محمد التابعي
محمد التابعي


كنوز | غزة.. وقطار الرحمة

الأخبار

الأربعاء، 09 يونيو 2021 - 08:43 م

 

تلقيت الرسالة التالية من القارئ عمر حسين - مصر الجديدة - 34 شارع محمد رمزى، التى يقول فيها : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فإنى أسدى الشكر إليكم على الدور الكبير الذى لعبتموه بالإيحاء بفكرة " قطار الرحمة " الذى نجح نجاحا بعيد الأثر، وستتضح معالمه بعد مواصلة الجهد فى معالجة جميع قضايانا بمثل هذه الروح العملية الوثابة، ذلك أن قسطا وفيرا من التوجيه العام يقع على كاهل أصحاب الأقلام والصحافة التى هى بمثابة الجندى المجهول الذى يحارب فى خط النار حربا لا نهاية لها، لا ينبغى من وراء ذلك جزاء ولا شكورا، إلا تقدير الموطنين الذين كثيرا ما يحرمونه منه، وأنت تعد إماما من أئمتها وصاحب مدرستها الحديثة، وعندما يزجى الشكر إلى الذين تبنوا مشروعكم وقاموا بتنفيذه بسرعة ليس لنا بها عهد فى هذا الجزء من العالم، وجعلوا منه عملا من أعمال البر الخالدة، تضافرت فى سبيل إنجازه قوى جيش بنظامه وروحه وجدتيه، وشعب مخلص لا يتوانى عن تلبية النداء ما دام يثق فيمن يدعونه، وهكذا استطاع رجال هذا العهد أن يضربوا أكثر من مثل واحد على سهولة تعبئة جميع قوى الأمة عند الحاجة، وأنهم يعملون بروح الفريق الواحد، فهم لا يهمهم أن يأتى الخير على أيدى غيرهم، بل الذى يهمهم هو الوصول إلى النتائج التى تعود بالخير العام، وهم لذلك يصغون إلى النصح والإرشاد، وليست هذه السياسة بغريبة فى يومنا هذا، إذ إن للصحافة فى الأمم المتحضرة وزنا كبيرا عند المسئولين ولها مؤسسات خاصة داخل الجهاز الحكومى تقوم بدراسة كل ما يأتى به الصحف فى السياسة العامة والسياسة الداخلية وتوليها عظيم اهتمامها، فلا غرو إذن، أن نرى رجال العهد الحالى سباقين إلى الأخذ بنافع الأمور.


ثم يقول حضرته : " إننا لا نجهل عظم المسئولية الملقاة على عاتق رجال هذا العهد، فهى فوق كل تقدير، ولكن الذى يتراءى لى أن هذا العهد يرسم الخطوط العريضة لسياسة البلد الداخلية والخارجية وهو ينشد من وراء ذلك الاستقرار والرخاء والسلام لهذا البلد، وفوق ذلك الحرية والاستقلال وأنا أعتقد أن قضية لاجئى غزة لها تأثير فى سلامة حدود البلاد الشمالية وعدم استقرار الوضع السياسى أيضا، ومن أجل هذا أكتب كلمتى هذه، لقد شاءت الأقدار أن تتمخض سياسة ثلاثين عاما عن تمزيق فلسطين وبتر جزء ضئيل منها على الحدود الشرقية الشمالية من القطر المصرى يضم ما يقرب من ربع مليون نسمة من اللاجئين عدا سكان تلك المنطقة الأصليين يحيط بهم العدو من جميع النواحى، إلا من ممر يصل بينهم وبين مصر، ولقد لبس هؤلاء اللاجئون لباس الجوع والخوف، وفقدوا كل ما يقيم أودهم، وكل ما يهيئ لهم سبل العيش وعانوا، منذ حلت بهم الكارثة، جميع تلك الأهوال والشدائد، ولذلك فإن وجود مثل هذه الجماعة فى مثل هذة الحالة على الحدود الشمالية للقطر المصرى يكون خطرا جسيما يقدره حق قدره أمثال رجال هذا العهد، إن الإدارة المصرية فى فلسطين تقوم ببذل جهود مشكورة لمساعدة اللاجئين وتحسين حالهم، وكذلك الجيش المصرى فى تلك المنطقة، ولكن هذا لا يكفى، بل يجب دراسة هذا الموضوع دراسة وافية، ثم وضع سياسة واضحة المعالم بعيدة المدى، إن الأسباب التى قامت من أجلها حملة " قطار الرحمة " لا تزال قائمة مادام هؤلاء اللاجئون أنفسهم فيها، لذلك يجب الأخذ بيدهم، والسير بهم قدما، وعلى مراحل، حتى يتخلصوا من حالتهم هذه، ويبدأوا الحياة العادية التى كانوا يحيونها من قبل، وبذلك يصبحون أفرادا قادرين، ينفعون بلادهم والعروبة عندما تدعو الحاجة إلى ذلك، وعلى ذلك فإنى أقترح أن تستمر حملة البر هذه، فتؤسس مراكز خاصة لمواصلة جمع التبرعات فى جميع أنحاء البلاد، وأن تستمر الدعاية لهذا المشروع بحيث يشعر كل فرد من أفراد الشعب بأن هذا العمل من مصلحة البلد قبل مصلحة هؤلاء المساكين، وأنه ليس من الحكمة قط أن يكون على حدود هذا البلد، وفى هذة المنطقة الحساسة، هذة الجماعة الكبيرة فى مثل حالتها الراهنة ".


" آخر ساعة" - 28 يناير 1953
> كنوز : فكرة " قطار الرحمة " أول من طرحها أمير صاحبة الجلالة محمد التابعي، ونسبت بالخطأ إلى الرئيس محمد نجيب الذى تبنى تنفيذها، والرسالة المنشورة تثبت ذلك !
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة