صالح الصالحي
صالح الصالحي


يوميات الأخبار

حكاية ثورة شعب

صالح الصالحي

الإثنين، 07 يونيو 2021 - 08:18 م

سجل يا تاريخ حكاية ثورة شعب.. ملحمة سطورها من نور فيها شعب وزعيم غيروا وجه المنطقة.

العبثية والعشوائية لا تكتبان تاريخ الأمم.. وكفاح الشعوب لا يضيع هباءً.. ومتى امتلك الشعب وقيادته الإرادة السياسية يستطيع أن يصنع المعجزات. التى لم تأت من فراغ فهى حالة تملأها الثقة والرجاء بين القيادة والشعب.. هذه الحالة ليست بجديدة على التاريخ المصري.. فدائما ما يقال إن الشعب المصرى بجذوره الفرعونية يستطيع دائما أن يصنع المعجزات والتاريخ يشهد.

ما حدث فى ٣٠ يونيو هو المعجزة التى حققها الشعب المصرى بالالتفاف حول قيادة اختارها بنفسه.. شعب رفض الأخونة التى جعلت حالة الضعف والوهن تخيم على كل أجهزة الدولة، والاحباط يدخل لنفوس المصريين بأن تكون نهاية كفاح شعب خرج يطلب الحرية والكرامة الإنسانية والعيش، شعب استطاع أن يسقط نظاما كاد أن ينتهى به الحال للحكم الفاشى.. هذا الحكم الذى زرع الفتن بين أبناء الشعب الواحد، لدرجة أنه أدخل الفرقة بين أبناء الأسرة الواحدة ظنا منه أنه حينما يحقق هذه الفرقة يستطيع أن يسود ويتمكن.. فكانت البلاد كئيبة الكل محبط.. الوجوه عابثة حزينة.. انطفأت أنوار المصابيح فى البيوت لدرجة أن الناس بدأت تزحف ناحية المولدات الكهربائية.. اختنقت الشوارع فى أزمات عديدة.. عداء مع طوائف بعينها فى المجتمع على رأسهم الشرطة والأقباط. لا يمر يوم بدون دماء.

الكل يسأل هى دى مصر؟!.. مصر الآمنة التى يأتى إليها الناس من كل مكان يدخلونها بسلام آمنين.. أزمات فى المؤسسات الدستورية.. أزمات فى كل مكان.. نستيقظ على أزمة وننام على أزمة.. نعيش فى أزمة كبيرة.. وكأن هذه الجماعة الفاشية مجموعة من اللصوص يخطفون مجلس الشورى والشعب.. يتصورون اجبار الناس على دستور يؤصل لفاشيتهم وسيناء ملتهبة وحدودنا الغربية والجنوبية مشتعلة. أبدا لن تكن مصر هكذا.. ولا يرضى أى مواطن مخلص أن تصبح مصر هكذا.

حينما خرجت الناس للشوارع فى ٣٠ يونيو كانوا يطلبون الأفضل فى كل شيء، ولم يرضوا أبدا بتمزيق البلاد.. والمدهش أن الإرادة الشعبية تتمرد وتطلب برحيل الجماعة  الإرهابية، وكان الاختيار التاريخى أن ينحاز الجيش للإرادة الشعبية، فمكث الناس فى الميادين الرئيسية فى كافة المحافظات.. وكلما خرجت طائرات القوات المسلحة تطوف فى سماء البلاد لتطمئنهم كانوا يلوحون لها ولسان حالهم يقول "نحن هنا".

هذا هو  السر الأزلى بين المصريين وجيشهم من أيام أحمس والثقة متبادلة.. وعلى صعيد مواز الجماعة الإرهابية تحشد فى ميادين رابعة والنهضة تلوح بأعمال أجرامية وقطع الطرق. وسفك دماء وقتل وبلطجة واستعراض قوة، حتى جاء يوم التفويض للقيادة العليا للقوات المسلحة يوم ٣ يوليو.. هذا اليوم الذى تغير فيه وجه المنطقة.. وقضى على كل أحلام الجماعة ووأد المشروع الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط بأكملها.. وتحطمت كل مشروعات الشرق الأوسط الكبير.. ووقفت قيادة القوات المسلحة فى جانب الشعب تحميهم وتحمى مصر أرض وسماء.. وتقول «نموت ولا تخرج رصاصة تجرح مصرياً».

وخرج الإخوان من حياة المصريين كلها جماعة إرهابية منبوذة.. قتلة المصريين.

لم تكن ثورة المصريين التى خرج فيها أكثر من ٣٠ مليون مواطن للشوارع ثورة دموية، فلم تعلق المشانق ولم تصدر احكاما سريعة بالإعدام والقتل والغدر والتشفى على الرغم من المذابح التى قامت بها هذه الجماعة. ورغم قسوة ودموية سلوك أعضاء هذه الجماعة تجاه المصريين خضعوا لمحاكمات عادلة.. لأن مصر دولة عدل وقانون .

لن ينسى المصريون ما فعلته الجماعة الإرهابية فى ربوع البلاد على مدار عام كامل.. كان الأسوأ والأصعب.. فتحطم الاحتياطى النقدى وأشرف على النفاد.. وتدنى مستوى التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصري، فى الوقت الذى رفضت فيه كافة المؤسسات المالية النقدية إقراضنا فأين الضمان مع جماعة إرهابية لم يعرف حكمها طريق القانون والدستور.

المصريون بطبعهم دعاة استقرار.. فهم ساكنو الوادى والدلتا.. الذين عرفوا الاستقرار حول مياه نهر النيل.. ولم يكونوا رعاة يتجولون هنا وهناك بحثا عن الماء والكلأ.. ومصر آمنة على مدار عقود وعقود من الزمن، دعوة إلهية.. وشعب صابر يمر بالمحن ويضحى ويموت ويستشهد ولا يعبأ فعقيدة أرضه عِرضه هى التى تحركه.. لايهاب الموت ويفرح وذويه بالشهادة.

الجمهورية الثانية

نهضت مصر بعد عام من المرحلة الانتقالية.. تم إعداد الدستور.. وتشكيل الحكومات.. وانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي.. الذى أتى إلى المشهد والبلاد ممزقة.. ولكنه نال حب شعبى جارف فهو الزعيم الذى التفوا حوله لأنه حقق المعجزة وبدأت الجمهورية الثانية بأصعب القرارات وأجرأها.. ومن كان يتصور على مدار عقود أن يتم تحرير الجنيه المصرى فى مقابل العملات الأجنبية.. وينجح التعويم ويحقق برنامج الإصلاح الاقتصادى نمواً تخطى الـ٥٪ ويقدم نموذجاً شهدت به كافة مؤسسات التمويل الدولية.. وجاء وباء كورونا.. وكانت المعالجة الأفضل والأذكى والتى تفادت تحطم اقتصاديات دول كانت تحتل المرتبة الثانية فى الاقتصاديات الصاعدة.. ولكن فى مصر كانت إجراءات احترازية قوية وغلق جزئى جنب البلاد هدما للاقتصاد.. بل على العكس تحرك وبدأ يؤتى ثماره بالفعل واستطاع أن يحقق أكثر من ٢٫٩٪ معدلا  للنمو.. ويحقق المرتبة الثانية عالميا فى ظل وباء كامن أتى على الأخضر واليابس.

وقامت الجمهورية الثانية على أسس الديمقراطية وسيادة القانون.. وأرست قواعد حقوق الإنسان. وأهمها الحقوق المدنية والسياسية وأساسها الحرية.

المساواة بين المواطنين

استعاد جهاز الشرطة عافيته لحفظ الأمن والاستقرار الداخلى والحفاظ على حياة المصريين وحريتهم بعدما تعرض لدمار شبه كامل على يد الجماعة الإرهابية.. والذين حاولوا هدم الثقة المتبادلة بين الشرطة والمواطنين.

كما قامت الجمهورية الثانية على مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات والاخاء وعدم التمييز الطائفي.. والمشاركة فى الحياة العامة واجراء انتخابات نزيهة باشراف قضائى.. لم تنس الجمهورية الثانية العدالة الاجتماعية، بتحقيق الطفرة النوعية فى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. مثل معاش تكافل وكرامة وزيادة الدعم العينى والنقدى للفئات المستحقة. وتطوير الريف المصرى كمشروع قومى باستثمارات ٧٠٠ مليار جنيه. وتحقيق تنمية شاملة للقرى الأكثر فقرا واحتياجا.. وبناء العاصمة الإدارية الجديدة وتطوير جميع العشوائيات وبناء سكن كريم ملائم لجميع فئات الشعب المصري.. من اسكان اجتماعى ومتوسط ومتميز لتحسين جودة حياة المصريين لكى يحيوا حياة كريمة.. هذا بالإضافة إلى شبكة طرق قومية عملاقة. و١٢ مدينة ذكية وعاصمة إدارية جديدة ذكية فى كافة التعاملات ومناحى الحياة من مبانى ومواصلات وخدمات وغيرها.

ولم تنس الجمهورية الثانية مشاكلنا المزمنة فى التعليم والصحة. فواجهتها بتطوير للمناهج التعليمية وتغيير نظام التعليم القائم على الحفظ والتلقين والدروس الخصوصية واستبدال ذلك بمشروع جديد يمثل تحديا كبيرا.

لم يتوقف الأمر عند ذلك بل سيتم بناء جامعات حكومية وأهلية جديدة بمعايير وجودة عالية.

أما المنظومة الصحية التى يأتى على رأسها مشروع التأمين الصحى الشامل الذى تخطى المراحل التجريبية فى عدد من المحافظات.. والذى يعتمد على بناء مستشفيات جديدة وتحسين جودة الخدمات المقدمة لكافة المصريين. هذا بالإضافة إلى العديد من المبادرات التى يتبناها رئيس الجمهورية من أجل صحة المصريين. وتشهد الجمهورية الثانية دعما غير مسبوق للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وغيرها وغيرها.. فكل حلم بأن تصبح مصر جديدة أصبح حقيقة.. بعدما استعادت مؤسسات الدولة عافيتها وأرست قواعد الشفافية والحوكمة فى كافة المؤسسات.

ولن ننسى الإعلام الذى توج هذه المرحلة.. التى اعتمدت على حرية الصحافة والإعلام.. وتبنت رؤية وطنية بعيدة المدى تتسق مع طبيعة المرحلة التى تعيشها البلاد من تحديات ومخاطر تحدق بأمنها الاستراتيجى، مما يستوجب اعلاما وطنيا مخلصا يرفع الوعى ويحافظ على الهوية ويقوم بدوره فى مواجهة القنوات المعادية التى تحاول بكل ما اوتيت من قوة أن تهدم هذا الوطن.. وأتصور أننا على الطريق الصحيح وأن الدولة تقدم كل الدعم للهيئات الإعلامية الثلاث لدعم الإعلام الوطنى وضبط المشهد الإعلامى ومواجهة التحديات.

وتبقى السياسة الخارجية عنوان الوطن.. حيث استطاعت مصر مع الرئيس عبدالفتاح السيسى ان تعود لدورها الريادى والقيادى فى المنطقة فتنطلق شمالا وجنوبا وشرقا وغربا متمسكة بعروبتها وأفريقيتها.. وسينصر ربنا مصر حتما.. فأبدا لم تكن مصر دولة معتدية إلا أنها لن تفرط فى حقوقها أو حدودها.

مصر دولة كبيرة.. وستظل كبيرة يتعلم منها الجميع.. لم تكن مصر هبة النيل كما كان يقال.. مصر هى الأرض التى تجلى عليها الله سبحانه وتعالى.. مصر الملاذ والملجأ والمنجى للرسل ومسار العائلة المقدسة.. مصر بها خزائن الأرض.

مصر شعب طيب يعشق الاستقرار يعانى ويقف بجوار الأشقاء ويحميهم ويقدم المعونة لهم.

يتعجب بعض المارقين كيف لدولة تعانى وبها أكثر من ١٢٠ مليون شخص أن تقدم مساعدات مالية وطعاما ودواء لدول أخرى منكوبة.. أقول هى مصر التى عرفها الجميع.. والتى تعطى بلا مقابل.. تجاهد وتحارب من أجل عدالة القضية العربية. وتبنى جيشها وتدعمه بأبنائها لحماية الحق.

وتستمر فصول حكاية شعب ثار وانتصر يبنى دولته.. كانت الثورة بداية الحكاية.. والعمل والعرق والجهد يمتد لفصول طويلة.. طموح بلا حدود.

حكاية ستكون مصر فيها دولة جديدة بجمهورية جديدة.

اذا كانت مصر الحديثة تؤرخ بتولى محمد على باشا حكم البلاد عام ١٨٠٥.فالجمهورية الجديدة تؤرخ بتولى الزعيم عبدالفتاح السيسى عام ٢٠١٤ بحب وثقة وجهد وعرق المصريين.

يقولون مصر محظوظة بزعيمها.. وأقول حفظه الله لمصر وشعبها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة