مؤرخ مصرى قديم زعم أنها صاحبة هرم منقرع
مؤرخ مصرى قديم زعم أنها صاحبة هرم منقرع


أميرة الانتقام دعت قتلة أخيها لوليمة تحت الأرض.. وأغرقتهم ثم انتحرت

«نيت إقرت».. ملكة مشكوك في وجودها!

إيهاب الحضري

الأحد، 13 يونيو 2021 - 07:50 م

فرح النبلاء بدعوة الملكة على وليمة أعدّتها لهم. اعتبروا أن الدعوة تفتح صفحة جديدة لعلاقات ظلتْ مُضطربة، منذ شاركوا فى مؤامرة لقتل أخيها الملك السابق. وكالعادة فى أعقاب هذه النوعية من المؤامرات، تسود فترة من الهدوء المشوب بالحذر، يترقّب فيه كل طرف ردود أفعال الطرف الآخر. غالبا ذهب المدعوون وفى ذهن كل منهم بنود للتفاوض، بعد أن افترضوا أن الملكة «نيت إقرت» تسعى لدعم سلطتها، فى هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلاد. على الجانب الآخر، أمرت الملكة بإعداد قاعة خاصة لاستضافة الاحتفال، حفرها أتباعها تحت الأرض، ومنحوها فخامة تليق بمكانة الضيوف، يُمكننا أن نتخيّل أنهم انبهروا بحفاوة الاستقبال، وشعروا بأن المستقبل لهم.

انسحبت «نيت إقرت» بحجة ما. خرجتْ من القاعة وأغلق أعوانها الأبواب. وواصلوا تنفيذ خطة مُتفق عليها، ففتحوا قناة سرية متصلة بالنهر، وبدأت المياه تتدفق بغزارة. حاول الضيوف النجاة من الغرق، لكنهم فوجئوا بالأبواب مُغلقة. ربما علا صوت أحدهم محاولا تذكير الملكة أنهم السبب فى وصولها لعرش مصر. كلماتهم لم تصل إلى» أميرة الانتقام» لسبب بسيط، هو أنها انتحرت بمجرد أن أخذت ثأر شقيقها.

يبدو أن الملكة ظلت تُخطط لفترة طويلة، فقد ذكرتْ بردية محفوظة بمتحف تورين الإيطالي، أنها حكمتْ لمدة عامين وشهر ويوم، من 2218 حتى 2216 قبل الميلاد. الانتقام إذن كان مع سبق الإصرار والترصد، واحتاج تنفيذه الانتظار لفترة تجاوزت السنتين، خاصة أن الظروف السياسية المُضطربة فى ذلك الوقت منحت أعداءها قوة استثنائية. ومع إتمام المُخطط دخلت البلاد مرحلة حرجة، حيث انتهى بذلك عصر الأسرة السادسة، بل والدولة القديمة كلّها، وهى الدولة التى شهدت بناء الأهرامات. دخلتْ مصر بعدها عصر الاضمحلال الأول، وهو عصر اضطراب شديد، تراجعتْ فيه السُلطة المركزية، وتفكّكت البلاد لقرون قبل إعادة توحيدها فى عهد الدولة الوسطى.

اتسمت تلك الفترة بالغموض وتضارب المعلومات، لدرجة أن بعض المُتخصصين فى مجال الآثار، يُشككون فى وجود الملكة «نيت إقرت» نفسها، حسبما يؤكد الدكتور الحسين عبد البصير فى كتابه «ملكات الفراعنة.. دراما الحب والسُلطة»، وأوضح أن سبب الشكوك هو أن كل قوائم الملوك التى تركها المصريون القدماء لم تذكرها، باستثناء قائمة تورين، مما جعل عددا من الباحثين يُرجّحون أن الاسم كان كتابة خاطئة لاسم ملك آخر، خاصة مع عدم وجود أية آثار أو مقبرة لهذه الملكة، ورغم ذلك نجحت شخصيتها فى جذب اهتمام المؤرخين القدماء، مع أنهم عاشوا بعد عصرها بقرون، فمنحها المؤرخ الإغريقى هيرودوت اسم «نيتوكريس»، ونسب إليها قصة الانتقام من قتلة أخيها، وذكر أنها استغلت فرصة إنشاء مبنى كبير تحت الأرض، ودعت من تأكدت أنهم شاركوا فى الجريمة، ونفّذت خطتها التى انتهت بقتل أعداد غفيرة من المصريين! عموما يبدو هيرودوت مُغرما بالخيال فى تاريخه، لهذا لا يستند إليه الأثريون لأنه مصدر غير موثوق به. وفى القرن الثالث قبل الميلاد، عاش المؤرخ المصرى مانيتون السمنودي، أى بعد عشرات القرون من رحيل الملكة، بدا مفتونا بها، فذكر أنها كانت أجمل نساء عصرها، وقال:» كانت ذات وجه جميل وخدين ورديين»، وفى خطأ فادح أكد أنها صاحبة هرم منكاورع «منقرع»، وسبب الخلط أن اسم» منكاورع» كان من بين ألقابها.

الغموض أحد أهم أسباب الجاذبية، لهذا ستظل «نيت إقرت» محور اهتمام عُشّاق المناطق الضبابية، لأنها تمنحهم القدرة على الخيال!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة