الأربعاء، 23 يونيو 2021 - 05:26 م

فى خيال كل إنسان ليلة, تنفرد بذكرى معينة, وعلى الرغم من ان الإنسان قد ينسى ليالى واحداثا عديدة, لا أن هذه الليلة المفردة تظل تعيش فى خياله, وكبير المبدعين الكاتب الصحفى الشاعر كامل الشناوى يكتب لنا عن ليلة لا تنسى فيقول : لن انسى أبدا ليلة قضيتها أستمع لأجمل صوتين فى الشرق العربى بأسره, صوت محمد عبد الوهاب, وصوت أم كلثوم فى فندق ميناهوس منذ خمسة عشر عاما, كنت قد دخلت قاعة الفندق الكبير أنا وأم كلثوم لنقضى سهرة عادية, والتقينا فى القاعة بصديق عزيز كان بين نزلاء الفندق وألح علينا لقضاء السهرة فى جناحه الذى يسكنه, وظل الصديق على إلحاحه حتى قبلنا, ولم نكد نمضى فترة وجيزة حتى فوجئنا بمحمد عبد الوهاب ينضم الينا فى جناح الصديق وقلت لنفسى : " لقد حدث ما لم يكن يحدث ولو ظللت ارتب حدوثه أعواما, وفرحت للصدفة العجيبة وبدأت أستعد بينى وبين نفسى للاستمتاع بأجمل سهرة يمكن أن اصادفها فى حياتى.
***
وتحقق أملى, اذ ما لبث محمد عبد الوهاب أن أنطلق يغنى بعض أغانى أم كلثوم بصوت عال ملأ نفوسنا طربا واستمتاعا, ثم طلبت منه أم كلثوم أن يغنى أوبريت " مجنون ليلى " التى كانت تشاركه الغناء فيه المرحومة اسمهان,واخذت أم كلثوم مكان اسمهان ومضت ترد على عبد الوهاب بالغناء. واندمج الأثنان فى الغناء, غنى محمد عبد الوهاب كما لم يغن فى حياته, وتفوقت أم كلثوم فبلغت القمة فى الإجادة, وبلغنا أنا والصديق القمة أيضا, قمة الاستمتاع والطرب
***
كان الصديق من هواة الموسيقى, اختفى لحظة وعاد يحمل عودا اعطاه لعبد الوهاب, وأمسك عبد الوهاب بالعود وبدأ يعزف ألحان أغنيات أم كلثوم وهى تصاحب عزفه بالغناء واستمر على هذا الحال حتى السادسة صباحا, وأخذنى التعب أنا وصديقى صاحب الدعوة, وتملكنا الطرب والاستمتاع فاستعرقنا فى نشوة علوية, وايقظانا بعد ثلاث ساعات كاملة من الانسجام التام بينهما.. وقلت لمحمد عبد الوهاب وأم كلثوم : " ان هذه الليلة قد وضعت خطوط أول عمل فنى مشترك بينكما وأمنيتى ان ارى ثمار هذا التعاون ".
كامل الشناوى
" الكواكب " - 17 يونيو 1958