صورة موضوعية
صورة موضوعية


افهمونا! أصحاب الـ«ADHD»: «إحنا مختلفين.. مش فشلة»

ميادة عمر- دينا درويش- أميرة شعبان

الأربعاء، 16 يونيو 2021 - 06:11 م

 

«إنت مبتفهمش ليه... إنتى شقية جدا.. أقعد هنا كفاية فرك.. إنتى إزاى أهلك مستحملينك».. هذه مجرد كلمات قليلة من ضمن ما يسمعها مجموعة من الأشخاص بشكل شبه يومى، لمجرد أنهم يعانون من اضطراب جعلهم «مختلفين» عما حولهم.. أنهم أصحاب الـ ADHD أو فرط الحركة وتشتت الانتباه، هذا الاضطراب الذى أثر على حياتهم فجعلهم فى نظر الآخرين «فاشلين دراسيا وعمليا وعاطفيا»، واليوم فى ألف عيلة وعيلة قررنا فتح هذا الملف وفتح قلوب أصحابه لننقل لكم قصصا مؤثرة أبطالها يخوضون الألف معركة يوميا للسيطرة على المعاناة التى تصيبهم، لعلنا نصل لمسامع الأسر المصرية.

«أسماء»: صوتنا العالى وحركتنا «غصب عننا».. مش لفت للانتباه

«إحنا ناس تتحب.. وفرط حركتنا وصوتنا العالى والإزعاج اللى بنسببه للناس حوالينا ومقاطعتنا ليهم مش للفت الإنتباه».. هكذا بدأت أسماء الشيخ، الطالبة بكلية التربية الرياضية، الحديث عن معاناتها، فقد اكتشفت إصابتها بفرط الحركة مؤخراً عقب إجرائها للاختبار وظهور إيجابيته، فبدأت فورا فى زيارة طبيب نفسى وخضعت لخطة عمل لمعرفة نقاط قوتها وضعفها للعمل عليهما.. وتروى لنا معاناتها قائلة: «بعد تشخيصى اكتشفت أن كل الاتهامات من حولى ليست بيدى لكنها بسبب مرضى، فمنذ الصغر وأنا أتلقى على رأسى الاتهامات بسبب «شقاوتى» ولم أكن محبوبة ويتجنبنى الجميع بسبب إثارة المشكلات والإزعاج علاوة على مستوايا السيئ فى الدراسة».. ثم صمتت قليلا وأكملت: «أرجوكم لما تلاقوا حد عنده فرط حركة افهموا إن كل تصرفاته مش بإيده هو مصاب باضطراب وملوش ذنب، ولو مش قادر تدعمه خلاص على الأقل متكرهوش، وحقيقى أتمنى يكون فيه طريقة لشرح المناهج الدراسية بطريقة مختلفة لمرضى فرط الحركة علشان محدش يتهمهم بالفشل».

«إيمان»: الربط بين فرط الحركة والفشل كارثة

بالرغم من دراستها المتعمقة بكلية الصيدلية لاضطراب الـ adhd إلا أنها لم تكن تتوقع يوما إصابتها به، فمنذ عام تحديدا تأكدت إيمان إيهاب، 25 عاماً، أنها تعانى منه، وتروى قصتها قائلة «أعلم جيدا ما هو هذا الاضطراب لكننى استبعدت إصابتى به.. ببساطة لأنه صنف علميا بمرض من أمراض الطفولة، لكن بعد إصابتى باكتئاب لفترة طويلة وخضوعى للعلاج النفسى لفت الطبيب انتباهى لاحتمالية إصابتى، ولم أصدقه وطوال ٦ أشهر كاملة قرأت عن المرض وخضعت لعدة اختبارات حتى تأكدت من إصابتى به».. وعن أصعب ما مرت به قالت إيمان: « الربط الدائم بين الـ ADHD والفشل كارثة نعانى منها يوميا، ودائما صورة المريض تكون عبارة عن إنسان فاشل وضعيف دراسيا ومهمل فى حياته الشخصية، إلا أنه ليس بالضرورة فأنا درست صيدلة ونجحت فى دراستى، وكان ذلك سببا فى تأخر تشخيصى لأن معظم الأطباء النفسيين كان يعتبرونه مرض الأغبياء».
 

د.سامية خضر: أحد أسباب ارتفاع نسب البطالة والعنوسة والطلاق

بعد كل ما سمعناه من مصابى الـ ADHD وتأكيدهم على صعوبة الارتباط بشكل جدى، تواصلنا مع د.سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، والتى أكدت أن ارتفاع نسبة البطالة والعنوسة والطلاق قد يكون سببه الإصابة بفرط الحركة وتشتت الإنتباه، بل وقد يؤدى بالمريض للانتحار نتيجة فقدان القدرة على التكيف.

وأضافت أنه أصبح منتشرا بين الأطفال والكبار، فبالنسبة للأطفال على الأم أن تشجعه وتحفزه مهما كان إنجازه بسيطا وذلك يحتاج لوقت ربما يصل لأعوام، أما الأم التى تلقى بالاتهامات فوق رأس الطفل وتتهمه بأنه كثير الحركة وفاقد التركيز يصاب بالعديد من العقد النفسية فى الكبر ويؤثر بالسلب على نفسيته.

أما عن الشباب المصابين بفرط الحركة فتؤكد أن الرياضة هى الحل والعلاج، وأنه مهما بلغ عمر المريض يحتاج لدعم من أسرته، وأن أيضا مؤسسات الدولة تحتاج للقيام بالدور التوعوى تجاه هذا الاضطراب والمشكلات التى تواجه المجتمع المصرى من ارتفاع نسبة الطلاق والعنوسة والبطالة فمن الممكن أن يكون سببه الإصابة بفرط الحركة دون وعى منه لأنهم يعانون من فقد التركيز والهدوء والصبر والقدرة على إعادة النظر فى مختلف الأمور الحياتية، وسرعة الشعور باليأس بل قد يصل بالمريض للانتحار نتيجة فقدان القدرة على التكيف على صعيد الأسرة والعمل.

د.جمال فرويز: يسبب لأصحابه مشاكل اجتماعية

أوضح د.جمال فرويز استشارى الطب النفسى أن نسبة كبيرة من المصابين بتلك المتلازمة من الصغر لا يتجه بهم أباؤهم للطبيب النفسى إلا عند حدوث كارثة، موضحا أنه بالفعل هذا الاضطراب من الممكن أن يودى بحياة الطفل إذا لم يتم الاعتناء به، ففرط الحركة من الممكن أن يجعله على سبيل المثال يقفز بشكل خاطئ من الأعلى إلى حمام السباحة.

وعن عدم تفهم المجتمع واعتبار المصاب بالمتلازمة «فاشل» يقول فرويز: «عادة ما يكون التحصيل الدراسى لديهم ضعيفا ورغم أن قدراتهم العقلية جيد للغاية، لكنها أيضا تسبب مشاكل اجتماعية لهم لأن الناس لا تعى تصرفاتهم».

«نميـر»: تعبت إنى طول الوقت بشرح نفسى

أما نمير نشأت، 43 عاما، والذى تم تشخيصه بالمرض عام 2006 ففتح قلبه لنا قائلا: «أيوة من صغرى محدش كان فاهمنى.. باخد وقت ومجهود كبير جدا علشان بس أفسر للناس أنا قصدى إيه.. صدقونى مرهق أوى أنك تكون طول الوقت بتحاول تشرح نفسك للناس».. وبصوت يصارع العودة للماضى أضاف نمير «عندما تم تشخيصى وأنا على أبواب الثلاثين، بدأت أفسر كل ما كان يحدث لى منذ الطفولة والمواقف الصعبة، وعرفت لماذا كنت أعانى مع الكتابة والقراءة برغم ذكائى الشديد».. أما عن مميزات أصحاب فرط الحركة فيقول: «أنا كشخص صاحب ADHD دايما عندى بعد نظر، علشان كدا نجحت جدا فى مجال تنظيم الايفنتات والمؤتمرات وبالفعل دا اللى شغال فيه حاليا، ومع الوقت الناس اللى حواليا بدأت شوية تفهم قراراتى وتتأكد إنى كنت صح من الأول.. فياريت فعلا الناس تحاول تفهمنا وتكتشف مميزاتنا».

«مى»: الناس لازم تحاول تفهمنا

«كل اللى محتاجينه احتواء وتفهم للى عندنا».. هكذا لخصت مى عثمان، مهندسة ديكور سينما وتليفزيون، ما يتطلبه أصحاب الـ ADHD قائلة: «أنا متشخصة من قريب جدا لأن فرط الحركة عندى مش ظاهر لكن تشتت الإنتباه عالى جدا، وعلشان كدا أهلى مكتشفوش الأمر بسهولة».. وتوضح مى أن هناك بعض الأمور التى من شأنها أن تشكل فارقا كبيرا لهم فقالت «بطبيعة الاضطراب بكون لا إراديا بتحرك أو بلعب فى حاجة طول ما اللى قدامى بيتكلم، وكمان بسرح وبفرك، فكل اللى محتاجاه طبطبة بسيطة على الرجل وانا هاخد بالى».. أما عن الارتباط فتشير مى إلى أنها بالفعل واجهت صعوبات فى هذا الأمر نظرا لأنها كثيرة النسيان، وأن الحوار يكون متداخلا بشكل كبير مع الآخر فتخرج من موضوع لأخر بدون وعى.

«أمين»: أعانى من التنمر والأشخاص السلبيين

من دولة المغرب تواصلنا مع أمين سيد، الذى يبلغ من العمر 25 عاماً، فعبر لنا عما بداخله قائلا: «لا يمكن وصف مدى المعاناة التى يشعر بها أصحاب الـ ADHD، فالتجربة أكثر ألما من أى وصف.. فما بين فقدان تام للتركيز وضياع الحماس وغيرها نجد أنفسنا أمام اضطراب يلازمنا مدى الحياة وليس مرضا له علاج».. وأضاف أمين: «اكتشفت الاضطراب منذ عام تقريبا بعد أن بدأت أفقد السيطرة والتحكم بنفسى وعجزت عن مواجهة بعض الضغوطات الخارجة عن إرادتى، لكن سبب معاناتى الحقيقى هو التنمر والأشخاص السلبيين، وبالطبع المعاناة تستمر طوال الحياة فللأسف العلاج لا يشفى لكنه مجرد تخفيف للأعراض وحدة المرض، ويبقى الأمل فى الشفاء التام أمر صعب المنال».

أمينة خليل: على المجتمع تفهمهم وتقبلهم دون حرج

أكدت الفنانة أمينة خليل، أن كل أصحاب الـ ADHD ليس عليهم الخجل أو الإحراج بل على المجتمع تقبلهم وتفهمهم دون حرج.

وأضافت أنها فور عرض ورق مسلسل «خلى بالك من زيزى» قبلته على الفور، لأنه يناقش تلك المشكلة وهذا المرض إللى من الممكن أن يتواجد فى معظم العائلات، وأوضحت أنها تحمست للشخصية لأن دورها به بجانب إنسانى ويناقش مرضا يبدأ من الصغر حتى الكبر فشخصية «زيزى» كانت سيدة عصبية ومتسرعة فى قراراتها نتيجة معاناتها من مرض فرط الحركة وأنها تتنقل فى مشاعر مختلفة من فرح لكآبة لإحباط.

وأضافت أنها كانت سعيدة بردود الأفعال على هذا العمل، الذى كشف الكثير عن هذا المرض، وعرف المشاهدين بالمعاناة التى يعانيها أصحابه، وكيفية التعامل مع هذه الحالات التى تبدأ من الصغر.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة