مصطفى يونس
مصطفى يونس


بالبلدى

الصعيد والثأر الملعون

مصطفي يونس

الأربعاء، 16 يونيو 2021 - 07:25 م

 

وانتبه يا بنى لكلماتى هذه، فأنا فى منتصف العمر ولا أدرى سأكمل معك الرحلة أم أن الأجل قد اقترب.. سأكون صريحا معك لأبعد الحدود، لن أخفيك سرا مثلما فعل الأجداد، لن أكرر لك كلامهم، بأنه عليك أن تحمل السلاح لتأخذ به ثأرنا.. يا بنى: لقد قرأت القرآن الكريم، وبحثت لك فى كتب السنة، وسألت المتخصصين فى الأزهر، فلم أجد مبررا ولا سندا لحمل السلاح وقتل الأطفال والأبرياء، لم أجد نصا موضوعا ولا فتوى هامشية تقول إن الثأر حلال، بل مفسدة وفتنة وسفك لدماء الأبرياء، وتجاوز فى حق الدولة والقانون.. يا بنى هل تعلم أن خيرة شبابنا ماتوا بسبب العادات القبلية والتقاليد الرجعية، وتحجر العقول وعدم الوعى وقلة الفكر وسوء الفهم، والدراما الظالمة للصعيد، وعدم اهتمام المسئولين بتطوير هذه القرى، واستغلال البعض لمثل هذه الخصومات.. يا بنى الوضع خطير لأبعد مدى، فمتى كان الصعيد يأخذ ثأرا من الأطفال والنساء، ومتى كان إطلاق النيران على ١٧ شخصا داخل ميكروباص رجولة.. أزمتنا يا بنى أنه مازال هناك قرى فى نجع حمادى تعانى نقص الخدمات والبنية التحتية.. الأزمة أن نرى القيادة السياسية تبنى وتعمر، والبعض يتخذ الخصومات وسيلة لهدم البيوت وتشريد الأطفال والنساء، وهو إجراء غير قانونى، بل سيكون سببا فى استمرار النزاع.. الوضع يحتاج إلى حكمة وأسلوب أفضل من ذلك، علينا أن ننظر إلى هذه القرى المحرومة وألا نستقى معلوماتنا من البعض الذين لا يهمهم إلا التقاط الصور، هل اقنعتنا الصورة أن الثأر قد انتهى، أو أن أحدهم يعشق الشو الإعلامى فصرح قائلا: سنسلم سلاحنا ونزرع أرضنا ونتلاقى بالأحضان، هذا والله كذب وخداع، وكل من عمل من ضباطنا الشرفاء المخلصين فى قنا يعلم يقينا أن الثأر موروث ثقافى بين القبائل والعائلات، لن يهدأ ولن يختفى إلا بوعى حقيقى ومعالجة أمنية حكيمة، بعيدة عن هدم البيوت والاقتراب من النساء والأطفال، وحيادية رئيس مباحث الدايرة، لقد كتبت كثيرا وكثيرا فى الخصومات الثأرية فى بلادنا منذ أن عملت فى صاحبة الجلالة، وتدخلت فى كثير منها بهدف التهدئة، وللأمانة، رأيت تجاوبا واهتماما كبيرا من رجال الأمن، أتمنى أن يتدخل العقلاء والقيادات الأمنية لوأد الفتن ليس فى «أبو حزام وحمرة دوم» فقط، بل فى جميع القرى الملتهبة.. وأخيرا، يا بنى تمسك بالعادات والتقاليد الجميلة التى يحسدنا عليها الآخرون، وإياك وإياك أن تنجرف إلى خصومة ثأرية، فهى الآفة التى تأكل الكرامة والمال والنفس، ولا تُبقى ولا تَذر.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة