اعتقال وانتحار ضابط المخابرات الإسرائيلية.. دلالات سياسية وذكريات أليمة
اعتقال وانتحار ضابط المخابرات الإسرائيلية.. دلالات سياسية وذكريات أليمة


تقرير يكتبه.. د. أحمد فؤاد أنور

اعتقال وانتحار ضابط المخابرات الإسرائيلية.. دلالات سياسية وذكريات أليمة

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 04 يونيو 2021 - 04:55 م

ما رشَحَ من أخبارٍ عن اعتقال ضابط في المخابرات الحربية الإسرائيلية سرا منذ ستة أشهر ثم "انتحاره" منذ أسبوعين في سجن إسرائيلي قليل، لكن تداعياته كثيرة وواسعة خاصة وأنه أتى في ظل فشل استخباراتي إسرائيلي فاضح في معرفة قدرات الفصائل الفلسطينية  في غزة، و"مدى الصواريخ"، وأماكن تمركزها في "آبار إطلاق"، وكذلك "دقة تصويبها".

الثابت أن أسرة ضابط المخابرات الحربية الإسرائيلية (أمان) شككت في الرواية الرسمية وقالت إنه لم ينتحر!! ومما زاد الأمر غموضا اعتراف تل أبيب بفرض "رقابة عسكرية" على الواقعة وحظر نشر بشأن كل ما يوضح شخصية الضابط وهل هو من أصول شرقية أم غربية على سبيل المثال، وحجم اطلاعه على ملفات ومهام وبيانات سرية. والأهم ما هو الدافع لكي يتورط على كل ما يبدو في قضية "خطيرة" من المنطقي أن تكون طالما تم التعامل بهذا القدر من الكتمان "ٌقضية تجسس" حتى ولو نفى جيش الاحتلال المعلومة بكل إصرار.

دلالة الواقعة تتجاوز تفاصيلها فالضابط الذي لم يدفن بالطبع في مقابر ضباط وجنود جيش الاحتلال يتمتع بامتيازات مادية ومعنوية كبيرة، ومن المعروف أن تلك الامتيازات تتضاعف عند التقاعد، حيث يتم زرع عناصر الاستخبارات فور احالتهم للتقاعد في شركات كبرى خاصة في مجال تكنولجيا المعلومات والحاسب الآلي.. فهل هي صحوة ضمير؟

من الثابت في هذا السياق على أية حال أن الصدمة كبيرة فالأمر لا يتعلق بفشل في اختراق أنساق المقاومة المحاصرة في مساحة محدودة ولا تعتمد سوى على تصنيع محلي بدائي وسرقات أو شراء أسلحة من جيش الاحتلال نفسه عبر إغواء بالمخدرات على سبيل المثال. بل وصل الأمر لقدرة عناصر معادية على تجنيد ضابط في جهاز الاستخبارات الموكل إليه اختراق الآخرين وتأمين محاولاتهم لاختراق إسرائيل!

وربما يتعلق الأمر أيضا بحرب الناقلات الدائرة منذ فترة بين طهران وتل أبيب، والتي كانت قد خضعت لهدنة غير مكتوبة ولا معلنة من الجانبين على مدار نحو أربعة أسابيع ثم تم استئنافها مؤخرا من جديد.

الواقعة التي قد تكون مجرد طرف خيط ذكّرت الكثيرين بسخرية السيد عمرو موسى حين كان وزيرا للخارجية من تدني مستوى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلي وسلسلة من الانتحارات لضباط بجيش وشرطة الاحتلال في ذكرى عيد ميلاد أحدهم، واعتقال حزب الله لضابط برتبة عقيد تورط في صفقات مخدرات. والمريب أن في تلك الواقعة تمت معاقبة عقيد جيش الاحتلال بعقوبة هزيلة بعد عودته في إطار صفقة تبادل أسرى تمثلت في الحبس لمدة 6 أشهر وغرامة 7500 شيكل فقط، تلاها معاقبته بغرامة أخرى لقيادته عام 2018 بدون رخصة قيادة سارية!!في المقابل كان ينتظر الضابط الذي لقي مصرعه في السجن منذ أسبوعين حكما بالسجن مدى الحياة وفقا للقانون الإسرائيلي.

يذكر أن قائمة الجواسيس الذين خانوا إسرائيل واعترفت تل أبيب بنجاحهم في خداعها تشمل جواسيس سلموا إيران، وروسيا معلومات تتعلق بأسلحة بيولوجية سرية. أما على صعيد المواجهات مع مصر فكان من بينها – وفقا لاعتراف تل أبيب أيضا- تجنيد رجل أعمال إسرائيلي في الستينات بعد إفلاسه، مقابل تمويل مصنع نسيج له كان بمثابة محطة للمخابرات المصرية في قلب إسرائيل. والملاحظ أن بعض القضايا لم يتم الاعتراف بوقوعها سوى بعد 30 عاما كاملة، وهو ما تم أيضا مع شبكة التجسس والتخريب التابعة للمخابرات الحربية الإسرائيلية التي اسقطتها مصر في الخمسينات ولم تعترفإسرائيل بمسئوليتها عنها سوى بعد نحو خمسين عاما حين قررت "تكريم" الباقين على قيد الحياة من تلك الشبكة التي عرفت إعلاميا بفضيحة لافون. 

ومن التداعيات السياسية للقضية أو الجرح تحميل بنيامين نتنياهو مسئولية وقوع هذا الاختراق الذي تواكب مع انحسار قدرة إسرائيل على الردع في مواجهة خصوم محدودي القدرات.  مما يقلص قدرته كثعلب عجوز محنك لا يتورع عن الضرب تحت الحزام من الإفلات من حصار معسكر التغيير بقيادة "بينيت"، و"لابيد" له الساعي للاطاحة به.. فهل ساعدا بشكل أو بآخر في تسريب المعلومة السرية بشأن اعتقال الضابط وانتحاره؟

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة