الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتــاحه قنــــــــــــاة الســـــــويس الجـــــديــــدة عام ٢٠١٥
الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتــاحه قنــــــــــــاة الســـــــويس الجـــــديــــدة عام ٢٠١٥


من 1967 إلى 1975.. كلمة السر «5 يونيو»

«قناة السويس» انتصار من رحم «النكسة»

آخر ساعة

الأحد، 06 يونيو 2021 - 10:24 ص

محمد ياسين

كانت قناة السويس ولا تزال واحدة من علامات صمود المصريين وإصرارهم على تحويل الهزيمة إلى نصر، فبعد إغلاقها فى 5 يونيو 1967 بعد الحرب التى شنتها إسرائيل على مصر، اختارت مصر اليوم ذاته عام 1975 أى بعد عامين فقط من انتصار أكتوبر المجيد، لإعادة افتتاح ذلك الشريان الملاحى المهم، وكأنها رسالة واضحة إلى كل الدنيا، مفادها أن مصر لا تعرف الانكسار، وقادرة دائماً على أن تحول ذكرى كبوتها إلى صحوة ترف من فوقها رايات النصر.

توقفت الملاحة فى قناة السويس بسبب العدوان الإسرائيلى فى 5 يونيو 1967 واستمر الوضع وتأثرت حركة التجارة العالمية، وتكبدت خسائر مالية ضخمة لاتخاذها طريق رأس الرجاء الصالح بديلاً، حتى أعلن الرئيس أنور السادات فى خطابه التاريخى بمجلس الشعب (29 مارس 1975) إعادة فتح قناة السويس وقال: «إننى لا أريد لشعوب العالم التى تهتم بالقناة معبراً لتجارتها أن تتصور أن شعب مصر يريد عقابها لذنب لم تقترفه، إنهم جميعاً أيدونا ونحن  نريد قناتنا كما يريدونها طريقاً لازدهارنا، سوف نفتح قناة السويس ونحن قادرون على حمايتها بنفس قدرتنا على حماية مدن القناة التى قمنا ونقوم بتعميرها، فلقد مضى ذلك العهد الذى كانت فيه المسافات حائلاً دون العدوان».

كان العالم على موعد مع استعادة أحد أهم شرايين حركة التجارة العالمية، وتعويض الخسائر الاقتصادية التى تجاوزت 13.6 مليار دولار، فى ملحمة من العمل المتواصل لتطهير القناة بدأت مع نصر أكتوبر 1973 عهداً جديداً بدأته القناة منذ ذلك الحين فى رحلة مستمرة من التطوير والتحديث للمجرى الملاحى بجهود وطنية للحفاظ على القناة رافداً للخير والنماء ليس لمصر وحدها بل للعالم أجمع.. وأعيد افتتاح القناة للملاحة العالمية، فى حفل أسطورى، وقال السادات فى خطاب تاريخي: "أعلن لابن هذه الأرض الطيبة الذى شق القناة بعرقه ودموعه، همزة للوصل بين القارات والحضارات، وعبرها بأرواح شهدائه الأبرار لينشر السلام والأمان على ضفافها، يعيد فتحها اليوم للملاحة من جديد، رافداً للسلام وشريانا للازدهار والتعاون بين البشر".

ثم صعد الرئيس السادات على متن المدمرة "6 أكتوبر" ليبدأ بها أول رحلة، عبر قناة السويس، فى قافلة تبدأ بكاسحتى ألغام، ثم المدمرة "6 أكتوبر" فاليخت "الحرية"، وسفينة القيادة بالأسطول السادس "ليتل روك" والسفينتين المصريتين "سوريا وعايدة"، ثم لنشين عسكريين والقاطرة "مارد" وفى نهاية القافلة، ثلاث سفن حربية والسفينة "غزل" وعند وصول القافلة إلى الإسماعيلية، توجه الرئيس إلى مبنى الإرشاد لإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية بمدخل المبنى.

ومع استمرار تطور صناعة السفن وبناء سفن أكبر فى الحجم والحمولة، ظهر الاحتياج إلى تطوير القناة، وقد تم ذلك بمعرفة الشركة العالمية لقناة السويس البحرية حتى وصل غاطس السفن إلى 35 قدماً، ومساحة القطاع المائى للقناة إلى 1200 متر مربع قبل تأميم القناة فى 26 يوليو 1956.

وتواصل تطوير القناة، حيث زاد الغاطس إلى 38 قدماً، بينما وصلت مساحة القطاع المائى للقناة إلى 1800 متر مربع، وانتهت هذه المرحلة فى مايو 1962، ثم أعلنت إدارة القناة فى يونيو 1966 خطة طموحة لتطوير القناة على مرحلتين لتصل بالغاطس إلى 48 ثم 58 قدماً على التوالي.

واستمرت الإدارة المصرية بعد ذلك فى مشروعات التطوير حتى وصل غاطس السفن المسموح لها عبور القناة إلى 66 قدماً فى عام 2010، ليستوعب جميع سفن الحاويات حتى حمولة 17 ألف حاوية تقريباً فضلا عن عبور جميع السفن من جميع أنحاء العالم.

وفى 5 أغسطس 2014 أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، البدء فعلياً فى إنشاء مجرى ملاحى جديد لقناة السويس وتعميق المجرى الملاحى الحالي، وتنمية محور قناة السويس بالكامل، بهدف تعظيم دور إقليم قناة السويس كمركز لوجستى وصناعى عالمى متكامل اقتصادياً وعمرانياً ومتزن بيئياً، ويسعى إلى جعل الإقليم محوراً مستداماً ينافس عالمياً فى مجال الخدمات اللوجستية والصناعات المتطورة والتجارة والسياحة. ويضم الإقليم ثلاث محافظات هى بورسعيد والسويس والإسماعيلية، وتتوافر به إمكانيات جذب فى مجالات النقل واللوجستيات، والطاقة، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والعقارات.

والقناة الجديدة كان خطوة مهمة لاستكمال الازدواج الكامل لقناة السويس من الكيلومتر 61 إلى الكيلومتر 95، وجرى افتتاحها فى 6 أغسطس 2015 بطول 35 كيلومتراً، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات المرة والبلاح بطول 37 كم ليصبح الطول الإجمالى للمشروع 72 كم من الكيلومتر 50 إلى الكيلومتر 122.

وتهدف القناة الجديدة إلى تلافى المشكلات القديمة لقناة السويس من توقف قافلة الشمال لمدة تزيد على 11 ساعة فى منطقة البحيرات المرة، ويسمح باستيعاب قناة السويس للسفن العملاقة بغاطس 65 قدماً، ما أسهم فى زيادة دخل القناة بنسبة 259%.

ويقول اللواء بحرى حسين الهرميل، إن قناة السويس شريان يربط ما بين التجارة العالمية فى الشرق والغرب، وقد أغلقت فى حرب 1967 وظلت مغلقة حتى افتتحها الرئيس السادات عام 1975 ولها أهميتها المؤثرة فى التجارة العالمية وعندما تولى الرئيس السيسى حكم البلاد كان أول مشروع فكر فيه هو عمل شريان آخر للجزء الشمالى للقناة، ما أسهم بشكل كبير فى تحسُن نقل التجارة العالمية لصالح العالم، ومصر تؤمن تجارة العالم بواسطة القوات البحرية والأجهزة الفنية التى تدير القناة بواسطة خبراء بحريين ومهندسين وكوادر ذات خبرات عظيمة.

وأضاف الهرميل أن القناة حاليا تنقل 12% من التجارة العالمية ويوجد محاولات من بعض الدول لإنشاء قناة بديلة وهى لها ظروفها الخاصة، فقناة الشمال المزمع إنشاؤها لها مدة محدودة فى حركة الملاحة بها، بسبب ظروفها الجوية وتكوُّن الثلوج بها، ونحن لا نتأثر بهذه القنوات، وستظل قناة السويس هى المسار الأفضل لحركة الملاحة العالمية نظراً لارتفاع التكلفة الاقتصادية للقنوات البديلة.

يتابع: قناة السويس كيان كبير داخل مصر ويحافظ على نقل البضائع وعمل الصيانات للسفن وتدبير احتياجات السفن من مهندسين وقاطرات وإشارات لصالح التجارة العالمية، ولا ننسى تطهير قناة السويس من المقذوفات العسكرية بواسطة المصريين وأن من يديرها كلهم مصريون من أصغر عامل لأكبر مهندس بها فهى كيان كبير منذ إنشائه وتأميمه لإعادة افتتاحها للمشاريع التى يتم إنشاؤها فكلها مدروسة ومؤثرة لصالح التجارة العالمية ويجب على العالم كله أن يساند إجراءات تطوير قناة السويس التى تعتبر هدية مصر للعالم.

فيما يقول القبطان عمر عز الدين، من مجموعة تطهير مجرى القناة من الأسلحة القديمة: إنه من ذكاء وفطنة السادات أن جعل يوم 5 يونيو 1975 يوما لإفتتاح القناة للملاحة بعد غلقها فى 1967، وهى رسالة إلى العالم كله بأن مصر لا تنكسر، وقد شاركتُ فى تطهير القناة من مخلفات الحرب الناتجة عن التراشق بالأسلحة بين مصر وإسرائيل أثناء حربى الاستنزاف وأكتوبر، وكان من الصعب إعادة افتتاحها إلا بعد تطهيرها، وطلب السادات وقتها مساعدة الدول الكبرى فى تطهيرها باعتبار أن القناة مجرى ملاحى عالمى فساهمت بعض الدول فى أعمال التطهير، فشاركت البحرية الأمريكية والإنجليزية والفرنسية وأرسلت الدول الثلاث مجموعات تطهير، وكان للبحرية المصرية الدور الأكبر فأسهمت مصر بـ60 غواصاً، وظل التطهير قرابة 15 شهراً، وكانت الدول الأجنبية المشاركة فى التطهير رأيها إرشادى، لأن معظم الأسلحة كان من صناعتها، فمثلا بعض القنابل كانوا يفجرونها فى القاع لخطورة استخراجها وفوجئوا بكفاءة الغواص المصرى، وكان بعد تطهيرها احتفال كبير بحضور الرئيس السادات مرتديا البدلة البيضاء، وحضرنا الاحتفال، وكان لنا الفخر بأن نكون ضمن مجموعة تطهير قناة السويس.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة