«٣٠ يونيو» محطة مهمة لتجاوز نكسة الإخوان
«٣٠ يونيو» محطة مهمة لتجاوز نكسة الإخوان


نجح فى ذلك بعد نكستى يونيو والإخوان

المصرى يتخطى الصعاب ويصنع المعجزات

آخر ساعة

الأحد، 06 يونيو 2021 - 10:08 ص

أحمد جمال

مثلمــا اسـتطاع المصــريون تجـــاوز نكسة يونيو 1967 وتحقـيق نصــر عسكرى عظيم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣ بعد ســــت ســـنوات مـــن حروب استنزاف العدو، تمكن الشعب المصرى وقيادته السياسية من تخطى نكسة الإخوان التى تعرضت لها البلاد بوصول الجماعة الإرهابية للحكم عام 2012، حيث تحققت بعــد الإطــاحة بهــا جمـــلة من الإنجازات والنجاحات فى مجــالات مختلفة سياسية واقتصادية وتنموية وإقليمية فى غضون سنوات قليلة أيضاً.

تحولت حالة الفوضى الأمنية وتوالى التهديدات الإرهابية وحالة السيولة التى أصابت قطاعات عديدة إلى استقرار أمنى ملحوظ وتقدم اقتصادى تبرزه المؤشرات والتقارير المحلية والدولية وسط حالة من التفاؤل التى ظلت غائبة لسنوات عديدة بشأن المستقبل بعد أن أضحى هناك ركائز قوية ترتكن عليها الدولة المصرية، ما يدفع العديد من بلدان المنطقة للتعرف إلى التجربة المصرية والاستفادة من نجاحاتها.

هناك تشابهات عِدة بين وعى المصريين بعد نكسة 1967 ونهضتهم الحالية بعد ثورة 30 يونيو 2013، وفى المرة الأولى حققت انتصاراً عظيماً والآن تردع كل من تسوِّل له نفسه تهديد الأمن القومى المصري، وفى الحالتين كان الالتفاف حول القيادة السياسية ودعمها وتشجيعها على المضى قُدماً فى خطواتها الصعبة سائداً بين جموع المواطنين.

يمكن القول إن المصريين استفادوا جيداً من دروس الماضى خلال السنوات الأخيرة، وأن تحمل الصعاب فى ستينيات القرن الماضى تكرر مجدداً فى السنوات السبع الماضية والتى تضاعفت فيها الأعباء والآلام إلى أن تحققت الإنجازات عبر برنامج اقتصادى طموح وانتصارات متتالية على الإرهاب والفوضى، وعودة مرة أخرى لصدارة المشهدين الإقليمى والدولي.

فى هذا الصدد، أكد الدكتور إكرام بدرالدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن حياة الشعوب تمر عادة بفترات صعبة وفيها العديد من المشكلات والأزمات، لكن الشعب الذى يستطيع أن يتجاوز هذه المحنة ويستفيد من دروسها ويحوِّلها إلى نصر وهو الذى يترك بصمته فى التاريخ، وإذا طبقنا ذلك على التاريخ المصرى الحديث فإنه بالرغم من أن آثار نكسة 67 كانت كبيرة فإنها لم تضعف إرادة الصمود والتحدى لدى المصريين وكان هناك إصرار على تجاوز المحنة وأجمع الشعب على رفض الهزيمة وسعى إلى تجاوزها بكافة السبل.

وأضاف بـدر الدين: "وبالمثل فإن المشكلات والصراعات ومحاولات الإخوان إغراق البلاد فى الفوضى والاستهداف المتكرر عبر الجرائم الإرهابية لــم تضـــعف إرادة الشـعب وتجاوز المصريين المحنة بثبات وحققوا نجاحات لم ترتبط فقط بالنواحى العسكرية التى كانت ترتكز عليها خطط التخلص من نكسة 67، ولكن حدث ذلك فى مجالات التنمية والاقتصاد وصولاً إلى الدور المصرى الإقليمى المتصاعد".

وأشـــار إلــى أن مصـــر تجـــاوزت ســنـوات الفوضى ببناء الجمهورية الجديدة التى أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، والمقصود بها بناء دولة حديثة فى مختلفة المجالات وهى لا تقتصر فقط على النواحى المادية ولكنها ترتكن بالأساس على بناء الإنسان باعتباره جوهر عملية التنمية على أن تشمل عملية البناء هذه جوانب مختلفة مثل القيم والأخلاق والثقافة والتعليم والصحة.

لا يمكن الوصول إلى مرحلة بناء الإنسان من دون أن تتحقق جملة من النجاحات التى تمحو آثار الهزائم والنكسات، ولعل ذلك ما حققته مصر خلال السنوات الأخيرة الماضية، إذ إن التخلص من تنظيم الإخوان لم يكن فقط على المستوى السياسي، بل أيضاً على مستوى التأثيرات السلبية التى تركها فى المجتمع بفعل اختراقه للهوية المصرية، ما كان دافعاً نحو التركيز على ترسيخ الهوية المصرية من خلال المناهج التعليمية والمؤسسات الثقافية والإعلامية.

فيما أوضح النائب حسام الخولي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "مستقبل وطن" بمجلس الشيوخ، أن المصريين دائماً ما يظهرون براعتهم فى التعامل مع الصعاب، لكنّ ذلك يكون بحاجة أيضاً إلى قيادة توجه هذه الروح ولا تسمح بتراجع المحفزات الداعمة للتقدم والتطور، وهو ما يتحقق حالياً فى ظل وجود رؤية سياسية منتظمة وواضحة وتحركاتها حاسمة وسريعة عملت على انتشال المصريين من الأزمات التى تحاصرهم من اتجاهات مختلفة إلى تنمية وتقدم فى اتجاهات مختلفة أيضاً ما بين مشروعات قومية وتطور عسكرى ومشاريع زراعية والانتقال من الحياة فى المناطق العشوائية إلى بناء مدن حديثة ومتطورة وتسكين المواطنين فيها.

ويؤكد أن معدن الشعب المصرى الأصيل والتفاف المواطنين حول قيادتهم فى الشدائد، سواء كان ذلك فى الستينيات أو حالياً، ساعد القيادة السياسية على اتخاذ قرارات صعبة وجريئة لعبور المأزق الاقتصادى الذى مرت به البلاد تمثلت فى تحرير سعر الصرف وما تبعها من إجراءات أخرى ارتبط بالدعم، وأن تحمل المصريين لتلك القرارات جاء بعوائد إيجابية فى الوقت الحالى وتمكنت الدولة المصرية من تخطى أزمة كورونا من دون خسائر تذكر مقارنة بالاقتصادات التى تدهورت على مستوى العالم.

ولفت الخولى إلى أن كلمة السر التى تضمن استمرار هذه النجاحات وكانت سبباً مباشراً فى عبور نكسة 67 تتمثل فى وحدة الصف الداخلى بين الشعب وقياداته، وهو ما يجعل هناك حائط صد ضد أى تأثيرات خارجية سلبية أو مؤامرات داخلية تستهدف إعادة عجلة الزمن إلى الوراء، وهو ما يجعل العالم كله يقارن بين ما توصلت إليه مصر من نجاحات وبين غيرها من الدول العربية التى غرقت فى الفوضى، تحديداً وأن مصر كانت فى قلب الدول التى تعرضت لمخططات هدم وتقسيم منذ عام 2011.

من جانبه، يرى النائب طارق تهامي، عضو مجلس الشيوخ، أن تنظيم الإخوان قدم خطابا سياسيا مراهقا كان الهدف منه إشعال الأوضاع ليس فى مصر وحدها ولكن فى المنطقة العربية بأكملها، غير أن المصريين تصدوا له وأجهضوا مشروعهم مستفيدين من حالة التماسك والترابط التى حققت نجاحات سابقاً فى انتصار السادس من أكتوبر.

ولفت إلى أن حالة التماسك والترابط ساعدت الدولة المصرية على تحقيق أمرين مهمين للغاية، الأول يتمثل فى مجابهة الإرهاب الذى استهدف إجهاض مشروع 30 يونيو وأظهر المصريون تكاتفاً مع أجهزة الدولة التى تعاملت مع هذا الخطر، والثانى يتمثل فى إصلاح العلاقات مع الخارج سواء مع الدول المجاورة أو الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.

ويؤكد تهامى أن البيئة المحيطة بفترات النكسات فى المرحلتين تختلف تماماً عما جاء بعد وقوعها، ففى الحالتين كان هناك تركيز على التدريب والتأهيل وكثفت الأجهزة والجهات المختلفة جهودها للوصول إلى المعلومات باعتبارها تشكل ركيزة أساسية لنجاح أى دولة وهو ما ساعد على مجابهة المخاطر العديدة التى أحاطت بالمرحلتين.

فيما يتعلق بالأحزاب السياسية فإن تهامى وهو عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أكد أيضاً على أنها لعبت دوراً مهماً فى تجاوز المصاعب بعد فترة الإخوان وهو دور لم يكن موجوداً فى أعقاب النكسة، وبالرغم من أنها لم تصل إلى سدة الحكم لكنها ساندت القيادة السياسية وتجاوز فكرة الحصول على مكسب سياسى فى مقابل حصول الوطن على المكسب الأكبر الذى تظهر آثاره واضحة من خلال الطفرة التى تشهدها البلاد على مستويات مختلفة.

على المستوى الاجتماعي، أكدت الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن النسيج المصرى المتماسك يدعم إمكانية تجاهل كل ما هو سلبى للاصطفاف فى سبيل تحقيق مصلحة الوطن سواء كان ذلك فى مواجهة أزمات سياسية أو اقتصادية.

وأشارت إلى أن الشعب من المستحيل أن يعيش أو يحيا بلا كرامة، وحينما خرج المصريون فى ثورة يناير كانوا يبحثون عن حياة أفضل لكنهم صُدموا بتنظيم جماعة الإخوان التى انكشفت على حقيقتها أمام المواطنين وسرعان ما انتفضوا عليها بحثاً عن مصلحة الوطن وهو ما ساعد على بناء خطة إصلاح يصطف خلفها الشعب الذى لم يكن لديه أى مانع فى التضحية من أجل تجاوز الأزمات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة