كان لك معايا
«كان لك معايا» بعيد عن سلطة الجمهور
الثلاثاء، 22 يونيو 2021 - 01:01 م
محمد القليوبى
استطاعت المخرجة روجينا بسالي أن تختار ببراعة بواباتها السينمائية، فكما ووثقت لحياة سناء جميل، تعود روائياً هذه المرة من بوابة سعاد حسني، وحياة الستينيات بألوانها الجامحة، لتسرد حكاية بسيطة لكنها مليئة بالأفكار لأزمنة سابقة، وقد تكون آنية، وفي هذا الحوار تحدثنا مع روجينا عن فيلمها الأخير”كان لك معايا”، وما هي حكاية ليلى ذات الأصول اليهودية، وأحاديث أخرى.
في وسط البلد كانت تسير روجينا بسالي في يوم هادئ اخترقته تلك السيدة العجوز بصوتها العالي، وهو ما لفت انتباه روجينا وأثار فضولها لتعرف ماهية هذه الصاخبة التي يبدو عليها فعل السنين، وحينها سألت الروائي الراحل مكاوي سعيد عنها فأجابها أنها تدعي أنها من أصول يهودية، وكانت لها علاقة عاطفية مع أحد ضباط الجيش إبان ثورة يوليو، ونتيجة للظروف فقد استعصى عليهما الزواج، وبقيت هي وحيدة تحكي رواياتها عن كونها مصممة الأزياء الخاصة بسعاد حسني، وكيف كان أحمد رمزي يحاول التقرب منها، ولكنها ولظروف ما هاجرت القاهرة لمدة طويلة، وبعد عودتها كان الممثل عادل أدهم يساعدها مادياً على المعيشة، وهي كلها تفاصيل من الممكن عدم تصديقها، لكن كان لروجينا رأي آخر فأستوحت من تلك العجوز المجهولة قصتها التي ستحولها لفيلم روائي قصير.
بادرتها بسؤالي عن شعوري بأن الفيلم بدأ مع وفاة سعاد حسني، فأجابتني بأن سيرة وفاة سعاد حسني عندما يتم ذكرها فهي تقود لإنقباضة غير حميدة بسبب ملابسات، وغموض رحيلها، خاصة و أن وقت وفاتها كان العقل لا زال صغيراً ويتشكل بشكل ما مع الأحداث بل ويتأثر بها على المدى البعيد، وكانت تتمنى أن تقدم عملاً عن سعاد حسني، لذا كانت هذه الفرصة ليتم الربط بينها، وبين ليلى الشخصية الرئيسية في الفيلم.
شخصية ليلى مثلت عودة مختلفة للفنانة صفية العمري.. كيف عرضت عليها الدور؟
أذكر أني تحدثت معها على الهاتف، وقلت لها أنني أعد فيلماً قصيراً، وأن هناك دوراً رئيسياً لها فسألتها عن استعدادها للمشاركة في فيلم قصير ،و قالت لي على حسب سيناريو الفيلم، وبعد أن قرأته قالت إنها أحبت الشخصية، ولديها الرغبة للحديث أكثر عن الفيلم، وتناقشنا لفترة كبيرة عن السيناريو، والشخصية، وتفاصيلها خاصة أنه كانت ستجسد الشخصية في زمانين مختلفين،كما أنني كنت أريد أن أربط هذا الدور تحديداً بفترة الشباب وقت السيتينيات، وهو الدور الذي جسدته منة جلال.
شريف هو الضابط الذي أحب ليلى وأحبته وفرقتهما الظروف وهو الدور الذي جسده الفنان محمود قابيل.. فهل جاء إختيارك له بسبب كونه ضابط سابق.. وهو ما سهل الفكرة له؟
لم تكن تلك الفكرة مطلقاً، فالفنان محمود قابيل هو ممثل محترف، ومهني، وهذه ليست المرة الأولى التي نتعاون فيها معاً فقد قدمنا من قبل فيلم “نجم كبير”، ولكني استخدمت صورته الحقيقية وقت عمله كضابط في فترة الشباب، وكان متشجعاً جداً للمشاركة في ذلك الفيلم و تقديم تلك الشخصية ،وحتى أنه تنازل عن أجره لدعمي، ودعم الفيلم.
ما الصعوبات التي واجهتك منذ تقديم السيناريو للمركز القومي للسينما وحصولك على الموافقة الإنتاجية والعرض؟
توقف الفيلم فترة طويلة منذ أن قدمت السيناريو وقت رئاسة دكتور خالد عبد الجليل للمركز القوم للسينما، وسبب التوقف كان الرقابة التي كان لها تحفظات منها أن الفيلم عرض خبر وفاة سعاد حسني أنه كان إنتحاراً، وهو ما لم نفرضه، ولكن هذا ما كتبته الصحف وقتها، والأمر الأخر هو كون البطلة من أصول يهودية، وعلى علاقة بضابط جيش في فترة الستينيات، استمر هذا التوقف لفترة حتى أتت الدكتورة سعاد، وتولت رئاسة المركز فتحركت المياه الراكدة، و هذه الأمور جرت في عام 2019 ،وبدأنا التصوير مع حلول سنة 2020 ،من مميزات الفيلم أيضاً أنه كان إعادة إكتشاف لمنة جلال التي جسدت ليلى وقت الشباب فكيف جرت الأمور مع منة والإعداد لهذا الدور ؟
الدور كانت ستقوم به ممثلة سورية اسمها ميسون أبو أسعد، وبسبب ظروف طارئة اضطرت للسفر قبل التصوير بأيام وكان من المفترض البحث عن بديلة في أسرع وقت للحاق بوقت الصيف لتصوير مشاهد فترة الستينيات بشكلها الحقيقي، ووقع اختياري على منة جلال بعد أن شاهدتها في جلسة تصوير ظهرت فيه قريبة الشبه لفترة السيتنيات، ورأيت أنها الأنسب لهذا الدور، واعترض البعض على هذا الاختيار نظراً لأنه جديد تماماً على منة، ولكني كنت متأكدة أنه إذ ما تم وضعها في أجواء سليمة، ستخرج منة بأفضل ما عندها.
تركيزك على تفاصيل الأجواء في الفترات الزمنية المختلفة أعتقد أنه كان أمراً مرهقاً فماذا كانت رؤيتك خلال تصوير مشاهد تلك الحقبة؟
هذا هو الفرق بين مخرج وآخر، وهو كيفية معالجة القصة، والتعامل مع تفاصيلها حسب رؤيته، وكنت أريد الخروج بكل فترة بشكلها الحقيقي، لذا كان لي جلسات طويلة مع مصمم الأزياء، والديكور، والماكيير، وكانت أكثر مرحلة قريبة لقلبي رغم صعوبة تصويرها هي مشاهد فترة الستينيات، وخرجت بالشكل الذي تخيلته، وأذكر أن مناقشاتنا كفريق عمل كانت تستمر حتى مع فترات توقف التصوير للوقوف على كل تفصيلة حتى، وإن كانت صغيرة، أما تصوير مشاهد ففترة التسعينيات فكانت أكبر تحدي لأن هناك شخصيتين كبيرتين في السن، ولكن الفكرة أن يتم إعادتهما في أوائل التسعينيات، وأوئل الألفينات، وخلال تلك السنوات تغيرت الكثير من الأمور لذا كان هناك تركيز كبير على تفاصيل هاتين الفترتين بما في ذلك شكل، وأزياء الناس، وشكل الشارع نفسه.
< حصد الفيلم جائزتين بمهرجان فاتن حمامة بلندن الأولى هي أفضل ممثلة والثانية التحكيم الخاصة وسيعرض في مهرجان الإسماعيلية أيضاً فمن نظرك ما هو معيار النجاح لأي مخرج ؟
الجوائز وحدها أو الإيرادات وحدها ليست هي معيار النجاح، بل عندما يقدم المخرج ما يريد، و على مدار التاريخ الفني حققت أفلام سيئة أعلى الإيرادات، وجزء من التحقق أن يقدم المخرج أفكاره حتى وإن كانت الأجواء مسمومة، وأن يفرض هذه الرؤية بعيداً عن سلطة الإنتاج، والذوق العام للجمهور.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة