يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى


فنجان قهوة

مزاج الإسكندرية

أخبار اليوم

الجمعة، 11 يونيو 2021 - 07:50 م

مشيت اسكندرية شارع شارع، وطويت طريق الكورنيش خطوة خطوة، وَغّنيت تحت شجر التوت فى المنتزه وأكلت أطعم فول فى محطة الرمل!
كانت اسكندريتى الجميلة تشبه البّحَار المغامر.. لها فى كل نهار حكاية جديدة، كانت سيدة المدن وسعيدة الطالع ورائقة المزاج.. اسكندرية السبعينيات التى تفتحت عينى عليها هى صندوق السعادة مكتملا، تحتفظ بالأشجار العتيقة والبيوت الرزينة والثقافة الرفيعة والمقاهى التى ليس لها مثيل تطل على البحر فتمتلك بها الدنيا ومافيها بثمن فنجان قهوة أو كوب شاى، وكانت لوكاندات وبنسيونات المدينة تحفر لزوارها ذكريات على ذكريات!
ومنذ نهاية السبعينيات وحتى منتصف الثمانينات.. بدأت الاسكندرية تنزف الجزء الأصيل منها، الجزء الأهم : ثقافة أهلها متعددة الجنسيات، النزوح إلى الاسكندرية من الأقاليم القريبة والبعيدة وفرار آخر ماتبقى من أهلها الذين ينتمون إلى ثقافات أخرى، وسيطرة العائدين من غربة النفط على مبانيها. كان ذلك آخر ماتبقى للمدينة من ثياب العز، والمدهش أنها المواسم الأخيرة التى كانت فيها ملتقى أثرياء الفكر والأدب والثقافة من عشاقها كنجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم، الذين كانوا ورفاقهم يملأون أمسيات المدينة وصباحاتها ثرثرة مبهجة عميقة على البحر!
تذكرت مدينتى التى لا تنسى.. تلك المدينة التى أهدت لعشاقها ملايين وملايين من الليالى الحلوة وأثقلت رأس مبدعيها بأفكارها الجنونية الملونة الصاخبة، فهل حان وقت استعادة الأسكندرية مدينة السحر والفنون والنور؟
أم هو أمر مستحيل يظل مثل أمنية عاجزة عن التحقق؟
من حق مدينة الجمال أن نعيد اكتشافها، أن ننفض عنها التراب، أن نستعيد ولو جزئيا رونق محطة الرمل ومنطقة بحرى وشاطئ سيدى بشر، أن نعيد لها الحياة الساحرة التى تشبهها!
الإعادة تحتاج معجزة.. لكن من قال إن المعجزات مستحيلة، ماحدث فى وسط البلد فى القاهرة يمكن أن ينتقل إلى وسط البلد فى الاسكندرية، مصباح السحر يمكن أن يجعل ميادين المنشية ومحطة الرمل وشوارعهما الأثيرة لوحة متفردة الجمال فى المدينة ذات الأثر.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة