إحدى السيدات المصنعات لمفروشات واكسسوارات المنازل
إحدى السيدات المصنعات لمفروشات واكسسوارات المنازل


معرض «ديارنا».. إبداعات لا تعترف بالسن

حسني ميلاد

الأحد، 13 يونيو 2021 - 07:18 م

«ديارنا للأثاث والمفروشات والسلع المعمرة» يختلف هذا العام عن الأعوام السابقة حيث تقدم وزارة التضامن الاجتماعي من خلاله عددا من الرسائل التي تستهدف تشجيع صغار المنتجين في إطار برنامج «فرصة» للتأهيل لسوق العمل ودعم المشروعات متناهية الصغر، والمساعدة في تسويق المنتجات الصغيرة والحرفية، فضلا عن ترشيد الاستهلاك المبالغ فيه بتجهيز منازل الزوحية، وخفض نسبة المواطنين المعرضين لأن يكونوا غارمين بسبب الاستدانة والاقتراض، والتركيز على بناء أسرة سليمة.

 

داخل معرض ديارنا تجارب ملهمة لكثير من العارضين، الذين يبلغ عددهم 200 من صناع ومنتجى الموبيليا، و100 عارض من فناني المفروشات واكسسوارات المنازل، وتباع فيه كل هذه المنتجات بأسعار الورشة دون وسطاء.

 

البعض يبدأ مشروعه الخاص بعد الستين، وتتدفق إبداعاته التى طالما اختزنها طوال سنين مسئوليات الوظيفة وتربية الأبناء، والبعض يبدأ على استحياء رغم المسئوليات، ثم يتألق بعد زواج الأبناء ويعطى كل طاقته وأفكاره لمشروعه، والبعض الثالث تجبره الظروف على أن يكتشف إبداعاته وأن باستطاعته أن يحولها لباب رزق، الأخبار تقدم بعض قصص المشاركات المبدعات فى المعرض لتؤكد ان السن لا تقف عائقا أمام الإبداع ولا تقتصر على جنس بعينه وانما القوة فىمن يملك الأفكار والإرادة والقدرة على تنفيذ ابداعة عندما يطرق أبواب الوزارة ويجد الدعم لينطلق فى الإبداع.

 

من جانبها، أكدت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، أن ديارنا اصبح فرصة جيده لتجهيز العرائس من منتجات الأثاث والمفروشات والسجاد والاكسسوار المنزلي والسلع المعمرة، نظرا لأسعاره التى تناسب كافة المستويات حيث يمكن شراء ٤ غرف اثاث كاملة بمبلغ 20 ألف جنيه وشراء 4 سلع معمرة بمبلغ 10 آلاف جنيه فقط إضافة إلى تجهيزات العرائس والتي شهدت اقبالا كبيرا عليها من المواطنين بصالة جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأرض المعارض بمدينة نصر، ويشمل المعرض مستويات متنوعة من المعروضات بما يناسب مختلف الإمكانات المادية والأذواق.

 

وأمام الاقبال المتزايد على المعرض، قررت الوزيرة مد فترة عمل المعرض لمدة ثلاثة أيام إضافية ليستمر العمل به حتى ١٣ يونيو الجاري، ويفتح المعرض أبوابه للجمهور من 10 صباحًا إلى 10 مساءً.

 

من بين المشاركين ٢٠٠ عارض لمنتجات الأثاث من صغار المنتجين التابعين للجمعيات التعاونية الإنتاجية ومنتجى مدينة الاثاث بدمياط، كما يشارك ١٠٠ عارض لمستلزمات المفروشات من منتجات الجمعيات الاهلية والأسر المنتجة من محافظات القاهرة ،الوادى الجديد، شمال وجنوب سيناء، الفيوم، الغربية، دمياط المنوفية، القليوبية، الاسكندرية، أسوان، سوهاج والبحر الاحمر، كما تشارك بالمعرض «شركة الازياء الراقية» بسلع معمرة واستهلاكية لاستكمال منظومة تجهيز العرائس من أجهزة وأثاث ومفروشات.

 

أحجار كريمة

«أيوه ما بقاش عندى مسئوليات ومش محتاجة فلوس كتير عشان أسدد الالتزامات زى الأول، لكن عندى أفكار كتير، وباحب أنفذها وأنتج».. قالتها المحاسبة عزة أبو الخير، صاحبة مشروع المنتجات الخشبية المطعمة بالتطريز والأحجار الكريمة.

 

تتحدث عزة التى تبلغ الخامسة والستين، عن منتجاتها التى تستطيع أن تأخذ عينك وقلبك وتفكيرك لتتأملها، وتشرح لزبائنها كيف استطاعت شماعتها الخشبية المطعمة بالصدف والنحاس والأحجار الكريمة أن تغير سلوك ضيوف صديقتها وعاداتهم التى طالما اشتكت منها وجذبت الانظار اليها.

 

بشرائط الساتان وخيوط التطريز، تصنع عزة أبو الخير، وردات تجمّل بها معلقاتها الخشبية، وكأنها تابلوه يزين شماعة ملابس، أو يطعم علبة مناديل خشبية، فيعطيها قيمة وجمالا وأناقة ورونقا، علبة مناديل خشبية أخرى طعمتها بالأحجار الكريمة والصدف والنحاس، فى تكوين مبهر.

 

لا يتعدى سعر علبة المناديل 250 جنيها بعد الخصم، وهو نفس سعر معلقة المفاتيح الخشبية المطعمة بتوليفة تراثية من الأحجار الكريمة، بألوان الأخضر والأزرق والبني، والصدف الأبيض، والتى لصقتها عزة على القماش بطريقة إذابة المادة الشمعية على القماش والأحجار بفعل الحرارة، بحيث لا يمكن فصل الأحجار عن القماش المثبت فى مكان تفريغ الخشب.

 

عزة أبو الخير، صاحبة الـ 65 عاماً، لا تكف عن الأفكار التى تستخدم فيها النحاس المطلى بالذهب مع الخشب والقماش والصدف والأحجار الكريمة، فى أغلب منتجاتها الخشبية، قالت: «العمل والتفكير فى الأشكال الجديدة يمنحنى الحياة، يطلب منى أولادى أن أستريح وأكف عن العمل، فأقول لهم نعم انتهت مسئولياتى لكن لازال داخلى الكثير من الأفكار، وعقلى وخيالى لا يتوقفان عن التفكير فى كل ما هو جديد، سيبونى أشتغل».

 

أرادت عزة أن تصنع طقما من تابلوه وأباجورة من قماش مطرز بإبرة الشنيط، ذهبت لورشة لشد القماش على جسم الأباجورة، فطلب مبلغا كبيرا، فرأت أن هذا يزيد من سعر الأباجورة بشكل كبير، فصممت أن تتعلم شد القماش على جسم الأباجورة، «أتلفت الكثير من الأقمشة، لكن فى النهاية تعلمت شد القماش المطرز على الأباجورة، وتركيب الاضاءة فيها».

 

تحكى عزة قصة شماعة الملابس النحاسية ذات الاطار الخشبى المطعم بالقماش المطرز، «طلبت منى صديقتى ذات يوم أن أصنع لها شماعة أنيقة، تضعها فى الأنتريه، كى تعلق عليها صديقاتها معاطفهن وحقائبهن، التى تتناثر على الانتريه بشكل غير مرتب أثناء لقائهن الاسبوعى عندها، وتحول المكان إلى مكان ضيق».

 

صناعة الكويلت

بعد وصولها للستين، قررت طبيبة الأشعة التشخيصية هناء عبد الرحمن، أن تحترف مهنة صناعة الكويلت، أو اللحاف المنجد بالفايبر من قطع القماش، الذى تعلمته أثناء زياراتها للولايات المتحدة الأمريكية، خلال دراستها للدكتوراه.

 

مرتدية نظارتها الطبية، وبقلب وحماس شابة، تسحب القماش بنفس سرعة تحركه إبرة الماكينة على القماش، «كنت أشوف جدتى تخيط وتعمل تريكو وكروشيه، فنشأت على حب العمل اليدوي، وتحديدا الخياطة التى كانت هوايتى التى لم أتخل عنها، وبعدما درست فن الكويلت الذى يشبه فن الخيامية واللحاف المصري، تخصصت فيه».


فن اللحاف علم، له أصول وقواعد، بحيث يدمج طبقتين من الأقمشة مع طبقة من الـفايبر، لتكوين اللحاف بالطريقة اليدوية أو باستخدام الماكينة، وبنفس الطريقة تنتج د. هناء أغطية المصاحف والحقائب وألعاب الأطفال والوسائد وغيرها.

 

تشارك د.هناء فى معارض ديارنا منذ 16 سنة بانتاجها الذى يتميز بألوانه المبهجة المبهرة، وكلما زاد عدد قطع القماش التى تقوم بتشبيكها ونوعية القماش، يرتفع سعر اللحاف أو مفرش السرير، الذى يصل إلى 4 آلاف جنيه، وأكثر حسب الألوان والمجهود وعدد القطاع.

 

كشمير هاند ميد

«كشمير هاند ميد» هو اسم البراند الذى اختارته آية الجبري، التى تطوعت لخمسة عشر عاما للعمل فى جمعية الزهراء الخيرية، لتدريب الفتيات على الخياطة والتطريز فى مشغل الجمعية، ثم قررت مع الاستمرار فى الاشراف على القسم الفنى فى الجمعية أن يكون لها مشروعها الخاص.

 

تعلمت آية من والدتها خريجة الفنون الجميلة فنون الخياطة وغرز التطريز المختلفة، ثم طورت هذا العلم إلى التطريز على كل أنواع الأقمشة، لانتاج الحقائب والمفارش والشيلان وغيرها.

 

تدمج آية بين الكروشيه والتطريز على القماش، لتصنع مفرش سفرة مميزا، مرسوما عليه حياة الفلاحات، وهن يحملن المشنات فوق رءوسهن، وسط الزرع والبط والنخيل، وفرحة الأطفال وغيرها من الرسوم التراثية المصرية.

 

الكروشيه وأشياء أخرى

ظلت علاقة جيهان يوسف بالهاند ميد، فى حدود بيتها وهدايا الأقارب والأصدقاء طوال حياتها الزوجية، فقد كان زوجها تاجر أدوات صحية، لكن الأمور تأزمت قبل وفاته بخمس سنوات، لسوء حالته الصحية، ووجدت نفسها مسئولة عن ابنتين تدرسان فى الصيدلة والألسن، ومعاش 900 جنيه.

 

هنا قررت الاسكندرانية جيهان يوسف أن تبيع ما تصنعه يداها من الكروشيه وغيره، وتتوقف تماما عن مهاداته، كانت تعرف أن من يقدر الهاند ميد أكثر هم السياح، لأن بعض الاجانب كانوا يزورونها فى بيتها ويبدون اعجابهم بأشغالها اليدوية، ويعرفون قيمتها الحقيقية «كانوا يقفون طويلا أمام ستارة كروشيه، ورثتها جيهان عن جدة أمها، ومازالت على حالها».

 

تشرح جيهان للزبائن طريقة صنع مفارش السرير والخداديات وظهرية الكنبة، والشنط، «علاقتى بالهاند ميد بدأت فى الثانوى فى مدرسة مصطفى كامل بالاسكندرية، حيث التقطعت بعض المعلومات من معلمتي، بالاضافة لخبرتى من أمي».

 

«تعلمت فى كورس تنمية المشروعات كيف أنشئ صفحة مممولة كاعلان لمنتجاتى على فيسبوك، بعدد معين من الأيام فى الشهر، أدفع أنا مقابلها، وتضاف لسعر المنتج بالطبع، لكنى لم أطبقها، فقد قلت لنفسى ماذا لو لم أبع من خلال الصفحة لن أضع نفسى تحت ضغط لا أقوى على تحمله، أدفع 1800 جنيه اعلانا فى الشهر، وإذا لم أبع أكون قد رميت هذا المبلغ فى الأرض!».

 

فى شهور كورونا الطويلة، جمعت جيهان ابنتيها وابنة خالتها، وضمتهن إلى العمل معها فى انتاج الكروشيه، ليس لديها ورشة ولا عاملات، فقالت لهن: «أن نكون منتجات، خير لنا من أن نكون مستهلكات».


 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة