أحمد عباس
أحمد عباس


سَد يا نونو.. نونو سَد

أحمد عباس

الخميس، 03 يونيو 2021 - 07:40 م

أحمد عباس

وبينما كانت تفوح رائحة الشامبو الأمريكانى الهفهافة، والشاور جل الإسرائيلى الفاخر، والمياه الساخنة الساقطة من سخان مصنوع فى أوروبا، وبين جدران معزولة بأفخر أنواع الطوب الأفريقى، ومواد العزل الصينية، والسيراميك الروسى..
وقف آبى أحمد يتأمل صورته بينما كان يتسلم «جائزة نوبل» والتى علقها على حائط الحمام، فتح الدُش واندمج فى همهمات كانت تعلو بين حين وآخر تخرج من خلف باب الحمام بصوته، كانت أصوات أخرى تنادى من أسفل قصره لكنها لا تصل، احتشدت الجموع تستغيث من المذابح فى «تيجراى» وإسالة الدماء حتى بدأت فى الاقتراب من أسوار القصر، ولكن لا صوت يشغله، ولا آخر يصل إلى أذنه، لا صوت إلا لنفسه فقط، ودندنات يطلقها هو بين الحين والآخر يقول فيها: «ميت سد وسد»!
قلقت الجموع المحتشدة، وأرسلت لخادمة القصر تسألها عن الوضع الحالى، وإذا كان زعيمهم يسمع ما يحدث أو حتى يهتم، إلا أن خادمة القصر أبلغتهم أن الأمر أكبر منها ولا يمكن أن تدخل على الزعيم، أو تفتح باب الحمام بينما هو يغتسل، هذه لحظات صفو وروقان، فحذروها من خطر داهم يقترب قبل أن يطردهم الأمن إلى خارج القصر.
راح الرعية ينادون بأعلى «حس»: انتوا يا عالم ياللى فوق، ولا أحد يرد، حتى صراخ الضحايا القادم من الأقاليم المجاورة لا يسمعه أحد.. حتى قلق حراس الأمن على أنفسهم فعاد أحدهم إلى خادمة القصر يستحلفها لو أنها تبلغ الرئيس أن أمراً جللاً يوشك على الحدوث وأنها كارثة لو لم يستفيق الزعيم الآن، وأمام ضغط الحارس ورجائه، حاولت أن تتلصص على الزعيم، لكنها عادت وقالت للحارس إنها: وجدت الزعيم ملفوفاً بالبرنس البشكير مستغرقاً تحت زخات المياه ويغنى بصوت عال: «يا حلوة يا شايلة البلاص»، وأنها لا تستطيع إزعاجه.
وبينما كان الحارس يترجى خادمة القصر، سمع دوى هائلاً من بعيد، وصوت يقول: «إلحقونا.. السد اتخرم» دخلت الخادمة على الرئيس بسرعة لتخبره بالكارثة، ولم تخرج بسرعة كما عادتها، وفى هذه الأثناء علت أصوات تفجيرات كبرى مجهولة المصدري، وجرى الجميع على حمام الزعيم، ليجده مستلقيًا فى البانيو بين حجر خادمته وهى تغنى له: «سد يا نونو.. نونو سد».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة