منصورة عز الدين
معرض أبو ظبى يصل التراث العربى باللحظة الراهنة
أُقيم فى ظل احترازات صحية مشددة:
الثلاثاء، 08 يونيو 2021 - 11:53 ص
كتبت :منصورة عز الدين
فى الفترة من 23 إلى 29 مايو 2021، أُقيمت الدورة الثلاثون من معرض أبو ظبى الدولى للكتاب بمشاركة أكثر من 889 عارضًا حضوريًا وافتراضيًا، 662 عارضًا دوليًا و227 عارضًا محليًا من أكثر من 46 دولة من حول العالم. واستضاف المعرض قرابة 315 ضيفًا ومتحدثًا، شاركوا فى أكثر من 230 جلسة واقعية وافتراضية.
ألقت الجائحة الحالية بظلالها على دورة هذا العام من المعرض، التى عقدت وفق بروتوكول صحى صارم، يمنع دخول أى شخص إلّا إن كانت معه نتيجة اختبار فحص كورونا سلبية لم يمض عليها 28 ساعة، ووفرت إدارة المعرض للزائرين والضيوف مركزًا طبيًا لإجراء هذه الاختبارات مجانًا.
لكن هذا ليس كل شيء، فحتى مع التأكد من عدم دخول أى شخص دون هذه الاختبارات، حرص القائمون على دورة هذا العام على التزام الجميع داخل الأروقة والأجنحة بالاحترازات الوقائية من التباعد الاجتماعى وارتداء الكمامات بشكل دائم.
ولعل أبرز أنشطة المعرض كانت تلك الخاصة بضيف الشرف، ألمانيا التى ضم جناحها أكثر من 15 دار نشر ألمانية استعرضت ما يزيد على 350 عنوانًا باللغة الألمانية وبعضها مترجم إلى اللغة الإنجليزية، كما قدمت عددًا من الندوات المهمة.
وكذلك حظيت الندوات الخاصة بجائزة الشيخ زايد للكتاب، والتى ضمت الاحتفال بالفائزين وندوات تشمل حوارات معهم، باهتمام جمهور المعرض، وقد حضر بعض الفائزين، فى حين شارك بعضهم الآخر فى الندوات افتراضيًا.
وعلى هامش المعرض، أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية فوز الكاتب الأردنى بها عن روايته ادفاتر الوراقبـ وأُقيمت ندوات افتراضية مع كُتَّاب القائمة القصيرة.
وضمن مبادرة اأضواء على حقوق النشرب، واصل معرض أبو ظبى دعم قطاع النشر من خلال المنح المالية التى يقدمها لدعم الكتاب، لتصل إلى 300 منحة، كما تم توسيع نطاق دعمها ليشمل الكتب الصوتية والإلكترونية.
وأتاح المعرض للناشرين تقديم طلب الحصول على المنحة شخصيًا أو افتراضيًا، عبر موقع معرض أبوظبى الدولى للكتاب أو تطبيق المعرض على الهاتف الجوال، والذى يتضمن صفحة مخصصة لمبادرة اأضواء على حقوق النشرب.
وسهّل برنامج اأضواء على حقوق النشرب منذ إطلاقه عام 2009 ترجمة المحتوى من اللغة العربية وإليها، وساهم فى نشر أكثر من 600 عنوان يتناول مواضيع مختلفة بما فيها العلوم والتاريخ والعلوم الاجتماعية وأدب الأطفال.
عيون النثر العربى فى كتب صوتية
من جهة أخرى أطلق معرض أبوظبى الدولى للكتاب سلسلة من الكتب المسموعة لخمسين كتابًا من أبرز كتب النثر العربى القديم، وذلك ضمن مبادرة اعيون النثر العربيب للكتب الصوتية. وهذه الكتب متاحة، لمن يرغب فى الاستماع إليها، على موقع إلكترونى مخصص للمبادرة، ومن المقرر إطلاق خمسين كتابًا أخرى، فى المرحلة المقبلة أى ما مجموعه 100 كتاب.
وتهدف السلسلة، التى ستقدم لكل كتاب نسختين صوتيتين، إحداهما كاملة، والأخرى عبارة عن مُلخص موجز، ضمن مبادرة اوجيز الكتبب إلى وصل القارئ بالتراث العربى وإتاحة هذا التراث عبر التقنيات الحديثة.
وتضم المجموعة مقتطفات ومختصرات من أمهات كتب التراث القيمة. وتتضمن موضوعات متنوعة وثرية، ويهتم مضمونها بصنوف مهمة لدى القارئ العربى ومنها الأدب والتاريخ واللغة والشعر وكتب الرحلات، وغيرها. وتتوجه المجموعة للعامة والقارئ المختص معًا لأنها تغطى فضاء زمنيًا واسعًا بدءًا من القرن الثانى الهجرى وانتهاءً بالقرن التاسع.
ومن بين عناوين السلسلة: امقدمة ابن خلدونب، واطبقات فحول الشعراءب للجمحى واأشعار النساءب للمرزبانى واالأغانىب للأصفهانى وبسحر البلاغة وسر البراعةب للثعالبى واالبيان والتبيينب واالحيوانب للجاحظ، واكليلة ودمنةب لابن المقفع، واالإمتاع والمؤانسةب للتوحيدى واطبقات فحول الشعراءب لابن سلام، واالعقد الفريدب لابن عبد ربه.
كتب عربية فى أوروبا
ومن بين الندوات اللافتة فى أنشطة ضيف الشرف، كان هناك نقاش افتراضى فى أول أيام المعرض، حول المكتبات العربية فى أوروبا، شارك فيه فادى عبد النور أحد مؤسسى مكتبة اخان الجنوبب للكتب العربية ببرلين، وسامر القادرى مؤسس مكتبة صفحات للكتب العربية فى إسطنبول وأمستردام.
وقال عبد النور فى هذه الندوة، أنه يقيم فى برلين منذ فترة طويلة، وافتقد طوال هذه الفترة القدرة على الحصول على كتب عربية حديثة أو حتى قديمة فى ألمانيا اومع الوقت صارت برلين مهجرًا مفضلًا لكثير من جيل الشباب من العالم العربي. وصار عندى أصدقاء من الكتاب العرب المقيمين ببرلين، ممن يكتبون وينشرون فى العالم العربى ولا أستطيع الحصول على كتبهم لقراءتها. ومن هنا جاءت فكرة افتتاح مكتبة توفر الكتب العربية الحديثة فى ألمانيا، لدينا مكتبة ببرلين وموقع لبيع الكتب اأونلاينب، ونفكر مع الوقت فى البدء بنشر أعمال محددةب.
أما سامر القادرى فقال إنه بدأ علاقته بالكتب بإنشاء دار نشر للأطفال فى سوريا سنة 2005، اومثل كل شيء له علاقة بالثقافة فى العالم العربى هو يبدأ من شغف شخصى وليس مؤسساتي. بدأنا النشر لأننا أردنا إصدار كتب عربية بشكل فنى جيد ومختلفة عن الموجود فى السوق، وقتها فى سوريا لم تكن هناك كتب مصممة ومنفذة بشكل فنى جيد، فبدأ شغفنا من هنا وقررنا إنشاء دار نشر لكتب الأطفال أنا وجلنار زوجتى وهى كاتبة ورسامة للأطفال. ونجحت الدار بعد صعوبات كثيرة طبعا، ثم غادرنا سوريا إلى الأردن، ثم توجهنا إلى إسطنبول، وهناك كانت المفاجأة، حيث اكتشفنا أنهم ليس عندهم معرفة حقيقية بالمجتمع السورى ونحن لسنا لدينا معرفة حقيقية بالمجتمع التركى فكانت فكرة مكتبة صفحات هى فكرة لتعريف المجتمعات على بعضها. الكتاب هو أساس للتعرف على الناس، أساس للتعرف على الثقافة. الأمر نفسه ينطبق على صفحات فى أمستردام. الآن نحن نعمل أونلاين فقط بسبب كوروناب.
القصة القصيرة فى مواجهة الرواية
وفى السابعة من مساء يوم الجمعة 28 مايو، أقيمت ندوة مع الكاتب سلطان العميمى؛ رئيس اتحاد كتاب الإمارات، لمناقشة مجموعته القصصية اكائن أزرق، أو ربماب، وللحديث عن علاقته بفن القصة القصيرة، أدارتها الكاتبة صالحة عبيد حسن، التى سألته: توقعت وأنا أقرأ القصص أننى سأجد نصًا ما مرتبطًا بالجائحة، هل تجنبت ذلك بشكل متعمد؟
وأجابها: الا أكتب لأنقل ظاهرة زمانية ومكانية محيطة بى أتكلم هنا عن القصة القصيرة. القصة بالنسبة لى ولادة لحظية مرتبطة أحيانًا بفكرة تخطر فى بالي. كتابة قصة عن الجائحة فيها صنعة أكثر مما هى تصوير لفكرة قصة ترد فى بالى ربما بعد عشر سنوات تأتينى فكرة عن قصة فى زمن الكورونا، فالمسألة بالنسبة لى بعيدة عن مسايرة لحظة زمانية ومكانية لأكتب عنها. لكن الثورات التى تحدث حولنا فى العالم، ومسألة اللاجئين، عندى قصة عنها مثلًا، تأثرى بما أشاهده فى التلفزيون أو عبر وسائل التواصل الاجتماعى أحيانًا يحفزنى للكتابة مركزًا على ما يحدث خلف الكواليس، ما تتكشف عنه بعض الأحداث، الخفايا التى قد لا يلتفت إليها الإعلام. أحب أن أضعها فى الواجهة، لأنه بعد سنوات طويلة تصبح الهوامش هى الواجهة لأحداث كبيرةب.
وبسؤاله: هل تعتقد أن القصة القصيرة قد تعود للواجهة إذا ما وجدت جوائز تدعم وجودها كما تدعم وجود الرواية؟ أم أن الأمر مرتبط بما تفرضه الأحداث العامة والأفكارالمرتبطة بها؟
وكانت إجابته أن االجوائز وحدها غير كافية. القصة فن عظيم ولكن هناك أكثر من شريك فى الوضع الذى تأخذه القصة والوضع الذى تأخذه الرواية وغيرها من الأشكال الأدبية. القارئ شريك، الكاتب شريك، دور النشر شريك، الجوائز شريكة، ورش الكتابة شريكة، النقاد شريك، الإعلام شريك فى المسألة. الإغراء الموجود فى الرواية إغراء لا يقاوم الآن. فى فترة من الفترات الكل كان يريد أن يكون شاعرًا، أن يكتب ولو نصًا شعريًا واحدًا، أن تُنشَر له قصيدة. الآن كثيرون يتمنون أن تُنشَر لهم رواية. بعضهم اكتفى بكتابة رواية وكفى. لكى نعيد للقصة وهجها نحتاج إلى جوائز، لكن نحتاج أيضًا إلى صناعة لكُتَّاب القصة. صناعة كاتب القصة بالمفهوم الذى يجعل للقصة ذوقها الذى تشعر بطعمه وأنت تقرأها. مع احترامى لكل التجارب المنشورة حاليًا تحت مسمّى قصة قصيرة، أدرك تمامًا أن حتى مفهوم القصة الآن اختلف، مع تداخل كثير من المفاهيم وتطور كثير من المفاهيم النقدية المرتبطة بأشكال النصوص الأدبية. أصبح النص الأدبى القصصى لا يخضع لمعايير واضحة، تمامًا مثل النصوص الشعرية أحيانًا. لكن أن تفقد القصة جمالياتها أحيانا على الأقل بوجود البداية ثم تأزم الموقف ثم الخاتمة، أنا كقارئ لا أشعر بجمالية القصص بدون هذه العناصر الثلاث. هناك نصوص كثيرة تنشر على أنها قصص، بينما هى أقرب إلى الخواطر والمقالاتب.
الكتابة أوسع من مفهوم النوع الأدبي
وفى ندوتها الافتراضية فى اليوم الختامى للمعرض قالت إيمان مرسال، ردًا على سؤال من مديرة الندوة صالحة عبيد: هل لا تزال ترى نفسها شاعرة بالأساس؟ افكرة الكتابة فى حد ذاتها هى الفكرة الرئيسية، بمعنى وجود علاقة ما باللغة، وأن يكون الشخص فعلًا فى أسئلته، فى قلقه، فى كوارثه، لا يستطيع التصرف بأى شكل آخر، ولا أن يفهم ما يمر فيه غير لما يحاول وضعه فى اللغة. فطبعا مفهوم الكتابة أوسع من مفهوم النوع الأدبى ومع ذلك بما أنك سألتِ بشكل مباشر عن الشعر، فالحقيقة الشعر هو أهم نوع أدبى بالنسبة لي. أحيانا أحس أن الشاعر لا يمكن أن يكون شاعرًا فقط، لأن فكرة أن تكتبى قصيدة فكرة صعبة. طبعًا هناك جهد نبذله كى نكتب قصيدة، لكن القصيدة لا تأتى بالجهد فقط، ربما تحتاج شيئًا آخر، شيئًا عشوائيًا ربما. شيء خاص بالمزاج اللغوى الذى من الممكن أن يفاجئك. من أجل هذا على الشاعر أن يبتعد عن الشعر، ليس بمعنى الهجران، ولكن بمعنى أن يوسع وجوده، ويرجع للشعرب.
أما الكاتب الفرنسى جيلبير سينويه، فقد هنَّأ فى ندوته ضمن فعاليات اليوم الختامى منظمى المعرض على نجاحهم فى تنظيمه فى ظل الظرف الحالى المتسم بالصعوبة بسبب جائحة كورونا، واعتبر إقامة المعرض خطوة شجاعة للغاية.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة