محمد بركات
محمد بركات


يوميات الأخبار

معجزة الثلاثين من يونيو

محمد بركات

الثلاثاء، 22 يونيو 2021 - 05:34 م

 

«كانت المؤامرة بين قوى الشر وجماعة الإفك والضلال، هى إسقاط الدولة المصرية كضرورة لازمة لالتهام العالم العربى كله فى غيبة سيفه القوى ودرعه الواقى».
منذ ثمانية أعوام،..، وفى مثل هذه الأيام من نهايات شهر يونيو من عام «٢٠١٣»،..، كانت مصركلها تقف على اعتاب مرحلة جديدة بالغة الأهمية من مسيرتها الوطنية، الطويلة والممتدة عبر الزمن والحافلة دائما وابدا بالاصرار على مواجهة التحديات مهما عظمت، والتصدى للعواصف والأنواء مهما اشتدت، والوقوف بصلابة وعزم ضد قوى الشر وجماعة الإفك والضلال والتطرف والارهاب، الساعية لطمس الهوية الوطنية المصرية، والسقوط بالدولة والشعب فى غياهب الظلام ومجاهل التخلف والتطرف.
كان الشعب الذى طفح به الكيل من سوء ما رأى وشدة ما عانى، فى عام أسود غابت فيه شمس الحقيقة واحتجب عنه ضياء الأمل ونور الرجاء،..، قد استجمع ارادته واتخذ قراره بضرورة استرداد الوطن من خاطفيه، واستعادته ممن استولوا عليه فى غفلة من الزمن، والخلاص من الطغمة الباغية التى قفزت الى السلطة، وسيطرت على الحكم وقبضت على رقاب العباد، قبل أن تورد البلاد موارد التهلكة، وتحول مصر إلى اطلال دولة فاشلة لاتقوم لها قائمة فى زمن منظور.
كان الشعب فى مثل هذه الأيام منذ ثمانية أعوام، قد عقد العزم على الخروج الجمعى بطول وعرض البلاد، لإعلان ارادته.. وتنفيذ قراره على مرأى ومسمع من العالم كله، فى مشهد غير متوقع ولامسبوق فى تاريخ الأمم والشعوب.
أحداث ٢٠١١
وفى يقينى أننا لا نكشف عن مفاجأة، ولانزيح الستار عن أشياء مجهولة أو مخفية، إذا ما قلنا أن ما جرى وما كان، وما شهدته مصر فى عام ٢٠١٣ من تحرك شعبى جامع وكاسح وغير مسبوق، فى الثلاثين من يونيو، كان نتيجة طبيعية ومباشرة لما جرى ووقع قبلها بعامين.
كان هو رد الفعل المباشر من جانب الشعب المصرى على ما جرى وكان، وما حاق بالمنطقة العربية كلها جراء الاحداث التى وقعت فى عام ٢٠١١، وما تلاها من اعوام عجاف، وما شهدته المنطقة كلها من عنف وفوضى ودمار وخراب، تحت شعارات زائفة، ومسميات كاذبة، صدقها البعض وانساق وراءها البعض الآخر، دون ادراك للكم الهائل من الخداع والتضليل الذى تحتويه هذه الشعارات وتلك المسميات، ودون أن ينتبهوا الى الهاوية التى يساقون اليها، ودون الالتفات الى الشرك المنصوب لهم، والذى يندفعون نحوه دون روية أو بصيرة.
ولعلنا لا نأتى بجديد، إذا ما ذكرنا أنه فى ظل الموجات العاتية من الكذب والضلال والخداع، التى سادت فى هذه الفترة من عام٢٠١١ وما تبعها،...، سقطت العديد من دول المنطقة العربية وتشرذمت وتشردت العديد من الشعوب، وأصبحت سوريا وليبيا واليمن اثرا بعد عين، ومجرد اطلال ممزقة تتنازعها قوات اجنبية وميليشيات وعصابات ارهابية، بعد ان كانت دولا ذات سيادة، قبل أن تطولها وتحيق بها يد الخراب فى اطار مؤامرة الدمار الكبرى والفوضى غير الخلاقة فى عام٢٠١١.
تغيير الخريطة!
وللبحث عن الاسباب وراء هذا الابتلاء الذى حاق بمصر والعالم العربى فى عام٢٠١١، فيجب ان نعود بالذاكرة الى ما قبل هذا العام البائس،..، وهو يستحق هذه التسمية، نظرا لما تسبب فيه من بؤس للعديد من الدول والشعوب العربية، فى ظل المؤامرة التى كانت قد حيكت واكتملت خطوطها واهدافها فى ليل شديد السواد، بين قوى الشر الاقليمية والدولية، التى رأت ضرورة تغيير الخريطة العربية التى كانت سائدة ومستقرة منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الأمس القريب، وبين جماعات وقوى الظلام والضلال والارهاب والتكفير الاقليمية وتنظيمها الدولى، التى رأت فى التآمر الفرصة المتاحة للتمكين والسيطرة على كراسى السلطة والحكم فى مصر والمنطقة كلها وعموم العالم العربى، مستغلة فى ذلك قدرا كبيرا من الغفلة وسوء الإدارة والحكم، فى كثير من الدول العربية، وانتشار حالة مرضية من الضعف القومى العام فى كثيرمنها، بالإضافة الى قدر ليس بالقليل من الغفلة وعدم التنبه أو الادراك، لحقيقة وطبيعة وأهداف هذه الجماعات وخطورتها على الدولة الوطنية.
تحالف إجرامى
وفى ظل هذا التحالف المؤثم والاجرامى، اتفق الطرفان على السعى أولا لإسقاط الدولة المصرية، باعتبارها جوهرة التاج العربى والدرع الحامى للشعوب العربية، والسيف المدافع عن العرب فى كل مكان وزمان، وهو ما يجب تحطيمه أو إسقاطه أو نزعه حتى يمكن التهام العالم العربى فى غيبته وعدم وجوده.
هكذا كان التصور، وهكذا كانت المؤامرة، وعلى هذا النسق جرت الأحداث متسارعة قبل نهاية يناير من عام ٢٠١١،..، وفى ظل ذلك جرى ما جرى من الأحداث المتسارعة ومتوالية العنف والفوضى الإجرامية غير الخلاقة التى نشروها فى أرجاء مصر، وأغرقوا فيها كل شوارع وميادين وأزقة المحروسة، وكل المحافظات والقرى والمدن بطول البلاد وعرضها،..، ولكن الله كان لهم بالمرصاد، وتنبه الشعب الى سوء مايفعلون، وأدرك بوعيه التاريخى ضلال ما يقولون، وكذب مايدعون وسواد ما يضمرون من شر للوطن والدولة وكل الشعب.
وفى ضوء ذلك الادراك ولدت الارادة الجمعية للشعب بكل طوائفه وقواه الوطنية، وكانت هبته القوية ضدهم ورفضه الكامل لوجودهم واستمرارهم، وثورته العارمة عليهم واصراره البات على الخلاص منهم وانقاذ مصر من براثنهم،..، ومطالبته لجيش الشعب بتنفيذ هذه الإرادة، والانتصار للشعب،..، وهو ما كان بالفعل.
الخروج الشعبى
ولو تمهلنا قليلا فى استرجاع الماضى القريب، وتوقفنا مليا أمام ما جرى فى تلك اللحظات الفارقة من حياة مصر فى يوم الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، لوجدنا انفسنا فى مواجهة حدث جلل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
وللحقيقة والتاريخ فإن ما جرى فى مصر لم يكن مسبوقا من قبل فى حياة الشعوب والدول،..، بل وايضا فى حياة الجيوش، حيث لم يشهد التاريخ من قبل خروجا بهذا الحجم، وذلك الحشد الهائل من الملايين من ابناءشعب من الشعوب، الى شوارع وميادين وأزقة ودروب كافة المدن والقرى، بطول وعرض وطنهم ودولتهم، للتعبير عن رأيهم والاعلان عن قرارهم الممثل لإرادتهم الحرة، فى أى شأن من الشئون أو أى أمر من الامور فى شئون حياتهم أو أمور دنياهم.
ولذا نقول بكل الوضوح،..، ماشهدته مصر فى يوم الثلاثين من يونيو عام ٢٠١٣، من خروج هائل وحاشد للملايين من افراد شعبها وجموع امتها، بكل الاعمار والفئات والمستويات الاجتماعية والثقافية، سيظل حدثا مشهودا فى تاريخ الأمة المصرية،...، وسيظل رد فعل الجيش المصرى وامتثاله الامين وانحيازه الكامل لإرادة الشعب واستجابته لأمره، حدثا فريدا فى تاريخ الجيوش، ومثالا حيا على الانتماء الكامل لهذا الجيش لشعبه ووطنه ودولته، وتعبيرا صحيحا عن ولائه المطلق للشعب، وتنفيذه الدائم لإرادته الحرة، فى الخلاص من حكم اسود بغيض، كان يسعى بكل الجهل والضلال وسوء الطوية وفساد القصد، الى السقوط بالوطن والدولة فى غياهب الفوضى والتطرف والعنف، والضياع والتفكك والحرب الأهلية والتشرذم والانقسام.
معجزة كاملة
وطالما أجزنا لانفسنا استرجاع اللحظة الفارقة فى عمر الزمن، فى محاولة للامساك بما اجتاحنى وغيرى من ابناء مصر المحبين لها والعاشقين لترابها، من مشاعر فخر فياضة، ونحن نشاهد ونلمس ونشارك فى رسم ملامح معجزة الخروج الكبير والهائل وغير المسبوق لجموع الشعب.
فلابد أن نعترف بأنه مهما قيل عن الجحافل والملايين التى هبت فى كل مكان على أرض مصر، وخرجت الى كل الشوارع والميادين بالقاهرة والاسكندرية وجميع المحافظات والمدن والقرى، لتؤكد ارادتها وتمارس حقها المشروع فى استعادة هوية الدولة وتصحيح اتجاه مسيرتها،..، فسيبقى هذا القول ناقصا فى تعبيره عن عظمة ما وقع، وعاجزا عن الاحاطة بحقيقة ما جرى وما كان فى الثلاثين من يونيو عام ٢٠١٣،..، فلقد كان وبحق معجزة كاملة وغير مسبوقة فى تاريخ الأمم والشعوب، انقذت مصر والمنطقة من المصير الاسود، الذى كان قد حيك لهما ورتب من اجلهما، لولا عناية الله ووعى الشعب وولاء الجيش وشجاعة القائد.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة