صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


هل تقلص فرنسا وجودها العسكري في الساحل؟

الأخبار

السبت، 19 يونيو 2021 - 06:57 م

منذ وقع الانقلاب الأخير فى مالى لم تتوقف الدوائر الدبلوماسية والصحفية فى فرنسا عن التأكيد على أن الرئيس الفرنسى ماكرون يستعد لإعلان تقليص عملية برخان فى الساحل الأفريقى وسحب قواتها العسكرية من هناك وبدأتها بإعلان تعليق العمليات العسكرية المشتركة مع مالى بعد الانقلاب الأخير.


وقالت باريس، إن القرار سيظل ساريًا حتى تتلقى ضمانات بشأن عودة الحكم المدنى فى مالى بينما يرى مراقبون التصريح مجرد مناورة سياسية للضغط على الحكومة الجديدة فى مالى بهدف تحقيق مكاسب أكثر، ولَيّ أذرعهم فى مواجهة الإغراءات الروسية.


وتنشر فرنسا حاليا 5100 جندى فى منطقة الساحل فى إطار عملية لمكافحة الإرهاب ضد المسلحين، ويدعم الجيش الفرنسى قوات فى مالى وموريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد منذ 2013.


ويرى محللون إن الوضع ازداد سوءاً بعد دخول فرنسا المنطقة، على اعتبار أن وجود قواتها أعطى الجماعات الارهابية تبريرات لنشاطها، وذلك باتخاذها ذريعة لوجود دولة أجنبية على أراض إسلامية.


فى الوقت نفسه فهناك اسباب اخرى قد تدفع فرنسا لسحب قواتها من مالى منها أن باريس فى حالة مراجعة شاملة لحجم تواجدها العسكرى فى منطقة الساحل والصحراء تحت ذريعة محاربة الارهاب ولا سيما بعد ارتفاع كلفة هذه الحرب.


فعلى سبيل المثال: تكلف القوات الفرنسية فى مالى حكومة ماكرون نحو مليار يورو سنويًا، هذا إلى جانب الخسائر البشرية فى القوات العسكرية ولعل أحد الأسباب الرئيسية التى قد تدفع فرنسا إلى إعادة النظر فى حجم تواجدها بمنطقة الساحل؛ فقدانها حليفها الأكبر فى المنطقة الرئيس التشادى، إدريس ديبى، بعد مصرعه فى إبريل الماضى على يد المتمردين شمال البلاد. فتشاد تحت حكم ديبى كانت أهم لاعب عسكرى، وأقوى حليف لفرنسا فى جهود مكافحة الإرهاب فى المنطقة، وكانت تشارك جيوشها إلى جانب القوات الفرنسية عند تدخلها فى شمال مالى.


وقد تسببت الخسائر العسكرية المتزايدة والإرهاق العام من الصراع فى تعقيد مستقبل برخان كما ستؤثر على مستقبل الإليزيه، لا سيما من حيث تأثيرها على تحسين الأمن الفرنسى والجدل حول فائدة المهمة.
كما تعالت أصوات الانتقادات الداخلية لماكرون على خلفية فشل التدخل العسكرى الفرنسى فى مالى وتصاعدت الضغوط من أحزاب المعارضة خاصة بعد مقتل عدد من الجنود الفرنسيين فى دول الساحل الأفريقى حيث خسر الجيش الفرنسى لا يقل عن 50 قتيلاً منذ بداية العمليات العسكرية الفرنسية شمال مالى.


كما ارتفعت الأصوات المُناهضة للوجود الفرنسى فى مالى، فمنذ أكثر من عام يطالب الشعب المالى بخروج القوات الفرنسية من البلاد، معللين موقفهم بفشل تلك القوات فى أداء مهامها الأساسية المُتمثلة فى القضاء على الجماعات الإرهابية، بل على العكس أصبحت هذه الجماعات كما يرون أكثر قوة ونجحت فى التغلغل من شمال مالى لداخل البلاد.. فقد أثار التهديد الأخير لماكرون بالانسحاب من مالى غضب الشعب المالى. حيث كشفت وسائل الإعلام المختلفة عن أن الشعب بات يفكر جديًا فى مطالبة روسيا بمساعدة دولتهم وأن تحل محل باريس. وقد بدا هذا واضحًا من خلال المظاهرات الشعبية فى مالى والتى طالبت بخروج القوات الفرنسية من البلاد، ورفع المتظاهرون أعلامًا روسية مُطالبين باستبدال الدور الروسى بالدور الفرنسى.


لذا من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التغلغل الروسى فى مالى، فى ظل التلويح الفرنسى بالانسحاب، فضلاً عن مساعى روسيا لتعزيز نفوذها فى منطقة الساحل الإفريقى.


ويستدل على ذلك من أن روسيا عقب الانقلاب الذى أطاح بالرئيس كيتا لم تقم بإدانة الانقلاب مثل باقى الدول الأخرى، كما أفادت بعض التقارير نقلاً عن مصادر عسكرية مالية أن قادة الجيش الذين قادوا الانقلاب العسكرى على الرئيس كيتا، العام الماضى، تلقوا تدريبات عسكرية فى روسيا وعادوا إلى مالى قبل أيام قليلة من تنفيذ الانقلاب. كما أن الانسحاب الفرنسى سيترك فراغاً أمنيًا من شأنه أن يحفز بعض القوى الأخرى لسد هذا الفراغ كالصين وروسيا وتركيا وغيرها من الدول التى تبحث جاهدة عن موطئ قدم لها فى دول الساحل فى إطار الصراع للسيطرة على النفوذ والموارد الغنية فى هذه المنطقة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة