دور محورى مصرى فرنسى فى مختلف القضايا
دور محورى مصرى فرنسى فى مختلف القضايا


من القطيعة إلى الريادة

الدبلوماسية المصرية.. أهداف حاسمة فى اتجاهات استراتيجية

آخر ساعة

الأحد، 20 يونيو 2021 - 01:01 م

أحمد جمال

لم يكن من المتصور أن تتحول مصر من دولة تتعرض لكافة أنواع التشويه فى عام 2013 بفعل الحملات المنظمة التى شنها التنظيم الدولى للإخوان واستطاع خلالها توجيه قرارات بعض الدول ضد الثورة المصرية، إلى دولة لديها كلمة مسموعة على المستوى الدولى وقادرة على التأثير فى اتجاهات استراتيجية مختلفة بعد سبع سنوات فقط.

يمكن القول بأن الدبلوماسية المصرية هى كلمة السر فى تخطى الكثير من الصعوبات والعراقيل التى وضعت فى طريق ثورة 30 يونيو مصحوبة بتحركات فاعلة على مستوى الدبلوماسية الرئاسية منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبدا أن هناك تناغماً بين مؤسسات الدولة ذات الارتباط المباشر بالعلاقات الخارجية وعملت بالتوازى فى أكثر من ملف، بما شكل رؤية وطنية متكاملة تعبر بالفعل عن المصالح الوطنية العليا.

استطاعت الدبلوماسية أن تنتقل من مرحلة القطيعة إلى الريادة التى تحققت من خلال التأثير المصرى فى جملة من القضايا الإقليمية الشائكة، على رأسها الأزمة الليبية والقضية الفلسطينية واستعادة الحضور المصرى فى القارة الأفريقية وترأس الاتحاد الإفريقى فى عام 2019، إلى جانب التعامل مع التهديدات المتصاعدة فى شرق المتوسط جراء الصراع على موارده الطبيعية، ونهاية بالتعامل مع أزمة سد النهضة وحشد رأى عام دولى مؤيد للموقف المصرى يدعم التوصل لاتفاق قانونى ملزم.

تمسكت المحددات الرئيسية التى جرى وضعها للتحرك خارجياً بالثوابت والمبادئ الحاكمة لأداء الدبلوماسية المصرية على مر العصور وفى كل الظروف، ولم تغير مصر مبادئها التى تقنع بها فى سبيل استعادة فاعليتها وقامت بالأساس على عدم التدخل فى شئون الغير، وعدم الانخراط فى الصراعات التى اندلعت فى عدد من الدول المجاورة، والتأكيد على الدعم المستمر للمؤسسات الوطنية للدول التى تشهد أزمات سياسية، والانفتاح المتوازن على كافة القوى الإقليمية الفاعلة.

ودعمت مصر السلام والاستقرار فى المحيط الإقليمى والدولي، وتمسكت بمبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق، كما دعمت دور المنظمات الدولية لتعزيز التضامن بين الدول، وكذلك فإنها أولت اهتماماً بالبعد الاقتصادى للعلاقات الدولية، ووضعت القيادة السياسية رؤية سليمة لواقع ومستقبل الأوضاع الدولية والإقليمية وأصبح هناك تفاعل مباشر وواضح على المستوى الرئاسى مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، وبالتالى جنت مصر ثمار سياستها الخارجية فاستعادت حضورها وعززت مكانتها دوليًا وإقليميًا.

قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الدبلوماسية المصرية اتسمت بجملة من العوامل الإيجابية التى دعمت فاعليه، ففى البداية لم تكن مجرد رد فعل ولكنها نشطت فى اتجاهات مختلفة، إلى جانب أنها تماشت مع الأجندة الدولية بمعنى أن أهداف السياسة الخارجية المصرية تواكبت مع قرارات مجلس الأمن وتحظى بتوافق عدد كبير من الدول الإقليمية الفاعلة.

وأضاف فى تصريحات لـ"آخرساعة"، أن الثقل الذى اكتسبته التحركات المصرية جاءت من كونها تتفق مع رؤى المجتمع الدولى لحلها سواء كان ذلك على مستوى الأزمة الليبية أو القضية الفلسطينية أو الأوضاع فى سوريا، ونهاية بالموقف المصرى من الأزمة اللبنانية المتفاقمة، وسارت مصر على خط يتوازى مع تحركات المجتمع الدولى وخصوصاً القوى ذات التأثير القوى وهو ما منح مؤسسات الدولة القدرة على التحرك والتفاعل فى كل هذه الملفات.

وأشار إلى أن الدبلوماسية المصرية استفادت من إعادة بناء الدولة الوطنية وتقوية مؤسساتها ونجاح القيادة السياسية فى التعامل مع الأوضاع الاقتصادية الحرجة التى شهدتها البلاد منذ يناير 2011، ونجاح جهود الدولة فى تضييق الخناق على الإرهاب والتعامل مع الأخطار التى هددت الأمن القومى المصرى من الحدود الشرقية والغربية والجنوبية وعدّ ذلك بمثابة نقطة البداية والانطلاق للتمدد خارجياً. 

حققت الدبلوماسية المصرية مؤخراً إنجازات مهمة من جهة تأمين المصالح والأهداف الوطنية فى مختلف الدوائر شرقا وغربا، شمالاً وجنوبًا اعتمادًا على التنوع والتوازن فى العلاقات مع مختلف دول العالم مع الحفاظ على المصالح الوطنية لمصر، لعل أبرزها الخط الأحمر الذى رسمته فى ليبيا (سرت ـ الجفرة)، ما أدى إلى تغيير المعادلة ومنع الميليشيات الإرهابية من الوصول إلى حدودنا الغربية.

وكذلك فرضت مصر وجهة نظرها فى الصراع الدائر بمنطقة شرق البحر المتوسط، بعد اكتشافات حقول الغاز الضخمة فى المنطقة خصوصا حقل ظهر المصري، وتكوين "منتدى غاز شرق المتوسط" الذى يحول مصر إلى ممر استراتيجى لعبور الطاقة.

وأوضح السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر انطلقت بحركة واعية تجاه استعادة دور مؤسسات الدولة القومية وبناء مؤسستها العسكرية وتحصين جهاز الشرطة لحماية جبهتها الداخلية وانطلقت فى مشروعات تنموية جادة ومشروعات بنى تحتية عملاقة كانت محل تقدير من جانب المؤسسات الدولية التى خاضت معها مصر برنامجاً للإصلاح الاقتصادى الشامل بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ما جعل هناك ثقة دولية فى قدرات الدولة المصرية.

ولفت حجازى فى تصريحات لـ"آخرساعة"، إلى أن الدبلوماسية المصرية أسست شراكات مهمة على جميع الأصعدة جعلتها تتحرك بفاعلية فى الملفات الإقليمية ذات الصلة المباشرة بالأمن القومى المصري، ومكنها ذلك من التعاون مع شركاء دوليين لدفع الأطراف الليبية نحو طاولة الحل السياسى تمهيداً لإعادة الاستقرار للدولة المجاورة لحدود مصر الغربية، وأسست مصر تحركاتها فى هذا الملف على قاعدة تحقيق مصالح الشعب الليبى وتأمينه شرقاً وغرباً وجنوباً وحمايته من التدخلات الأجنبية.

وشدد على أن الشراكات التى عمدت الدبلوماسية المصرية على بنائها طيلة السنوات الماضية كانت سبباً مباشراً فى وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلى والمقاومة الفلسطينية مؤخراً، وتمكنت مصر من حقن دماء الشعب الفلسطينى من خلال الهدنة التى تسعى لتثبيتها وتقديم مبادرة لإعادة إعمار قطاع غزة وذلك بالتعاون مع أطراف إقليمية مختلفة تتواصل معها للتعامل مع الكارثة الإنسانية بالقطاع.

فرضت قوة التحركات المصرية على مستوى القضية الفلسطينية توجيه اهتمام المجتمع الدولى باتجاه الدور الإقليمى المتصاعد الذى تلعبه مصر فى الوقت الحالي، وتحدث الرئيس الأمريكى جو بايدن مرتين مع الرئيس عبدالفتاح السيسى لتعزيز جهود وقف إطلاق النار، وفى الاتصال الأول أكد على تقديره للدور المصرى الهام والبناء، وفى الثانية شدد على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين فى كافة مناطق التوتر لتحقيق التهدئة والاستقرار.

وعلى المستوى الأفريقى تبدو الدبلوماسية المصرية شديدة الاهتمام بعودة الريادة المصرية ومد جسور التواصل مع كل الدول الأفريقية، باعتبار أفريقيا بوابة مصر للتمثيل فى المنظمات الدولية. وبالفعل، إذ تمثل مصر القارة الأفريقية فى كثير من المنظمات والفعاليات الدولية، وهناك حرص أفريقى واضح على هذا الدور نظراً لرغبة الأشقاء الأفارقة فى الاستفادة من خبرات الدبلوماسية المصرية ومصداقيتها داخل المجتمع الدولى بشكل عام.

وأكد السفير أحمد حجاج، الأمين العام السابق لمنظمة الوحدة الأفريقية، أن الدبلوماسية المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لعبت دوراً فاعلاً فى إنهاء تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الأفريقي، وقدمت القيادة السياسية المصرية شرحاً وافياً لأمناء عموم الاتحاد للأسباب التى أدت لاندلاع ثورة 30 يونيو باعتبارها حركة شعبية بامتياز، وكثفت الدولة بجميع أجهزتها جهودها لتعريف القارة بحقيقة ما حدث على الأرض وهو ما كان مثار تفهم من الدول الأفريقية.

وأوضح فى تصريحات لـ"آخرساعة"، أن الدول الأفريقية أضحى لديها قناعة بضرورة الاستفادة من التجربة المصرية على المستوى الداخلى والخارجى ولعل ذلك كان أحد أسباب اختيار مصر رئيساً للاتحاد فى العام 2019، والذى شهد نقلة نوعية فى العلاقات مع كافة دول القارة، واستعادت مصر فاعلية الاتحاد بجهودها التنموية والاقتصادية وفقاً للخطة التى يسير عليها الاتحاد للتنمية فى 2063.

وذهبت الدكتورة سالى فريد، أستاذ الاقتصاد المساعد بكلية الدراسات الأفريقية، للتأكيد أن الاهتمام المصرى بالقارة الأفريقية انعكس على أرقام التعاون الاقتصادى مع دول القارة، حيث بلغ حجم الصادرات المصرية لدول أفريقيا فى عام 2014 نحو 1.5 مليار دولار ارتفعت إلى 5 مليارات فى عام 2019، وهو ما يمثل 8% من إجمالى صادرات مصر للعالم، وأما بالنسبة للواردات فقد ارتفعت واردات مصر من دول أفريقيا من حوالى 740 مليون دولار فى عام 2014 إلى مليار دولار عام 2019، وهو ما يمثل نحو 2% من إجمالى واردات مصر من العالم.

وأوضحت أن الحكومة المصرية اتخذت عدداً من الخطوات لتوطيد التعاون مع شعوب القارة، منها: إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار فى أفريقيا، والتفاوض مع المؤسسات الدولية لدعم البنية الأساسية فى أفريقيا، وتيسير عمل الشركات الأفريقية فى مصر، بالإضافة لإنشاء صندوق الاستثمار فى البنية التحتية المعلوماتية، فضلًا عن دعم الاستثمار فى المشروعات التكنولوجية والمشروعات فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة