صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


المصرى معروف بـ.. إيييه !

الأخبار

الخميس، 03 يونيو 2021 - 07:29 م

محمد إسماعيل عمر مؤلف رواية «ما حدث فى شنجن»

محاولة إكمال هذه العبارة يلزمها أولًا تحديد السياق. فإن كان هزليًا لاكتفينا بجملة هنيدى وقلنا بانفعال: المصرى معروف بقوته وبجبروته. كما أن هناك المأثورات مثل أطيب شعب وأذكى طفل. وقد نختم مؤكدين: إنه شعب متدين بالفطرة.
إن شئت الحديث عن الطيبة فيجب أن تؤكد كلامك بعبارة: جرب كده تقع فى الشارع فى أوروبا. قائل هذا الكليشيه يلقيه بثقة من سافر بالفعل إلى أوروبا بل ووقع وماحدش سمى عليه. ولولا أنك تعرفه وتعرف أهله لصدقت أنه وقع فى حتة غير جار الرشاح يوم التف حوله المشاة بالفعل وعاد لمنزله موبايله مسروق ونظارته أيضًا.
وبعض الشمائل لا تظهر إلا عند اللزوم، أذكر ذات مرة كنت مسافرًا إلى دبي. منحتنى موظفة الحجز مقعد بجوار باب الخروج لما رأت على وجهى أنى لن يردعنى رادع عن فتح الباب والقفز منه عند أول إشارة من المضيفة الحسناء.
جلست وبجوارى زوجان مسنان يبدو من زيهما أنهما من باكستان أو بانجلاديش. وكما يمنع قانون الطيران شغل هذا الصف لمن تجاوز سن الشباب فقد حاولت المضيفة إقناعهما بالذهاب لمقاعدهما المدونة على بطاقات الصعود. تحادثهم بالإنجليزية وبالعربية فلا يجيبا حتى أوشكت على اليأس إلى أن أتى صاحب أحد المقعدين الذى فهم الموقف دون شرح. بادرنى أنا والمضيفة بأغرب سؤال يمكنك سماعه: هو انتم مابتعرفوش أوردو؟
وعندما لم يجد إجابة، هز رأسه بثقة العليم ببواطن الأمور وأشار بيده قائلًا: أنا هاتصرف.
أخرج بطاقة الحجز «البوردنج باس» من جيبه ووجه حديثه للرجل:
حاجي... حاجي. وحاجى هو اللقب الرسمى لأى حاج أو معتمر من غير العرب. فى الأراضى المقدسة تسمعه دائمًا، يومها فقط أضفت لقاموسى كلمة أوردية كنت أعرفها وأجهل مصدرها.
انتبه الرجل أخيرًا إذ وجد من يفهم لغته. وتهللت أسارير المضيفة وأساريرى أنا أيضًا فقد أوشكت الأزمة على الانتهاء.
أشار الشاب إلى بطاقته وأردف: ها... ها... ثم أخذ يلف يده اليسرى فى الهواء وهو يسأل: فين؟ ها.. فين؟
عاد الرجل إلى شروده لكن الشاب متحدث الأوردية لم يفلته:
حاجيييييى ها ها فين؟ فييين؟ فيييييين؟ وهو يهز بوردينج باسه فى الهواء بقوة والرجل لا يفهم.
لم تطق المضيفة صبرًا فأمسكت بيد الرجل وزوجته فاتبعاها. جلس الشاب المصرى العليم باللغات بجواري.
- حضرتك أكيد جديد فى دبي.
- أنا؟ لأ أنا زيارة بس وراجع
- ااااااه أنا قلت برضو مش معقول عايش هناك وماتعرفش أوردو.
تجاهل تمامًا نظراتى المذهولة، الرجل يعرف كلمة واحدة فقط ويعتبر نفسه من دارسى اللغات الشرقية.
- أوردو؟؟
- خد بالك من غير أوردو مش هاتعرف تعيش فى دبي، الإنجليزى مش كفاية زى مانت شايف.
المصرى مش بس معروف بقوته وبجبروته، لأ وبالفتى أحيانًا.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة