حفلات الهولوجرام
حفلات الهولوجرام


الذكاء الاصطناعى إبداع أم تزييف؟

حفلات الهولوجرام وتلوين الأبيض والأسود

أخبار النجوم

الثلاثاء، 22 يونيو 2021 - 12:52 م

ريزان‭ ‬العرباوى

تخطى‭ ‬عنصر‭ ‬الزمن‭, ‬إلغاء‭ ‬كلمة‭ ‬المستحيل‭, ‬وإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬وجوه‭ ‬الماضى‭ ‬ليقف‭ ‬عمالقة‭ ‬الفن‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬وعبد‭ ‬الحليم‭ ‬حافظ‮»‬‭ ‬على‭ ‬المسارح‭ ‬الغنائية‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بعد‭ ‬رحيلهم‭ ‬لتتحقق‭ ‬أمنية‭ ‬لقائهم‭ ‬افتراضيا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقنية‭ ‬‮«‬الهولوجرام‮»‬،‭ ‬كذلك‭ ‬إضافة‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الألوان‭ ‬على‭ ‬أفلام‭ ‬ومسرحيات‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬،‭ ‬ماذا‭ ‬بعد‭ ‬؟‭ ‬من‭ ‬تقدم‭ ‬فى‭ ‬مضمار‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬وتدخل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعى‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬شتى‭ ‬أمور‭ ‬الحياة‭ ‬وبالأخص‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الإبداع‭ ‬الفنى؟

ولكن‭ ‬ما‭ ‬الجوانب‭ ‬القانونية‭ ‬لإحياء‭ ‬صورة‭ ‬وأصوات‭ ‬الراحلين‭ ‬أو‭ ‬تغير‭ ‬أصل‭ ‬المحتوى‭ ‬وتلوينه؟‭, ‬وهل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يثير‭ ‬مشاكل‭ ‬قانونية‭ ‬حول‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬والأداء‭ ‬العلنى؟‭.‬

الهولوجرام‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تقنية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تكوين‭ ‬صورة‭ ‬الأجسام‭ ‬بأبعادها‭ ‬المختلفة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الموجات‭ ‬الضوئية‭ ‬التى‭ ‬تتولى‭ ‬مسئولية‭ ‬التصوير‭ ‬ثلاثى‭ ‬الأبعاد‭ ‬للأجسام‭ ‬بكفاءة‭ ‬عالية‭, ‬فيتم‭ ‬تجسيد‭ ‬شخصية‭ ‬الفنان‭ ‬الراحل‭ ‬بصورة‭ ‬طبيعية‭ ‬توحى‭ ‬للمشاهد‭ ‬بأنه‭ ‬حاضرا‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬بشكلة‭ ‬وجسده‭ ‬وحركاته‭ ‬المميزه‭, ‬فكرة‭ ‬أثارت‭ ‬إعجاب‭ ‬وترحاب‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تسببت‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬المشاكل‭ ‬مع‭ ‬الورثة‭ ‬لقيام‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحفلات‭ ‬دون‭ ‬الرجوع‭ ‬إليهم‭ ‬وحصولهم‭ ‬على‭ ‬حقوقهم‭, ‬كون‭ ‬الوريث‭ ‬هو‭ ‬المفوض‭ ‬الوحيد‭ ‬باستغلال‭ ‬صوت‭ ‬وأداء‭ ‬الفنان‭.‬

ولمعرفة‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬اللازمة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬لحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭.. ‬كان‭ ‬التعقيب‭ ‬للموسيقار‭ ‬صلاح‭ ‬الشرنوبى‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬جمعية‭ ‬المؤلفين‭ ‬والملحنين‭ ‬الذى‭ ‬نوه‭ ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬حديثة‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬أهمية‭ ‬تقنية‭ ‬“الهولوجرام”‭ ‬التى‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬إحياء‭ ‬كنوز‭ ‬الفنون‭ ‬الراقية‭ ‬وإلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أيقوناتها‭ ‬والتى‭ ‬شكلت‭ ‬ملامح‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية،‭ ‬وإتاحة‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬بشكل‭ ‬براق‭ ‬لجذب‭ ‬الشباب‭ ‬والأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تعد‭ ‬توثيقا‭ ‬لرموز‭ ‬الفن‭ ‬العربى‭ ‬لتبقى‭ ‬أعمالهم‭ ‬خالدة‭ .. ‬على‭ ‬حسب‭ ‬قوله‭, ‬ويتابع‭: ‬أعتبرها‭ ‬رسائل‭ ‬تثرى‭ ‬الحياة‭ ‬الفنية‭ ‬ومرجعية‭ ‬ومثل‭ ‬عليا‭ ‬للجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬المطربين‭ ‬وأمل‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الموسيقى‭ ‬العربية،‭ ‬مما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬تدهور‭, ‬ونفخر‭ ‬بتقديم‭ ‬هؤلاء‭ ‬النجوم‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬بصورة‭ ‬راقية‭ ‬تليق‭ ‬بهم‭ ‬وبتاريخهم‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬المشاكل‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الحفلات‭ ‬وما‭ ‬هى‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتبعة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬وحقوق‭ ‬الورثة‭ ‬يقول‭ ‬الشرنوبى‭:‬درءا‭ ‬لأى‭ ‬كوارث‭ ‬أو‭ ‬مشاكل‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬تلك‭ ‬الحفلات‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬حصول‭ ‬المنتج‭ ‬أو‭ ‬منظم‭ ‬الحفل‭ ‬على‭ ‬مايثبت‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬لكل‭ ‬صناع‭ ‬العمل‭ ‬ومنهم‭ ‬ورثة‭ ‬المطرب‭ ‬وورثة‭ ‬المؤلف‭ ‬وكذلك‭ ‬الملحن‭ ‬لأن‭ ‬الفكرة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬تجسيد‭ ‬المطرب‭ ‬بصوته‭ ‬وشكله‭ ‬ولا‭ ‬يحق‭ ‬لأى‭ ‬شخص‭ ‬استغلال‭ ‬ذلك‭ ‬سوى‭ ‬الورثة‭ ‬فقط‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تصريح‭ ‬وإذن‭ ‬من‭ ‬الوريث‭ ‬مقابل‭ ‬مبلغ‭ ‬مالي‭ ‬متفق‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬حتى‭ ‬لايتم‭ ‬تشويه‭ ‬أو‭ ‬تحرف‭ ‬للأصل‭ ‬،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬للمؤلف‭ ‬والملحن‭ ‬فهناك‭ ‬حق‭ ‬الأداء‭ ‬العلنى‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬حماية‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬وفقا‭ ‬للحكم‭ ‬القضائى‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬82‭ ‬إلى‭ ‬2020‭ ‬آخر‭ ‬قانون‭ ‬أقرته‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجهة‭ ‬الوحيدة‭ ‬المنوطة‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر‭ ‬وهى‭ ‬جمعية‭ ‬المؤلفين‭ ‬والملحنين‭ ‬ومن‭ ‬يتعدى‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬يتعرض‭ ‬للمساءلة‭ ‬القانونية‭.‬

‭ ‬هل‭ ‬ستفرض‭ ‬تلك‭ ‬الحفلات‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬قيمة‭ ‬التذكرة‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن؟‭ ‬أجاب‭ ‬قائلا‭: ‬بالطبع‭ ‬ستفرض‭ ‬نفسها‭ ‬فالإقبال‭ ‬عليها‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬ولكن‭ ‬مشكلتها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أنها‭ ‬حفلات‭ ‬للصفوة‭ ‬وليست‭ ‬متاحة‭ ‬لكل‭ ‬الفئات‭ ‬وهو‭ ‬سبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬قيمة‭ ‬التذكرة‭ ‬وهو‭ ‬بديهى‭ ‬فكل‭ ‬شئ‭ ‬فى‭ ‬أوله‭ ‬صعب‭ ‬وكل‭ ‬جديد‭ ‬غالى‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬وكلما‭ ‬تم‭ ‬تبسيط‭ ‬التقنية‭ ‬وانخفضت‭ ‬التكلفة‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬انتشارها‭ ‬لتصبح‭ ‬فى‭ ‬متناول‭ ‬الجميع‭.‬

‮«‬أبيض‭ ‬وأسود‭ ‬بالألوان‮»‬

محاولات‭ ‬تلوين‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬القديمة‭ ‬“الأبيض‭ ‬والأسود”‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭, ‬وتجددت‭ ‬مؤخرا‭ ‬بمبادرة‭ ‬هيئة‭ ‬الترفيه‭ ‬السعودية‭ ‬بتلوين‭ ‬مسرحية‭ ‬“مدرسة‭ ‬المشاغبين”‭ ‬وعرضها‭ ‬على‭ ‬احدى‭ ‬المنصات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بالألوان‭, ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬أثار‭ ‬جدلا‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬الجمهور‭ ‬وانشق‭ ‬بين‭ ‬مؤيد‭ ‬ومعارض‭ ‬للفكرة‭, ‬فهل‭ ‬إضافة‭ ‬طابع‭ ‬الحداثة‭ ‬بالألوان‭ ‬هو‭ ‬رغبة‭ ‬فى‭ ‬إعادة‭ ‬التراث‭ ‬الفنى‭ ‬بشكل‭ ‬عصرى‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬تفريغ‭ ‬لتلك‭ ‬الأعمال‭ ‬من‭ ‬قيمتها‭ ‬وسحرها؟

الفكرة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مستساغة‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬الورثة،‭ ‬فأثارت‭ ‬حفيظتهم،ف‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الرافضين‭ ‬تماما‭ ‬لها‭ ‬هند‭ ‬ابنة‭ ‬الراحل‭ ‬سعيد‭ ‬صالح‭ ‬أحد‭ ‬أبطال‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬مدرسة‭ ‬المشاغبين‮»‬‭ ‬والتى‭ ‬أعلنت‭ ‬رفضها‭ ‬للتجربة‭ ‬عبر‭ ‬صفحتها‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬التواصل‭ ‬الإجتماعى‭ ‬‮«‬فيس‭ ‬بوك‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬قالت‭: ‬‮«‬مش‭ ‬عاجبنى‭ ‬فكرة‭ ‬تلوين‮»‬‭ ‬مدرسة‭ ‬المشاغبين‮«‬‭ ‬سيبوا‭ ‬الفن‭ ‬زى‭ ‬ما‭ ‬صناعه‭ ‬قدموه‮»‬،‭ ‬وتابعت‭: ‬‮«‬أصدروا‭ ‬حكمهم‭ ‬على‭ ‬الشباب‭ ‬والجيل‭ ‬الجديد‭ ‬بأنه‭ ‬رافض‭ ‬لمشاهدة‭ ‬فن‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هى‭ ‬ركيزتهم‭ ‬وأين‭ ‬قدم‭ ‬جيلنا‭ ‬هذا‭ ‬الطلب‭ ‬لإصدار‭ ‬أحكامهم،‭ ‬وكنا‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمسرحية‭ ‬‮«‬إلا‭ ‬خمسة‮»‬‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬وحبينها‭ ‬وتعلقنا‭ ‬بها‮»‬‭.‬

‭ ‬وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬صرف‭ ‬تلك‭ ‬المبالغ‭ ‬لترميم‭ ‬التراث‭ ‬الفنى‭ ‬دون‭ ‬تغير‭ ‬معالمه‭ ‬وحتى‭ ‬الألوان‭ ‬مختلفة‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬ألوان‭ ‬ملابس‭ ‬والدها‭ ‬سعيد‭ ‬صالح‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬كما‭ ‬ظهرت‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬الملون‭, ‬فما‭ ‬يحدث‭ ‬ليس‭ ‬إحياء‭ ‬للتراث‭ ‬بشكل‭ ‬عصرى‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬انتهاك‭ ‬لحقوق‭ ‬مشروعة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬ذكرياتنا‭ ‬دون‭ ‬تشويه‭.. ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرها‭.‬

‮«‬إتقان‭ ‬مزيف‮»‬

تتفق‭ ‬فى‭ ‬الرأى‭ ‬أيضا‭ ‬الناقدة‭ ‬ماجدة‭ ‬خير‭ ‬الله‭ ‬حيث‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬يعد‭ ‬اعتداء‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬الأدبى‭ ‬للمصنف‭ ‬الفنى‭ ‬ومساسا‭ ‬بالحقوق‭ ‬الأدبية‭ ‬للمشاركين‭ ‬فيه‭ ‬وتقول‭: ‬“أنا‭ ‬ضد‭ ‬الفكرة‭ ‬تماما‭ ‬لأنها‭ ‬تلغى‭ ‬مرحلة‭ ‬التطور‭ ‬الطبيعى‭ ‬للفن‭, ‬فالسينما‭ ‬بدأت‭ ‬صامتة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دخل‭ ‬الصوت‭ ‬ولغة‭ ‬الحوار‭ ‬وظلت‭ ‬بالأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استحدثت‭ ‬بالألوان‭ ‬،‭ ‬فالمسألة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭  ‬إلغاء‭ ‬مرحلة‭ ‬مهمة‭ ‬جدا‭ ‬أنتجت‭ ‬أهم‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬بل‭ ‬وتفريغ‭ ‬ذلك‭ ‬التراث‭ ‬من‭ ‬قيمته‭ ‬وسحره‭,  ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬تجربة‭ ‬ناجحة‭ ‬لتمسك‭ ‬بها‭ ‬“الخواجات”‭ ‬ففى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تم‭ ‬منع‭ ‬تحويل‭ ‬أى‭ ‬فيلم‭ ‬أبيض‭ ‬وأسود‭ ‬إلى‭ ‬ألوان‭ ‬باعتباره‭ ‬تراثا‭ ‬يجب‭ ‬عدم‭ ‬المساس‭ ‬به‭ ‬كما‭ ‬توجد‭ ‬سابقة‭ ‬قضائية‭ ‬فى‭ ‬فرنسا‭ ‬لفيلم‭ ‬“غابة‭ ‬من‭ ‬الأسفلت”‭ ‬فبعد‭ ‬اعتراض‭ ‬ورثة‭ ‬الممثل‭ ‬والمؤلف‭ ‬“جون‭ ‬هيوستون”‭ ‬على‭ ‬تلوين‭ ‬الفيلم‭ ‬قضت‭ ‬المحكمة‭ ‬بمنع‭ ‬عرض‭ ‬الفيلم‭ ‬نهائيا”‭.‬

وتضيف‭ ‬قائلة‭: ‬“بعيدا‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬جودة‭ ‬الألوان‭ ‬لأننا‭ ‬طبعا‭ ‬نعيش‭ ‬ثورة‭ ‬رقمية‭ ‬وتكنولوجية‭ ‬هائلة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬العمل‭ ‬بإتقان‭ ‬قد‭ ‬يضاهى‭ ‬الحقيقة‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬سيظل‭ ‬هذا‭ ‬الإتقان‭ ‬مزيف‭ ‬يفقدها‭ ‬قيمتها‭ ‬وسحرها‭ ‬ويشوهه‭ ‬العمل‭ ‬تمام‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬قمت‭ ‬بتلوين‭ ‬الأهرامات‭ ‬فهو‭ ‬تشويه‭ ‬للواقع‭ ‬وللتاريخ‭ ‬ونوع‭ ‬من‭ ‬الجهل‭ ‬الفنى‭ ‬والإنسانى”‭.‬

‮«‬الظل‭ ‬والنور‮»‬

هل‭ ‬سحر‭ ‬الأفلام‭ ‬القديمة‭ ‬يكتمل‭ ‬بكونها‭ ‬تعرض‭ ‬بفخامة‭ ‬اللونين‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬مع‭ ‬درجات‭ ‬الرمادى؟‭ ‬أما‭ ‬أننا‭ ‬اعتدنا‭ ‬مشاهدتها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو؟‭ ‬سؤال‭ ‬يجيب‭ ‬عليه‭ ‬الناقد‭ ‬أحمد‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬الموضوع‭ ‬مرتبط‭ ‬بالجانب‭ ‬الإبداعى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬تعود‭ ‬،‭ ‬وعندما‭ ‬تتم‭ ‬عملية‭ ‬التلوين‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الناتج‭ ‬بألوان‭ ‬رائعة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يعطى‭ ‬الإحساس‭ ‬بالكادر‭ ‬كما‭ ‬أرده‭ ‬المخرج‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مدرسة‭ ‬المشاغبين‮»‬‭ ‬ارتبطت‭ ‬فى‭ ‬وجداننا‭ ‬بالأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬ولكن‭ ‬فكرة‭ ‬التلوين‭ ‬قد‭ ‬تعيد‭ ‬اكتشاف‭ ‬جوانب‭ ‬جديده‭ ‬للعمل‭ ‬المسرحى‭ ‬،‭ ‬والتلوين‭ ‬هنا‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مقبولا‭ ‬بعض‭ ‬الشئ‭ ‬،‭ ‬فالمسرح‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬مكان‭ ‬ثابت‭ ‬وإضاءة‭ ‬ثابتة‭ ‬معظم‭ ‬الأوقات‭ ‬،‭ ‬أما‭ ‬فى‭ ‬السينما‭ ‬فهناك‭ ‬فرق‭ ‬لأن‭ ‬براعة‭ ‬الصورة‭ ‬فى‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬كانت‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬الرمادية‭ ‬وتطويعها‭ ‬فى‭ ‬التوزيع‭ ‬الضوئى‭ ‬داخل‭ ‬الكادر‭ ‬لإعطاء‭ ‬إحساس‭ ‬الظل‭ ‬والنور‭ ‬فمثلا‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬السيرك‮»‬‭ ‬لسعاد‭ ‬حسنى‭ ‬أراد‭ ‬المصور‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬فهمى‭ ‬إدخال‭ ‬نور‭ ‬الشمس‭ ‬من‭ ‬الشباك‭ ‬لينعكس‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬سعاد‭ ‬حسنى‭ ‬ولو‭ ‬تم‭ ‬تلوينه‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬سيقتل‭ ‬المشهد‭ ‬الدرامى‭ ‬والمستوى‭ ‬البصرى‭ ‬الذى‭ ‬أراده‭ ‬المخرج‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬عملية‭ ‬التلوين‭ ‬فى‭ ‬السينما‭ ‬مرفوضة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لى‭ ‬لأنها‭ ‬تخل‭ ‬بالقيمة‭ ‬الأساسية‭ ‬لتصوير‭ ‬الفيلم‭ ‬نفسه‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬الشكل‭ ‬البصرى‭.‬

‮«‬خيارات‭ ‬متعددة‮»‬

للناقد‭ ‬طارق‭ ‬الشناوى‭ ‬رأى‭ ‬مختلف‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يمانع‭ ‬من‭ ‬خوض‭ ‬التجربة‭ ‬بل‭ ‬وتكرارها‭ ‬مستقبلا‭ ‬ويقول‭: ‬“صحيح‭ ‬أن‭ ‬السينما‭ ‬بدأت‭ ‬بلا‭ ‬ألوان‭ ‬وبلا‭ ‬صوت‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬تحاول‭ ‬تجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬القصور‭ ‬وكان‭ ‬يتم‭ ‬تلوين‭ ‬الأفلام‭ ‬باليد‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬السبعينيات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬التلوين‭ ‬الرقمى‭ ‬على‭ ‬استحياء،‭ ‬وتم‭ ‬تحويل‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬لألوان‭ ‬وبالتالى‭ ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬تلوين‭ ‬الأعمال‭ ‬القديمة‭ ‬يفقد‭ ‬من‭ ‬قيمتها‭ ‬ورونقنها‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬مسار‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتلوين‭ ‬سيخلق‭ ‬تيارا‭ ‬جديدا‭ ‬وسيظل‭ ‬هذا‭ ‬التيار‭ ‬منقسما‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬الماضى‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬انقطع‭ ‬صلته‭ ‬بالماضى‭ ‬ويريد‭ ‬فقط‭ ‬الألوان‭ .‬

ويضيف‭: ‬أعلم‭ ‬أن‭ ‬لـ«مدرسة‭ ‬المشاغبين‮»‬‭ ‬وضع‭ ‬خاص‭ ‬لدى‭ ‬الجمهور‭ ‬فأصبحت‭ ‬طقس‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬العيد‭ ‬ولها‭ ‬سحر‭ ‬خاص‭  ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬المانع‭ ‬من‭ ‬إلباسها‭ ‬ثوبا‭ ‬جديدا‭ ‬وطرح‭ ‬اختيارات‭ ‬متعددة‭ ‬للمشاهد‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬الضخم‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭ ‬والذى‭ ‬يمثل‭ ‬الشباب‭ ‬سينجذب‭ ‬للفكرة‭ ‬لعدم‭ ‬امتلاكه‭ ‬رصيد‭ ‬من‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود‭ ‬فى‭ ‬وجدانه‭, ‬ففكرة‭ ‬القبول‭ ‬والرفض‭ ‬أمر‭ ‬متعلق‭ ‬بالجمهور‭.‬

وأتصور‭ ‬أن‭ ‬التجربة‭ ‬مع‭ ‬“مدرسة‭ ‬المشاغبين”ستفتح‭ ‬المجال‭ ‬لتلوين‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬وإن‭ ‬كنت‭ ‬أفضل‭ ‬رؤية‭ ‬أعمال‭ ‬الثلاثى‭ ‬سمير‭ ‬غانم‭ ‬وجورج‭ ‬سيدهم‭ ‬والضيف‭ ‬بالألوان‭, ‬فنحن‭ ‬بحاجة‭ ‬لرؤية‭ ‬الأفلام‭ ‬القديمة‭ ‬بنمط‭ ‬وشكل‭ ‬جديد‭.‬

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة