الصعود إلى جبل المجازات
الصعود إلى جبل المجازات
الثلاثاء، 08 يونيو 2021 - 11:39 ص
كتب: محمود الوردانى
يتوالى الإنتاج الأدبي في مصر، ويزداد ويتنوع ويستقبل أسماءً جديدة، على نحو يثير الدهشة من جانب، ويبعث على الأمل في ظل واقع مترد من جانب آخر.أصبح من المعتاد أن يفاجأ الواحد بكاتب جديد، يضيف إلى المشهد مثل أحمد كامل الذي فازت روايتهب جبل المجازاتب- دار ممدوح عدوان- القاهرة-2018 بالجائزة الأولى في الدورة الأولى لمسابقة يحي حقي للرواية، وتشرّف كاتب هذه السطور بعضوية لجنة تحكيمها.
وفي السنوات القليلة الأخيرة، توالى الإنتاج الأدبي، وهناك شعراء جدد يفوقون الحصر(لاأتحدث عن القيمة الفنية هنا، لكنهم يمتلكون بلا شك خيالا خلابا وولعا بخوض مغامرات التعبير)، وبدأت القصة القصيرة التي كادت تتوارى في الظهور، وهناك بالتحديد مجموعات قرأتها أخيرا لهيثم الورداني ومحمد فرج وحسن عبد الموجود تشكل إضافة مهمة وجديرة بالتوقف أمامها. أما الرواية فهي أكثر إثارة للتفاؤل ويخوض غمارها كتاب لاينتمون لتيارات أدبية وفنية شتى فقط، بل يمثلون أجيالا مختلفة أيضا، من ابراهيم عبد المجيد وليس انتهاءٍ بأحمد كامل الذي أصدر روايته الثانية المشار إليها، وتستحق تجربته الثانية الانتباه والتقدير على الرغم من أن خبرته ودرايته لاتتجاوز رواية واحدة.
أود أن أشير أولا إلى أنني أعتز بشدة بما أكتبه من قراءات وانطباعات كاتب عن بعض الأعمال التي أصادفها، إلا أنها تظل إشارات وانطباعات ممارس للكتابة، وليست نقدا أو دراسة، بل هي مجرد قراءة لعمل مفعمة بمتعة الاكتشاف والاستمتاع الشخصي بالكتابة.
وفيما يتعلق بجبل المجازات فقد اضطررتُ لقراءتها مرتين، وواجهت عنتا وصعوبة في القراءة الأولى، ولم أكتشف مثلا ضرورة الرسم التخطيطي الذي نفّذه الكاتب لقريتي المناجاة والغزالة إلا بعد أن قطعت شوطا في القراءة . غير أن هذه الصعوبة يمكن احتمالها بعد أن يمضي الواحد في القراءة.
لايكتب كامل رواية، بل يشيّد عالما موازيا لعالمنا ومتقاطعا معه. عالم لايستند على الأسطورة أو يمتح منها أو يستعين بها، بل يكتب الأسطورة ذاتها، منذ السطور الأولى للرواية،عندما قاد فوزي الضئيل( لايذكر الكاتب إسمه، لذلك لن نعرفه إلا بعد أن نمضي شوطا طويلا، وهذا مثال فقط على المصاعب التي تزخر بها الرواية، إلا أن الكاتب اختار طريقة وأسلوبا في بناء العمل، ومن الواجب احترامها والسعي لفض مغاليقها) عندما قادب جحافل لانهائية من نخلات تدور حول نفسها، مئات آلاف من نخلات تتدحرج أفقيا بانتظام وبخفة جسم بشري ضئيل ممتدة في الصحراءب.
فيما بعد سوف نعرف إلى أي مدى تعرض فوزي الضئيل للإهانة والدهس بالأقدام من علوان صاحب الأرض، ومن القرية التي طالما مضغت سيرته وسيرة أمه بوصفه ابن حرام. وسوف نعرف أيضا أن فوزي ليس مجرد نفرأُجري يشقى في أرض علوان فقط، بل هو أيشا شأنه شأن أبيه الغامض لايحب النوم مع النساء وينفر منهن، ويتسلل في جنح الليل ليمارس الحب مع نخلة تدميه بجسمها الخشن.
وهكذا يجتاح فوزي بجيشه قرية الغزالة ويمحوها من الوجود، بينما يتجه بخطوات واثقة كقائد منتصرليمثّل برفاتب المرحومة رئيسى النسل وشمس الإفراج درية عبد العليم جبلب ثم يمضي إلى الجنوب، ويدخل مقابر المجاهيل لينحني مقبلا شاهد قبر أمه عديلة محمد عبد الوهاب.
ماسبق هو مشهد البداية فقط، وهو مشهد أسطوري بامتياز لكنه قادر على إقناعنا بصدقه وإمكانية حدوثه.
أستكمل في الأسبوع القادم إذا امتد الأجل قراءة الرواية المدهشة.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة