التفاصيل الكاملة لمذبحة "أبو حـــــــــزام" بقنا
التفاصيل الكاملة لمذبحة "أبو حـــــــــزام" بقنا


"أخبار الحوادث" في قرية الدم والنار

التفاصيل الكاملة لمذبحة "أبو حـــــــــزام" بقنا

أخبار الحوادث

الثلاثاء، 08 يونيو 2021 - 02:42 م

 كتب :أبو‭ ‬المعارف‭ ‬الحفناوي

‭..‬قرية‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬الجبل،‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬سكانها‭ ‬ثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬نسمة،‭ ‬تبعد‭ ‬عن‭ ‬مدينة‭ ‬نجع‭ ‬حمادي‭ ‬كيلو‭ ‬مترات‭ ‬قليلة،‭ ‬تقع‭ ‬شرق‭ ‬النيل،‭ ‬عُرفت‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬بأنها‭ ‬قرية‭ ‬الدم‭ ‬والنار،‭ ‬بعدما‭ ‬أنجبت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرم‭ ‬شديد‭ ‬الخطورة،‭ ‬تعارف‭ ‬عليه‭ ‬الناس‭ ‬باسم‭ ‬خط‭ ‬الصعيد،‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬حُكم‭ ‬عليه‭ ‬بالإعدام،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬أثناء‭ ‬مداهمة‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الجبل‭ ‬بحثًا‭ ‬عنه،‭ ‬ومنهم‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬سجينا‭ ‬يقضي‭ ‬مدته‭ ‬خلف‭ ‬الأسوار،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬القرية‭ ‬ملاذًا‭ ‬للمجرمين،‭ ‬وأصبح‭ ‬الجبل‭ ‬مقصدًا‭ ‬للهاربين،‭ ‬لعقود‭ ‬طويلة،‭ ‬أفقر‭ ‬القرية‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والتثقفية‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وجعل‭ ‬المسئولون‭ ‬يتباطئون‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬للقرية‭ ‬خشية‭ ‬السرقة‭ ‬أو‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬المنفذين‭ ‬لهذه‭ ‬الخدمات‭.‬

عاشت‭ ‬أبو‭ ‬حزام،‭ ‬سنوات‭ ‬طوال‭ ‬بين‭ ‬الحزن‭ ‬والإجرام‭ ‬والخلافات‭ ‬الثأرية،‭ ‬وانتشار‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنجبت‭ ‬القرية‭ ‬مهندسين‭ ‬وصيادلة‭ ‬وأطباء،‭ ‬حاولوا‭ ‬تغيير‭ ‬المفهوم‭ ‬المتوارث‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬العائلات،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يتسم‭ ‬بالقتل‭ ‬وحيازة‭ ‬السلاح،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬25‭ ‬يناير‭ ‬2011،‭ ‬وما‭ ‬اعقبها‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الجرائم‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬للقرية‭ ‬وأصبح‭ ‬شعار‭ ‬أي‭ ‬مشاجرة‭ ‬بين‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬القرية‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح،‭ ‬والذي‭ ‬يولد‭ ‬خصومة‭ ‬ثأرية‭ ‬يروح‭ ‬ضحيتها‭ ‬شباب‭ ‬وشيوخ‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬العائلتين‭ ‬المتخاصمتين‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خارجهما‭ ‬مما‭ ‬ساعد‭ ‬في‭ ‬اتساع‭ ‬دائرة‭ ‬الدم‭ ‬بين‭ ‬العائلات،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬طالب‭ ‬فيه‭ ‬كثيرون‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬القرية‭ ‬بضرورة‭ ‬وجود‭ ‬تمركز‭ ‬أمني‭ ‬بالقرية،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬كافة‭ ‬الخدمات‭ ‬لهم،‭ ‬معللين‭ ‬بذلك‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تنمية‭ ‬حقيقية‭ ‬تساعد‭ ‬الأهالي‭ ‬في‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الخلافات،‭ ‬إلا‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬فكر‭ ‬واعي‭ ‬وأيضَا‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الضرورية‭.‬

وخلال‭ ‬الثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬شنت‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬بقنا،‭ ‬حملات‭ ‬موسعة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬أبو‭ ‬حزام‭ ‬وحمرة‭ ‬الدوم‭ ‬وهي‭ ‬القرية‭ ‬الملاصقة‭ ‬لمكان‭ ‬المجزرة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وضبط‭ ‬الخارجين‭ ‬عن‭ ‬القانون،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬بعدما‭ ‬ضبطت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬أسلحة‭ ‬ثقيلة،‭ ‬وقرابة‭ ‬400‭ ‬قطعة‭ ‬سلاح‭ ‬تنوعت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬البنادق‭ ‬الآلية‭ ‬الطبنجات،‭ ‬وعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الطلقات‭ ‬النارية،‭ ‬وساعدهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأهالي‭ ‬أنفسهم،‭ ‬بتسليم‭ ‬الأسلحة‭ ‬حتى‭ ‬تعود‭ ‬القرية‭ ‬لطبيعتها،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬معروف‭ ‬عنها‭ ‬قبل‭ ‬انتشار‭ ‬السلاح،‭ ‬التآخي‭ ‬والوقوف‭ ‬بجانب‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬فأهل‭ ‬القرية‭ ‬يتميزون‭ ‬بكرم‭ ‬الضيافة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬بعض‭ ‬العناصر‭ ‬شديدة‭ ‬الخطورة‭ ‬بها،‭ ‬جعل‭ ‬الكثيرون‭ ‬ينظرون‭ ‬إليها‭ ‬نظرة‭ ‬عدائية‭.‬

خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬هدأت‭ ‬القرية،‭ ‬وبدأ‭ ‬شبابها،‭ ‬يدشنون‭ ‬حملات‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬وطالب‭ ‬المسئولون‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬الضرورية،‭ ‬وبدأوا‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬مشاكلهم‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬طبيب‭ ‬مقيم‭ ‬بالوحدة‭ ‬الصحية،‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬تعليم‭ ‬كاف،‭ ‬وطرق‭ ‬متهالكة‭ ‬وأسلاك‭ ‬كهربائية‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬مكشوفة‭ ‬تصعق‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يمر‭ ‬بجوارها،‭ ‬ومياه‭ ‬شرب‭ ‬غير‭ ‬صالحة،‭ ‬ومياه‭ ‬ري‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬لسد‭ ‬احتياجات‭ ‬الأراضي‭ ‬الزراعية‭ ‬هناك،‭ ‬وسط‭ ‬وعود‭ ‬من‭ ‬المسئولين‭ ‬بتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭.‬

 

يوم‭ ‬المجزرة

في‭ ‬يوم‭ ‬خيم‭ ‬الحزن‭ ‬على‭ ‬القرية،‭ ‬وصف‭ ‬باليوم‭ ‬الحزين‭ ‬الدامي،‭ ‬بعد‭ ‬الأمل‭ ‬المرجو‭ ‬من‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬المشاكل‭ ‬والخلافات‭ ‬الثأرية،‭ ‬لقي‭ ‬11‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬القرية‭ ‬بينهم‭ ‬سيدات‭ ‬وأطفال‭ ‬مصرعهم،‭ ‬بعد‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬سيارة‭ ‬ميكروباص‭ ‬كانت‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬نجع‭ ‬حمادي،‭ ‬إلى‭ ‬القرية،‭ ‬بعدما‭ ‬أطلق‭ ‬مسلحون‭ ‬النيران‭ ‬عليها،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬ترحم‭ ‬رصاصاتهم‭ ‬الانتقامية‭ ‬صغيرًا‭ ‬أو‭ ‬كبيرًا،‭ ‬وسالت‭ ‬دماء‭ ‬الضحايا‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الغير‭ ‬مرصوف،‭ ‬واختلطت‭ ‬دماؤهم‭ ‬بالتراب،‭ ‬ذلك‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬طالب‭ ‬أهالي‭ ‬القرية‭ ‬برصفه‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وظلت‭ ‬جثثهم‭ ‬ومصابيهم‭ ‬لمدة‭ ‬ساعتين،‭ ‬حتى‭ ‬أتت‭ ‬سيارات‭ ‬الإسعاف‭ ‬لنقل‭ ‬الضحايا‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭.‬

فور‭ ‬سماع‭ ‬الطلقات‭ ‬النارية،‭ ‬التي‭ ‬دوت‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬القرية،‭ ‬لم‭ ‬يخيل‭ ‬لأبنائها،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الطلقات‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬إصابة‭ ‬أحد،‭ ‬وهرع‭ ‬كثيرون‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬إطلاق‭ ‬النيران،‭ ‬وهم‭ ‬يمنون‭ ‬أنفسهم‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬تعود‭ ‬القرية‭ ‬إلى‭ ‬الثأرمرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وقتها‭ ‬الأمر‭ ‬كان‭ ‬صعبًا‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬فالمناظر‭ ‬كانت‭ ‬مؤلمة‭ ‬للغاية،‭ ‬والمشاهد‭ ‬الحزينة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬وستزال‭ ‬عالقة‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬الجميع،‭ ‬لم‭ ‬يتحمل‭ ‬أحد‭ ‬وقتها‭ ‬رؤية‭ ‬المشهد‭ ‬الدموي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬القرية‭ ‬مثله‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

وقف‭ ‬الأهالي‭ ‬وقتها‭ ‬حائرون‭ ‬ماذا‭ ‬سيفعلون؟

‭ ‬فهم‭ ‬عاجزون‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬اسعافات‭ ‬أولية‭ ‬للمصابين،‭ ‬بادر‭ ‬البعض‭ ‬بالاتصال‭ ‬بالإسعاف‭ ‬والنجدة،‭ ‬التي‭ ‬أتت‭ ‬فور‭ ‬تلقيها‭ ‬البلاغ‭ ‬بعد‭ ‬ساعتين،‭ ‬فالجثث‭ ‬كانت‭ ‬متناثرة‭ ‬على‭ ‬الطريق،‭ ‬والدماء‭ ‬التي‭ ‬تنزف‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يوقفها،‭ ‬وسط‭ ‬صراخ‭ ‬وبكاء‭ ‬الجميع‭ ‬سواء‭ ‬سيدات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬رجال‭.‬

أسفر‭ ‬الحادث‭ ‬عن‭ ‬مصرع‭ ‬كل‭ ‬من،‭ ‬هدى‭ ‬سعيد‭ ‬نور،‭ ‬8‭ ‬سنوات،‭ ‬ومحمد‭ ‬سيد‭ ‬محمد،22‭ ‬سنة،‭ ‬وحنان‭ ‬حمادة‭ ‬شاكر،‭ ‬20‭ ‬سنة،‭ ‬ويوسف‭ ‬مسعود‭ ‬نور،‭ ‬15‭ ‬سنة،‭ ‬وعادل‭ ‬حسين‭ ‬أحمد،‭ ‬45‭ ‬سنة،‭ ‬وسامي‭ ‬عبد‭ ‬الشكور‭ ‬محمد،‭ ‬43‭ ‬سنة،‭ ‬وفتحي‭ ‬عمر‭ ‬محمد‭ ‬حسين،‭ ‬30‭ ‬سنة،‭ ‬ونور‭ ‬الدين‭ ‬عبد‭ ‬الشافي‭ ‬محمد‭ ‬65‭ ‬سنة،‭ ‬وسعدات‭ ‬عبد‭ ‬الواحد‭ ‬محمد،‭ ‬55‭ ‬سنة‭ ‬ونجمية‭ ‬إسماعيل‭ ‬محمد،‭ ‬45،‭ ‬وعلاء‭ ‬عبدالصبور‭ ‬سائق‭ ‬السيارة،‭ ‬وإصابة‭ ‬هدية‭ ‬شحات،‭ ‬وجمال‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف،‭ ‬وصابرين‭ ‬أحمد،‭ ‬وأيوب‭ ‬وليد،‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬وثناء‭ ‬محمد،‭ ‬وناجح‭ ‬مسعد،‭ ‬15‭ ‬سنة‭.‬

شهود‭ ‬عيان

يروي‭ ‬شهود‭ ‬عيان‭ ‬للحادث‭ ‬الأليم،‭ ‬قائلين‭: ‬انطلقنا‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬الحادث،‭ ‬كانت‭ ‬النيران‭ ‬اخترقت‭ ‬السيارة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يستقلها‭ ‬الأبرياء،‭ ‬حاولنا‭ ‬اخراجهم‭ ‬من‭ ‬السيارة،‭ ‬وبعدها‭ ‬شاهدنا‭ ‬دماءهم‭ ‬تسيل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬فهناك‭ ‬أطفال‭ ‬ونساء‭ ‬وشباب‭ ‬وشيوخ،‭ ‬أصبحت‭ ‬أجسادهم‭ ‬ملطخة‭ ‬بالدماء‭ ‬نتيجة‭ ‬إصابتهم‭ ‬بطلقات‭ ‬نارية‭.‬

 

ويوضح‭ ‬شهود‭ ‬العيان‭: ‬هنا‭ ‬في‭ ‬الحادث‭ ‬فقدت‭ ‬الأسرة‭ ‬عائلها‭ ‬الوحيد،‭ ‬وفقدت‭ ‬أسرة‭ ‬أخرى‭ ‬أطفالا‭ ‬ونساء،‭ ‬فمن‭ ‬بين‭ ‬الحادث‭ ‬مات‭ ‬يوسف‭ ‬وأمه‭ ‬وابنة‭ ‬عمه،‭ ‬ومات‭ ‬السائق،‭ ‬هنا‭ ‬5‭ ‬نساء‭ ‬قتلن،‭ ‬و‭ ‬3‭ ‬أطفال‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬قتيلين‭ ‬ومصاب،‭ ‬فهو‭ ‬الارث‭ ‬المر‭ ‬الذي‭ ‬ابتلي‭ ‬به‭ ‬الصعيد‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬أهله‭ ‬بالشهامة‭ ‬والكرم‭.‬

ويتابع‭ ‬شهود‭ ‬العيان‭: ‬أن‭ ‬المجزرة‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭ ‬للغاية،‭ ‬فعويل‭ ‬السيدات‭ ‬على‭ ‬فراق‭ ‬أقاربهن‭ ‬في‭ ‬الحادث‭ ‬كان‭ ‬سيد‭ ‬الموقف،‭ ‬وحضنهن‭ ‬للضحايا‭ ‬وتلطخهن‭ ‬بدمائهم‭ ‬كان‭ ‬حاضرًا،‭ ‬حاولنا‭ ‬انقاذ‭ ‬المصابين‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬فأرواحهم‭ ‬فارقت‭ ‬الحياة،‭ ‬فبكاء‭ ‬الأطفال‭ ‬وصراخ‭ ‬السيدات‭ ‬وقت‭ ‬الحادث‭ ‬لم‭ ‬يشفع‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬البشعة‭.‬

مشاهد

مشاهد‭ ‬مؤلمة‭ ‬عاشتها‭ ‬القرية،‭ ‬منذ‭ ‬وقوع‭ ‬الحادث‭ ‬ولاتزال‭ ‬مستمرة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خيم‭ ‬الحزن‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬روايات‭ ‬رواها‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬الحادث‭ ‬تبحث‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬‮ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬صحتها،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬ارتكاب‭ ‬المجزرة‭.‬

ووفقًا‭ ‬لروايات‭ ‬الأهالي‭ ‬لأخبار‭ ‬الحوادث،‭ ‬فإن‭ ‬سامي‭.‬ع،‭ ‬وهو‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬الواقعة،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬السعدية،‭ ‬كان‭ ‬جالسًا‭ ‬مع‭ ‬سيف‭.‬ا،‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬العوامر،‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬الأخير،‭ ‬وبعدها‭ ‬انتشر‭ ‬خبر‭ ‬مقتل‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الثاني‭ ‬بطلقات‭ ‬نارية،‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬أهل‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬للانتقام‭ ‬من‭ ‬العائلة‭ ‬الأخرى،‭ ‬فخرج‭ ‬أبناؤه‭ ‬وأقاربه،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الجنون،‭ ‬حاملين‭ ‬أسلحتهم،‭ ‬قاصدين‭ ‬العائلة‭ ‬الأخرى‭ ‬للانتقام‭ ‬من‭ ‬قتلة‭ ‬المجني‭ ‬عليه،‭ ‬فرأوا‭ ‬سيارة‭ ‬تدخل‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬المتهمين،‭ ‬فأطلقوا‭ ‬النيران‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فيها،‭ ‬انتقامًا‭ ‬من‭ ‬قتلة‭ ‬المجني‭ ‬عليه،‭ ‬فلقي‭ ‬11‭ ‬مصرعهم‭ ‬وأصيب‭ ‬6‭ ‬آخرين،‭ ‬فالرصاص‭ ‬لم‭ ‬يرحم‭ ‬أحدا،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬السيارة‭ ‬هم‭ ‬ضحايا‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬العائلتين،‭ ‬وهذا‭ ‬ربما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬اتساع‭ ‬دائرة‭ ‬الدم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

أهالي‭ ‬القرية،‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية،‭ ‬وراء‭ ‬مقتل‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬الأول،‭ ‬ولكن‭ ‬رجح‭ ‬البعض،‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬الواقعة،‭ ‬أن‭ ‬نجل‭ ‬شقيقة‭ ‬المتهم‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬الأول،‭ ‬كانت‭ ‬بينه‭ ‬وعائلة‭ ‬المتهم‭ ‬خلافات‭ ‬ثأرية،‭ ‬بعدما‭ ‬قتل‭ ‬نجل‭ ‬شقيقته‭ ‬منذ‭ ‬قرابة‭ ‬4‭ ‬أعوام،‭ ‬وطالبت‭ ‬والدته‭ ‬وشقيقة‭ ‬المتهم‭ ‬من‭ ‬أخيها‭ ‬،‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬القاتل،‭ ‬أخذًا‭ ‬بثأر‭ ‬ابنها،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المتهم‭ ‬كانت‭ ‬تربطه‭ ‬علاقة‭ ‬وطيدة‭ ‬مع‭ ‬المجني‭ ‬عليه،‭ ‬يودان‭ ‬بعضهما‭ ‬البعض،‭ ‬ودائمًا‭ ‬يجلسان‭ ‬سويًا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يوم‭ ‬الحادث،‭ ‬طلب‭ ‬المتهم‭ ‬من‭ ‬المجني‭ ‬عليه،‭ ‬عدم‭ ‬الحضور‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬حاملًا‭ ‬سلاحه،‭ ‬وذهب‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬حاملًا‭ ‬سلاحه،‭ ‬ونشبت‭ ‬بينهما‭ ‬مشادة‭ ‬كلامية،‭ ‬تطورت‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬المتهم‭ ‬بقتل‭ ‬المجني‭ ‬عليه،‭ ‬داخل‭ ‬منزل‭ ‬المتهم‭.‬

والبعض‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬المشادة‭ ‬بين‭ ‬المتهم‭ ‬والمجني‭ ‬عليه،‭ ‬خلافات‭ ‬بسبب‭ ‬لعب‭ ‬الكوتشينة،‭ ‬داخل‭ ‬منزل‭ ‬المتهم،‭ ‬بدأت‭ ‬بمشادات‭ ‬كلامية،‭ ‬تطورت‭ ‬إلى‭ ‬قتل‭ ‬المجني‭ ‬عليه،‭ ‬ومكثت‭ ‬جثته‭ ‬قرابة‭ ‬ساعتين‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬المتهم،‭ ‬وفورعلم‭ ‬أسرته‭ ‬بالواقعة،‭ ‬بادروا‭ ‬بحمل‭ ‬أسلحتهم،‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬قاتل‭ ‬المجني‭ ‬عليه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬حدة‭ ‬الغضب‭ ‬زادت،‭ ‬وأطلقوا‭ ‬النيران‭ ‬على‭ ‬السيارة‭ ‬المنكوبة،‭ ‬وقتلوا‭ ‬من‭ ‬بداخلها،‭ ‬ورصاص‭ ‬الغدر‭ ‬لم‭ ‬يرحم‭ ‬ضحايا‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬العائلتين،‭ ‬وفروا‭ ‬هاربين،‭ ‬إلى‭ ‬الجبل‭ ‬المتاخم‭ ‬للقرية‭.‬

حاول أهل‭ ‬المجني‭ ‬عليهم‭ ‬إنقاذ‭ ‬ذويهم‭ ‬من‭ ‬الموت،‭ ‬لكن‭ ‬القدر‭ ‬كان‭ ‬أسرع،‭ ‬وانتقلت‭ ‬جثث‭ ‬الضحايا‭ ‬والمصابين‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى،‭ ‬ومعها‭ ‬انتقل‭ ‬الأهالي‭ ‬والأقارب،‭ ‬وسط‭ ‬بكاء‭ ‬ونحيب‭ ‬السيدات‭ ‬على‭ ‬فراق‭ ‬ذويهن،‭ ‬وكسا‭ ‬الحزن‭ ‬والدموع‭ ‬جميع‭ ‬شوارعها،‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬ضحايا‭ ‬من‭ ‬سيدات‭ ‬وأطفال‭ ‬في‭ ‬الحادث‭.‬

نقل‭ ‬الجثث

مشاهد‭ ‬الحزن‭ ‬باتت‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬مستشفي‭ ‬نجع‭ ‬حمادي‭ ‬العام،‭ ‬التي‭ ‬امتلأت‭ ‬مشرحتها‭ ‬بـ‭ ‬7‭  ‬جثث‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬الحادث،‭ ‬وتم‭ ‬نقل‭ ‬3‭ ‬جثث‭ ‬آخرين‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬قنا‭ ‬الجامعي،‭ ‬وأصبح‭ ‬هناك‭ ‬7‭ ‬مصابين‭ ‬في‭ ‬الحادث،‭ ‬نقلوا‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬قنا‭ ‬الجامعي‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج،‭ ‬وتم‭ ‬نقل‭ ‬6‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬سوهاج‭ ‬الجامعي‭ ‬لخطورة‭ ‬حالتهم،‭ ‬وبقى‭ ‬الطفل‭ ‬أيوب‭ ‬الذي‭ ‬أبكى‭ ‬الأطباء‭ ‬نظرًا‭ ‬لصغر‭ ‬سنه،‭ ‬داخل‭ ‬مستشفى‭ ‬قنا‭ ‬الجامعي،‭ ‬وبعد‭ ‬يومين‭ ‬توفي‭ ‬السائق‭ ‬علاء‭ ‬عبد‭ ‬الصبور،‭ ‬داخل‭ ‬مستشفى‭ ‬سوهاج‭ ‬متأثرا‭ ‬بإصابته‭ ‬ليرفع‭ ‬عدد‭ ‬ضحايا‭ ‬المجزرة‭ ‬إلى‭ ‬11‭ ‬قتيلًا‭.‬

مكث‭ ‬أقارب‭ ‬المتهمين‭ ‬أمام‭ ‬المشرحة‭ ‬ينتظرون‭ ‬الطب‭ ‬الشرعي،‭ ‬لتشريح‭ ‬الجثث،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬تقشعر‭ ‬له‭ ‬الأبدان،‭ ‬فالحزن‭ ‬على‭ ‬الفراق‭ ‬كان‭ ‬قاسيًا‭ ‬للغاية،‭ ‬الدموع‭ ‬لم‭ ‬تجف‭ ‬في‭ ‬العيون،‭ ‬حتى‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة،‭ ‬واستخراج‭ ‬تصاريح‭ ‬الدفن،‭ ‬وسط‭ ‬تعزيزات‭ ‬أمنية‭ ‬مكثفة،‭ ‬صاحبت‭ ‬الجثامين‭ ‬من‭ ‬المستشفى،‭ ‬وحتى‭ ‬مدافن‭ ‬القرية‭.‬

حكاية‭ ‬يوسف

يوسف‭ ‬مسعود،‭ ‬صاحب‭ ‬الأربعة‭ ‬عشرة‭ ‬عامًا،‭ ‬كان‭ ‬حديث‭ ‬أهل‭ ‬القرية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قتل‭ ‬هو‭ ‬ووالدته‭ ‬وجده‭ ‬من‭ ‬أبيه،‭ ‬وابنة‭ ‬عمه‭ ‬اصغر‭ ‬ضحية‭ ‬في‭ ‬المجزرة‭ ‬وهي‭ ‬هدى‭ ‬مسعد،‭ ‬صاحبة‭ ‬الثمانية‭ ‬عشرة‭ ‬عامًا،‭ ‬أربعة‭ ‬من‭ ‬منزل‭ ‬واحد‭ ‬قتلوا،‭ ‬المنزل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عنوانه‭ ‬الفرحة‭ ‬رغم‭ ‬بساطته،‭ ‬يسكنه‭ ‬الحزن‭ ‬والدموع‭ ‬الأن‭ ‬أسرة‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬غمضة‭ ‬عين‭ ‬كانت‭ ‬ضحية‭ ‬الغدر‭ ‬باسم‭ ‬الثأر،‭ ‬المشاهد‭ ‬المؤلمة‭ ‬الأخرى،‭ ‬التي‭ ‬سجلتها‭ ‬مجزرة‭ ‬الدم‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬الجبل،‭ ‬كانت‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬جثتين‭ ‬لسيدتين‭ ‬مجهولتي‭ ‬الهوية،‭ ‬وقتها‭ ‬سادت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬معظم‭ ‬منازل‭ ‬القرية،‭ ‬فربما‭ ‬يكون‭ ‬الضحايا‭ ‬ضمن‭ ‬أبنائها،‭ ‬وبعد‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬البحث،‭ ‬كان‭ ‬الخوف‭ ‬سيد‭ ‬الموقف،‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬هوية‭ ‬الجثتين،‭ ‬وتبين‭ ‬أنهما‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬القرية،‭ ‬راحتا‭ ‬ضحية‭ ‬هذا‭ ‬الحادث‭ ‬المؤلم‭.‬

الهروب‭ ‬إلى‭ ‬الجبل

كشفت‭ ‬تحريات‭ ‬المباحث،‭ ‬أن‭ ‬المتهمين‭ ‬في‭ ‬الواقعة،‭ ‬هربوا‭ ‬إلى‭ ‬الجبل‭ ‬المتاخم‭ ‬للقرية،‭ ‬وهو‭ ‬جبل‭ ‬داهمته‭ ‬القوات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬ملاذا‭ ‬لاختباء‭ ‬الهاربين‭ ‬من‭ ‬القانون،‭ ‬والمسجلين‭ ‬خطر،‭ ‬وتعد‭ ‬الأجهزة‭ ‬المنية‭ ‬خطة‭ ‬لاقتحام‭ ‬الجبل‭ ‬وضبط‭ ‬المتهين،‭ ‬لصعوبة‭ ‬تضاريسه‭ ‬ومدقاته‭ ‬الوعرة،‭ ‬التي‭ ‬ساعدت‭ ‬في‭ ‬انتشارالأسلحة‭ ‬وقدومها‭ ‬من‭ ‬السودان‭ ‬وليبيا‭ ‬عقب‭ ‬ثورة‭ ‬يناير‭.‬

الجبل‭ ‬المتاخم‭ ‬للقرية،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمصادر‭ ‬أمنية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬مقصدًا‭ ‬لتجار‭ ‬الأسلحة،‭ ‬عقب‭ ‬أحداث‭ ‬25‭ ‬يناير،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬ساعد‭ ‬في‭ ‬جلب‭ ‬كميات‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬عبر‭ ‬مدقات‭ ‬صعبة،‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ادفو‭ ‬في‭ ‬اسوان،‭ ‬وأيضا‭ ‬مدقات‭ ‬جبلية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬سوهاج،‭ ‬وتم‭ ‬ضبط‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المتهمين‭ ‬يختبئون‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إحباط‭ ‬تهريب‭ ‬شحن‭ ‬أسلحة،‭ ‬كانت‭ ‬تباع‭ ‬للعائلات‭ ‬المتخاصمة،‭ ‬وهذا‭ ‬ساعد‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬الثأر‭ ‬والجريمة‭.‬

والآن‭ ‬بعد‭ ‬وقوع‭ ‬المجزرة،‭ ‬انتقلت‭ ‬قوات‭ ‬أمنية‭ ‬إلى‭ ‬القرية،‭ ‬برئاسة‭ ‬اللواء‭ ‬محمد‭ ‬أبو‭ ‬المجد،‭ ‬مدير‭ ‬أمن‭ ‬قنا،‭ ‬ومسؤولين‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬ملابسات‭ ‬الواقعة،‭ ‬وضبط‭ ‬المتهمين،‭ ‬واصطحبت‭ ‬عددًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬الأهالي‭ ‬وشهود‭ ‬العيان،‭ ‬إلى‭ ‬ديوان‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬نجع‭ ‬حمادي،‭ ‬للتحقيق‭ ‬معهم‭ ‬وسماع‭ ‬أقوالهم‭ ‬في‭ ‬الحادث‭.‬

وفرضت‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬كردونًا‭ ‬أمنيًا،‭ ‬بين‭ ‬العائلتين،‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تجدد‭ ‬الخلافات،‭ ‬ووقوع‭ ‬ضحايا‭ ‬ومصابين‭ ‬جدد،‭ ‬واستمعت‭ ‬لشهود‭ ‬العيان،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬بدأت‭ ‬فيه‭ ‬النيابة‭ ‬العامة،‭ ‬تحقيقاتها‭ ‬الموسعة‭ ‬لكشف‭ ‬ملابسات‭ ‬الواقعة‭.‬

 

وسيطرت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الهدوء،‭ ‬على‭ ‬القرية‭ ‬وحل‭ ‬الهدوء‭ ‬ساكنًا،‭ ‬وإن‭ ‬الحزن‭ ‬ضيف‭ ‬ثقيل‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬أسر‭ ‬الضحايا‭ ‬والمصابين‭ ‬وجميع‭ ‬أهالي‭ ‬القرية،‭ ‬وأصبحت‭ ‬الشوارع‭ ‬شبه‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬المارة،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬فيه‭ ‬أهالي‭ ‬القرية‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة،‭ ‬بعد‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬المجزرة،‮ ‬وتناولت‭ ‬خطبة‭ ‬الجمعة،‭ ‬الظلم‭ ‬بشتى‭ ‬أنواعه،‭ ‬وقتل‭ ‬الأبرياء‭ ‬بغير‭ ‬حق،‭ ‬وضبط‭ ‬النفس،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الفتن،‭ ‬وردد‭ ‬الأئمة‭ ‬والمصلون‭ ‬الدعاء‭ ‬‮«‬ربنا‭ ‬يبعد‭ ‬عنا‭ ‬الفتن‮»‬‭.‬

ودشن‭ ‬أهالي‭ ‬قرية‭ ‬أبو‭ ‬حزام،‭ ‬التابعة‭ ‬لقرى‭ ‬شرق‭ ‬النيل‭ ‬حملة‭ ‬على‭ ‬فيسبوك‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬انقذونا‮»‬‭ ‬للمطالبة‭ ‬بتدخل‭ ‬المسئولين،‭ ‬لحل‭ ‬الخلافات‭ ‬الثأرية‭ ‬بالقرية‭.‬

وطالب‭ ‬الأهالي،‭ ‬بتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬داخل‭ ‬القرية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالقرية‭ ‬وتحقيق‭ ‬كافة‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬صحية‭ ‬وتثقيفية‭ ‬وتعليم‭ ‬ورصف‭ ‬طرق‭ ‬وتوفير‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الضرورية‭ ‬للمواطنين‭ ‬لتحقيق‭ ‬تنمية‭ ‬حقيقية‭ ‬لهم‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬العائلات‭.‬

كما‭ ‬طالب‭ ‬أهالي‭ ‬قرى‭ ‬شرق‭ ‬النيل‭ ‬بنجع‭ ‬حمادي،‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬بضرورة‭ ‬إنشاء‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬يخدم‭ ‬أهالي‭ ‬قرى‭ ‬شرق‭ ‬النيل،‭ ‬بعد‭ ‬انتشار‭ ‬الخلافات‭ ‬والأسلحة‭ ‬بالقرى‭.‬

وفي‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني‭ ‬للمجزرة،‭ ‬شكلت‭ ‬الإدارة‭ ‬التعليمية‭ ‬بنجع‭ ‬حمادي،‭ ‬لجنة‭ ‬لمتابعة‭ ‬الأحداث‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬المجزرة،‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬امتحانات‭ ‬الشهادة‭ ‬الإعدادية،‭ ‬حيث أدى‮ ‬130‭ ‬طالبًا‭ ‬وطالبة‭ ‬امتحان‭ ‬الشهادة‭ ‬الإعدادية‭ ‬في‭ ‬هدوء‭ ‬بلجان‭ ‬أبو‭ ‬حزام‭ ‬الإعدادية،‭ ‬في‭ ‬جو‭ ‬يسوده‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والهدوء،‭ ‬رغم‭ ‬الأحداث‭ ‬الدامية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬القرية‭ ‬وترتب‭ ‬عليها‭ ‬سقوط‭ ‬قتلى‭ ‬ومصابين‭ ‬خلال‭ ‬اشتباكات‭ ‬مُسلحة‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة