائة سد فى العام الواحد، اى بمعدل ثلاثة سدود فى اليوم الواحد، وحكومته لم تنته بعد من استكمال الاستعدادات للملء الثانى لسد النهضةَ الذى تصر على ان تبدأ فيه بعد اقل من شهر، مثلما لم يهتم ايضا بأن ذلك يخلق نزاعات مع شركاء جدد للنيل غير مصر والسودان سوف تلحق بهم هذه السدود الاثيوبية الجديدة اضرارا بالغة.
غير ان ابى احمد لم يكن يخاطب الاثيوبيين وحدهم فقط عندما اطلق تصريحاته الاخيرة التى كشفت بجلاء، كما قال المتحدث باسم الخارجية المصرية سوء النية الإثيوبية، وانما كان يخاطبنا ايضا نحن والسودان ودول اخرى تتشارك معنا فى نهر النيل.. انه اراد ان يمضى فى طريق استفزاز الشركاء فى النيل والا ما قال مثل هذا الكلام الذى يكشف بجلاء عزم اثيوبيا الاستيلاء على اكثر من رافد للنيل فى مقدمتها النيل الأزرق والتحكم فى تدفق مياهه.. وبذلك يجهض رئيس الوزراء الاثيوبى اية محاولات أفريقية وامريكية لاحتواء الخلاف والنزاع حول سد النهضة معنا نحن والسودان، وذلك قبل ان تبدأ.. وهذا يعنى ان اثيوبيا انتقلت من تكتيك استهلاك الوقت الذى استخدمته لسنوات إلى تكتيك اكثر خطورة وهو تحويل النزاع حول سد النهضة إلى صدام، غير مكترثة بالنتائج والتداعيات الخطيرة لذلك الأمر، وهى التداعيات التى ستصيب المنطقة كلها بالاضطراب، وستهدد الأمن والسلم الدوليين، لأننا ومعنا السودان لن نقبل بأن يلحق بِنَا احد اى اذى او ضرر ونملك القدرة على ان نحمى حقنا فى الحياة بكل السبل، وفى القضايا المصيرية تكون كل الخيارات أمامنا مفتوحة.
وبذلك تعد تصريحات ابى احمد رئيس الوزراء الإثيوبى عنوانا لمقامرة كبيرة خطرة يقوم بها، دفعته إليها ظروف داخلية اثيوبية شديدة الصعوبة وازمة سياسية واجتماعية حادة وحرب طائفية دموية تورط فيها، وايضاً جهد دولى وافريقى غير كاف لحل ازمة سد النهضة، خاصة ان العالم لا يتحرك عادة الا عندما تنفجر النزاعات وتتحول إلى صراعات دامية..غير ان الذين يقومون بمقامرات خطرة دوما تكون خساراتهم ضخمة وفادحة ودوما يجلبون الكوارث لبلادهم.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة