أم كلثوم
أم كلثوم


مدافع أم كلثوم المضادة فى صدر العدو!

آخر ساعة

الأحد، 06 يونيو 2021 - 10:47 ص

قراءة: أحمد الجمَّال

تحفل أعداد أميرة المجلات «آخرساعة» منذ عقود طويلة بموضوعات شائقة، ربما طاولها غبار الزمن، لكنها لا تزال تحمل رائحة العبق، وحين يقع تحت يدك عدد عتيق منها فهو بمثابة كنز يلقى هالة ضوء على مرحلة مهمة من تاريخ الصحافة، بل وتاريخ مصر عموماً فى ذلك الوقت. وفى السطور التالية نستعرض «كنوز الأميرة» وما فيها من صفحات الماضى وما نشر فيها إبان حرب 1967.

كان للفن دور مهم إبان حرب 1967.. كانت حناجر كبار المطربين مثل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ، تصدح بالكلمات التى أبدعها الشاعر صلاح جاهين.. نعم لم يتحقق لنا النصر فى هذه الحرب، لكن هذه الأغنيات ظلت باقية فى الوجدان تعبر عن إرادة شعب لا يعرف الانكسار ويصر على النصر الذى تحقق له بعد ست سنوات فقط فى عام 1973.. وهذا التقرير الذى كتبته الأستاذة إيريس نظمي، يعيدنا إلى أجواء الحماسة التى امتلأت بها استديوهات تسجيل الأغانى الوطنية وتفاعل معها كل المصريين فى ذلك الوقت، ونعيد نشره بتصرفٍ محدود فى السطور التالية:

كان نشيد «الله معك» الذى غنته أم كلثوم عبارة عن مظاهرة وطنية، لأن أم كلثوم عندما تغنى أغنية وطنية فكأنها توجه مدافع مضادة إلى العدو..

ورأيت أم كلثوم وقد جنَّدت نفسها لتشارك فى المعركة.. كانت تعمل ليل نهار وتسهر حتى الثالثة صباحاً لتسجل أناشيد المعركة، وتوجه نداءاتها إلى الجنود فى الخطوط الأمامية، ولم تكتفِ بهذا الجزء من التضحية بل طلبت من المسئولين أن تسافر إلى الجبهة، وتخاطب جنودنا فى أرض المعركة على الطبيعة.

وظلت أم كلثوم تنتقل طوال الأسبوع بين استوديوهات الإذاعة لتسجل نداءاتها، كما طالبت بدعوة الفنانين ليشاركوا فى برامج التعبئة.. واشتركت أيضاً بتقديم اقتراحاتها وأفكارها، وتبرعت بخمسة آلاف جنيه لرجال القوات المسلحة للمشاركة فى المجهود الحربي.

وصوت أم كلثوم حينما تتحدث فى الإذاعة لا يقل روعة عن غنائها.. وتأثير كلماتها كتأثير أغانيها الوطنية الممتلئة حماسة وقوة.. وقالت أم كلثوم:

ـ لقد أصبح كل إنسان فى مصر يعيش وهو يشعر بعزته وكرامته.. وبأنه أصبح شيئاً هاماً بين شعوب الأرض..

وأغنية «الله معك» من تأليف الشاعر الفنان صلاح جاهين.. ويعتبر هذا هو اللقاء الرابع بين صلاح جاهين وأم كلثوم.. لقد كان اللقاء الأول فى أغنية «والله زمان يا سلاحى»، واللقاء الثانى فى أغنية «القناة» عن تأميم قناة السويس، أما اللقاء الثالث فكان فى أغنية «ثوار»..

وقد عرفت صلاح جاهين منذ عام 1956، وعندما رأيته لأول مرة تصورت أنه يعمل فى المطبعة فشكله لم يكن يوحى أبداً بالفن.. ولم أره يرتدى البدلة مرة واحدة.. كان دائماً يرتدى قميصاً ملطخاً بالحبر الأسود.. و«صندلاً» فى رجيله وصوته جهوري.. وفى ذلك الوقت قامت معركة بورسعيد.. وكان وحى كلمات صلاح جاهين لا يأتيه إلا فى الظلام وعلى صوت الغارات.

لقد سهر صلاح يكتبه على ضوء شمعة.. وكمال الطويل يلحن حتى مطلع الفجر.. وأصبح هذا النشيد  فيما بعد السلام الجمهوري.

وقد التقى صلاح جاهين بسيدة الغناء فكتب لها كلمات استوحاها من كلام الفلسطينيين يبدأ بـ«الله معك»، وهى جملة عامية قد تسمعها من أى مواطن فلسطيني.. وشدت بها أم كلثوم:

جيش العروبة يا بطل الله معك

ما أعظمك ما أروعك ما أشجعك

مأساة فلسطين تدفعك نحو الحدود

حول لها الآلام بارود فى مدفعك

وهذه هى المرة الأولى التى  تغنى  فيها أم كلثوم لفلسطين.

وقد قال لى صلاح جاهين: لقد استغرقت هذه الأغنية فى تأليفها  6 سنوات وبدأت تأليفها منذ عام 1961 لأننى كنت أريد أن أكتب عن فلسطين.. وقدمت جزءاً من الأغنية إلى السيدة أم كلثوم فى ديوانى الذى أصدرته «القمر والطين».. وبالرغم من أنه كان جزءاً من الأغنية فإن السيدة أم كلثوم أعجبت بها.. وظلت فى درج مكتبها 6 سنوات، حتى خرجت هذه الأيام مع بداية المعركة لتؤدى دورها فى المعركة.. ثم بدأت أكمل الأغنية واستغرق منى إكمالها يوماً واحداً لتُعد للتلحين..

وقد كتب صلاح جاهين أغنية أخرى بهذه المناسبة لعبدالحليم حافظ، وهى «إنذار يا استعمار» وهذه الأغنية أخذت منه كما يقول أقل وقت ممكن.. فقد ألفها فى نصف ساعة فقط.

ويقول صلاح جاهين: «كنت قاعد على مكتبى وشعرت أن الناس كلها فى حالة طوارئ، واستوحيت كلماتها من الموقف، ومن كلمات السيد الرئيس عندما قال «نموت.. ولا نفرط فى حبة رمل».

وقد أخذ صلاح جاهين هذا المعنى فى جملة: «من كل حبة رمل.. من أرض الوطن إنذار»، وصلاح جاهين يمتاز بالصدق والحساسية الشديدة والتجاوب مع الأحداث لدرجة أنه إذا أحس بكلمة تؤثر فيه يستطيع أن يخرجها إلى أغنية فى نصف ساعة، لذلك أطلق عليه شاعر المفاجآت.

(«آخرساعة» 7 يونيو 1967)

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة