جمال حسين
جمال حسين


من الأعماق

حسين يعقوب.. وغزوة المحكمة!

جمال حسين

السبت، 19 يونيو 2021 - 05:57 م

فاته الكثيرُ مَنْ لم يُشاهد تلك الجلسة التاريخيَّة لمحكمة جنايات أمن الدولة العليا، التى واجهت خلالها المحكمة محمد حسين يعقوب باعترافات 12 إرهابيًا؛ بأنهم نفَّذوا عمليات القتل والتكفير؛ اقتناعًا بفتاويه وفتاوى كلٍّ من محمد حسان وإسحاق الحوينى ومصطفى العوضى..

ظهر يعقوب أمام المحكمة فى مشهدٍ تمثيلىٍّ؛ مُتقمِّصًا شخصيَّة "سرحان عبدالبصير" فى مسرحية "شاهد مشفش حاجة"، ناكرًا لكل تاريخه الدعوى السلفى؛ وكأنه جاء ليغسل يديه ويتبرَّأ من فتاويه، التى خربت عقول مَنْ صدَّقوه أكثر من٤٠ عامًا !.

أستطيع أن أُطلق على تلك الجلسة التاريخيَّة "غزوة المحكمة"؛ لأن رئيس المحكمة، القاضى الجليل المستشار محمد سعيد الشربينى، نجح − من خلال استجواب محمد حسين يعقوب − فى إسقاط الأقنعة، وكشف زيف ادعاءات مشايخ الفضائيات، الذين تقدَّموا الصفوفَ، وسيْطروا على القنوات الفضائيَّة ووسائل الإعلام، واعتلوا المنابرَ، وغرَّروا بعقول المصريين ٥ عقودٍ، ودفعوا الشباب للسقوط فى مستنقع الإرهاب؛ لتحقيق حلم جماعة الإخوان فى الخلافةِ، والوصول للحكم.

فاته الكثير مَنْ لم يُشاهد "غزوة المحكمة" لعقول شيوخ الكذب والخداع؛ حيث شاهدنا القاضى الجليل المُثقَّف المستنير رئيس المحكمة، وهو يُحاصر صاحب مقولة "غزوة الصناديق"؛ بأسئلةٍ ومعلوماتٍ فقهيةٍ، أسقطت عن يعقوب ورفاقه ورقة التوت، وعرَّتهم أمام الرأى العام؛ ليُفجِّر حسين يعقوب مفاجأةً مُدويةً؛ بأنه حاصلٌ على دبلوم معلمين، وأنه ليس شيخًا ولا عَالمًا أو فقيهًا، وأن ما أفتى به طوال العقود الماضية، كان مجرد اجتهادات شخصيَّة..

لم يصمد الشيخ يعقوب كثيرًا أمام أسئلة القاضى الفصيح، العَالِم بقواعد وأصول ومفاهيم الدين.. ارتبك وتلعْثم وأدرك أن فصاحة اللسان، ولغة الجسد التى يُجيدها، وادِّعاء الوقار وطول اللحية وبياض الثياب، أدواته التى استخدمها سنوات طويلة فى خداع البسطاء، لن تنفعه أمام بلاغة وفهم وإدراك القاضى الجليل لكل الأسانيد، فانهار واعترف..

كانت الجلسةُ التاريخيةُ بمثابة "غزوة المحكمة" لعقول يعقوب والذين معه، الذين خرَّبوا عقول الشباب، وأثبتت للجميع أن هؤلاء الذين خدعونا باسم الدين، مُدَّعين ولا علاقة لهم بالدين.. فها هو حسين يعقوب خريج "دبلون معلمين" − بحرف النون − كما نطقها، ظلَّ يخدعنا، وقد أنزله البعض منزلة أولياء الله الصالحين، يتبرَّأ من كل ذلك لينجو بنفسه، ويترك مَنْ غرَّر بهم يُواجهون مصيرهم المحتوم!!.

"غزوة المحكمة".. نجح من خلالها القاضى الجليل المُتبحِّر فى أمور الدنيا والدين والفقه والقوانين، أن يُعرِّى حسين يعقوب أمام الرأى العام، ويُظهره أمام الجميع كذابًا أشر.. "غزوة المحكمة"، حطَّمت تلك الأفكار السلفية؛ وهو إنجازٌ لو تعلمون عظيم، فشلت فيه مؤسسات الدولة الرسميَّة وغير الرسمية، وأعتقد أنها تفتح الطريق الآن لرجال الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء؛ للقضاء على منظومة الزيف الإخوانيَّة، التى سيطرت على عقول الكثيرين من المسلمين عقودًا طويلةً.

"غزوة المحكمة".. كشفت للمتهمين فى قضايا الإرهاب حقيقة مشايخهم، الذين باعوهم وغسلوا أيديهم منهم؛ لتصدق فيهم الآية الكريمة "كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِيءٌ مِنْكَ"!!.

إن ما فعله يعقوب ورفاقه؛ هو نفس الدور الذى قام به شيوخ الجماعة على مدى تاريخها، ودورهم المشبوه فى العديد من جرائم القتل والاغتيالات، فالذى أفتى بقتل السادات هو الشيخ عمر عبدالرحمن؛ والذى أفتى بقتل النائب العام الشهيد هشام بركات، هو الشيخ محمد عبدالمقصود، والذى أفتى بقتل القاضى أحمد الخازندار هو الشيخ حسن البنا، والذى أفتى بقتل القذافى، هو الشيخ يوسف القرضاوى، والذين هدَّدوا بحرق مصر والمصريين من فوق منصة رابعة، كانوا مشايخ وقيادات الإخوان، والآن بعد أن حصْحص الحق أتمنى أن تقوم المؤسسات المعنيَّة ببناء الإنسان فى مصر، خاصةً الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء والإعلام ووزارات التربية والتعليم والتعليم العالى والشباب، بدورها فى مواجهة الأفكار الإرهابية، وتبنِّى دعوة الرئيس السيسى بتجديد الخطاب الدينى.. حفظ الله أم الدنيا وقادتها ومؤسساتها الوطنية من كل مكروه وسوء.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة