زينب إسماعيل
زينب إسماعيل


نبيع ..وبالرخيص!!

بوابة أخبار اليوم

السبت، 19 يونيو 2021 - 02:29 م

زينب إسماعيل


كان هناك رجلاً أنيقاً للغاية، يشهد له الجميع بالذوق والرقيّ في التعامل ، وذات يوم وقف ليشتري بعض الخضروات ، أعطته البائعة العجوز أغراضه وتناولت منه ورقة من فئة العشرين دولاراً ، لكنها لاحظت شيئا !! لقد طبعت الورقةعلى يدها المبللة بعض الحبر، وعندما أعادت النظر ، وجدت أن يدها المبتلة قد محت بعض تفاصيلها، فراودتها الشكوك في صحة هذه الورقة؛ تساءلت هل من المعقول أن يعطيها السيد المحترم نقوداً مزورة ؟ ولأن العشرين دولاراً ليست بالمبلغ الهين في ذاك الوقت؛ فقد أرادت المرأة أن تتأكد من الأمر، فذهبت إلى الشرطة، التي لم تستطع أن تتأكد من حقيقة الورقة المالية، وقال أحدهم في دهشة: لو كانت مزيفة فهذا الرجل يستحق جائزة لبراعته!! وبدافع الفضول الممزوج بالشعور بالمسئولية، قررت الشرطة تفتيش منزله. وفي مخبأ سري بالمنزل وجدوا بالفعل أدوات لتزوير الأوراق المالية، وثلاث لوحات كان قد رسمها هو وذيّلها بتوقيعه .. المدهش في الأمر أن هذا الرجل كان فنانا حقيقيا، كان مبدعا للغاية، وكان يرسم هذه النقود بيده، ولولا هذا الموقف البسيط جدا لما تمكن أحد من الشك فيه أبداً. القصة لم تنته بعد.. قررت الشرطة مصادرة اللوحات، وبيعها في مزاد علني، بيعت اللوحات الثلاث بمبلغ 16000 دولار؛ حينها كاد الرجل أن يسقط مغشيا عليه من الذهول وتعجب – محدثا نفسه - رسم لوحة واحدة من هذه اللوحات هو نفس الوقت الذي يستغرقه في رسم تلك الورقة النقدية فلماذا يبيع موهبته بالرخيص وهي تساوي الغالي !  - قصة تداولتها مواقع السوشيال ميديا - والتي ادعو قارئ هذه السطور الي قراءة أمثالها بدلا من القصص التي ليس فيها ما يفيد الروح والنفس وهي كثيرة وأكثرها كاذبة !  أعود الي قصة "الرجل الأنيق" كان هذا الرجل موهوباً بالفعل ؛ لكنه أضاع موهبته ، واشترى الذي هو أدنى بالذي هو خير! هذه الحكاية تجعلنا نقف مليّاً لنتدبر كثيراً ونتساءل  كم من شبابنا يجني علي نفسه دون أن يدري ويجهض طموحه ! 
  كم عبقري أتت على عبقريته دناءة الهمة وخسة الطموح، وانتهت أحلامه عند حدود رغباته !!  أذكر هنا فنان خرج من قاع المجتمع المصري وهذا ليس عيبا بل شرفا يتباهي به كل مكافح وصل من القاع الي القمة .. هذا الفنان دعته عبقريته في فنه الذي جذب حوله محبي طريقته في الغناء  الي السخرية والتطاول في أحيان كثيرة , كان آخرها الرد بطريقة غير لائقة – خلال السوشيال ميديا - علي فنانة كبيرة لمجرد أنها رفضت مشاركته في أحد مسلسلاته التليفزيونية !  ولا يعلم هذا الفنان أن عبقريته الفنية الشعبية المهرجانية يبيعها بالرخيص من تصرفاته الغير مسؤولة وأن الأدب فضلوه عن الفن والعبقرية حتي لو قاد طائرة وطير قائدها الي الآخرة كمدا وحزنا علي نفسه .
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة