مدير الشئون الأفريقية بوزارة الخارجية البريطانية فى حوار لـ «الأخبار»
مدير الشئون الأفريقية بوزارة الخارجية البريطانية فى حوار لـ «الأخبار»


معظّم مالك مدير الشئون الأفريقية فى وزارة الخارجية البريطانية لـ«الأخبار»:

ندعم استئناف التفاوض والتوصل لحل فى أزمة سد النهضة

إبراهيم مصطفى

الأربعاء، 23 يونيو 2021 - 05:38 م

 

أكد معظّم مالك مدير عام شئون أفريقيا فى وزارة الخارجية البريطانية أن لندن تتابع تطورات ملف سد النهضة الإثيوبي، وأنها تتواصل مع مصر والسودان وإثيوبيا، لحثهم على العودة لطاولة التفاوض والتوصل لحل يراعى مصالح كل منهم، مشيراً إلى وجود مؤشرات على مجاعة وأزمة إنسانية حادة فى إقليم تيجراي، وأضاف فى حوار اختص به "الأخبار" خلال زيارته للقاهرة عقب زيارته أديس أبابا، أن مصر شريك مهم لبريطانيا داخل أفريقيا والشرق الأوسط على كافة المجالات، مؤكداً دعم الجهود المصرية للتخلص من فيروس كورونا، عبر المشاركة فى برنامج كوفاكس لتقديم اللقاح بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وإلى نص الحوار.
 

القاهرة شريك مهم لبريطانيا فى أفريقيا.. ونرحب بتصنيع اللقاحات فى مصر
إقليم تيجراى يتجه إلى المجاعة ويعانى أزمة إنسانية حادة

 

ماذا كانت أجندة زيارتك للقاهرة؟
القاهرة تعد محطتى الثالثة بعد إجراء مباحثات فى إثيوبيا والإمارات، وفى القاهرة التقيت السفير حمدى لوزا نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية، وتناقشنا حول الأوضاع فى القرن الأفريقى وقضايا أخرى، كما التقيت بمديرة مكتب منظمة الصحة العالمية، ورئيس مكتب صندوق النقد الدولي، وتركزت النقاشات حول مسار التعاون بين مصر وبريطانيا، الذى أعتقد أنه يسير بصورة جيدة ويتطور بقوة، ونحن ملتزمون بدعم مصر فى مختلف المجالات.

ما استراتيجية بريطانيا لتدعيم التعاون مع أفريقيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي؟

نحن ملتزمون بالشراكة مع أفريقيا، فهى قارة كبيرة بـ54 دولة واكثر من مليار نسمة بشعوب شابة تتمتع بالحيوية، فهى تمثل مستقبل العالم، وبالطبع هناك تحديات كثيرة تواجه القارة الأفريقية، مثل التغير المناخي، التحديات السياسية، عدم الاستقرار والحوكمة، كذلك القارة الأفريقية ترتبط ببريطانيا تاريخيا، وأيضا علاقات متعددة على الصعيد التجارى والسياسى والتعليمى والثقافى وغيرها، وهناك الكثير من اللاعبين الأفارقة فى الفرق الإنجليزية، والموسيقى البريطانية لها عشاق فى أفريقيا بما فيها مصر، لتلك الأسباب أفريقيا قارة مهمة للغاية بالنسبة لبريطانيا، وشراكتنا مع مصر شديدة الأهمية فى ذلك السياق، حيث يصل حجم التبادل التجارى بين مصر وبريطانيا إلى 3.5 مليار جنيه استرلينى سنوياً، والأرقام فى تصاعد مستمر، ونعد أكبر مستثمر مباشر فى مصر، ومن أكبر المستثمرين فى أفريقيا، ونخلق مئات آلاف فرص العمل. خلال العام الماضى استضافت بريطانيا قمة الاستثمار فى أفريقيا، وتم الإعلان عن 27 صفقة استثمارية بقيمة 6.5 مليار جنيه استرليني، وتعهدات باستثمارات أخرى بقيمة 8.5 مليار جنيه استرليني، وفى بداية العام الجارى تم عقد مؤتمر الاستثمار الأفريقى وتم الإعلان خلاله عن امتيازات تجارية مع 35 شريكا أفريقيا، أتاحتها بريطانيا بشكل منفرد بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، ونحن نهدف إحياء وتنشيط الشراكة البريطانية مع مصر والقارة الأفريقية.

كيف تعمل مصر وبريطانيا بشكل مشترك لمساعدة ودعم الدول الأفريقية الأقل تطوراً؟

مصر شريك مهم لبريطانيا، فهى دولة فى غاية الأهمية ليس فى أفريقيا فقط وإنما فى الشرق الأوسط كذلك، ونحن ملتزمون بدعم مصر وقد أشرت إلى التبادل التجارى الذى وصل إلى 3.5 مليار جنيه استرليني، كما لدينا تعاون مهم فى عدة مجالات، كذلك القاهرة شريك مهم لنا على الصعيد الأفريقي، فتعد مصر إحدى الدول النشطة داخل الاتحاد الأفريقي، ولدى مصر استثمارات مهمة فى أفريقيا خاصة السودان ومنطقة القرن الأفريقي، لذلك نحن حريصون على الشراكة مع مصر لتحقيق الاستقرار فى أفريقيا، وقد ناقشت مع نائب وزير الخارجية العمل على تحقيق الأمن فى الصومال، باعتبار مصر عضوا فى مجلس السلم والأمن الأفريقي، وبريطانيا تدعم عمل المجلس، كما نعمل مع الاتحاد الأفريقى على اطلاق خطة التعافى الأخضر عقب جائحة كورونا، وسيتم الإعلان عنها الشهر المقبل، لأنه من المهم التعافى الاقتصادى ولكن بشكل أكثر مراعاة للبيئة عقب الجائحة، وبريطانيا تحرص على العمل مع مصر فى ذلك المجال، باعتبار مصر رائدة على الصعيد الأفريقى فى مسألة تغير المناخ.

الشعوب الأفريقية تحتاج  الى الدعم الدولى لتوفير لقاحات فيروس كورونا.. ما الدور البريطانى فى ذلك؟

كوفيد-19 جائحة عالمية وتحد دولي، أثر على الاقتصاد بشكل كبير وزاد من الفقر فى الدول النامية، وأدى لتراجع الاقتصاد فى الدول المتقدمة، ولن يكون أحد فى مأمن ما لم يتخلص الجميع من الجائحة، وباعتبارها جائحة عالمية لا يمكن لدولة أن تحلها بمفردها، وإنما نحتاج لتعاون كل الجهات فى كل مكان، لذلك المملكة المتحدة كانت من أوائل وأكبر المتبرعين لتمويل آلية «كوفاكس» لتوفير اللقاحات للدول النامية، بمساهمة سخية بلغت حوالى 550 مليون جنيه استرليني، كما مولت الحكومة البريطانية أعمال البحث العلمى فى الجامعات البريطانية للتوصل إلى لقاح، ما أسفر عن توصل جامعة أكسفورد للقاحها الذى تم تطويره بالتعاون مع شركة أسترازينيكا، الذى يمثل ثلث اللقاحات المستخدمة فى العالم.. ففى التعامل مع هذه الجائحة تعتبر بريطانيا شريكا نشيطا.و خلال قمة قادة مجموعة السبع فى مقاطعة كورنوال، دعا رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون قادة مجموعة السبع لقيادة الجهود العالمية فى تطعيم جميع دول العالم وتسهيل وصول اللقاحات إلى جميع الدول.

بريطانيا كانت إحدى الدول الرائدة فى التوصل للقاحات.. هل الحكومة البريطانية تدعم تصنيعها فى أفريقيا والتخلى عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات؟

من المهم أن تبدأ افريقيا الإعداد لتصنيع اللقاحات داخل القارة، لكنها عملية لا يمكن أن تبدأ بسرعة كبيرة، ففى بريطانيا هناك بحث علمى متقدم للغاية، ومعدات دوائية دقيقة وغيرها، ويتطلب الوصول إلى ذلك عملية طويلة الأجل، لذلك الطموح لتصنيع لقاحات داخل أفريقيا سوف يستغرق وقتاً.. أعلم أن مصر حققت بعض التقدم مع الشركاء الصينيين فى ذلك المجال، وهو تطور مهم للغاية، فى بريطانيا نعترف باللقاحات التى حازت تسجيل منظمة الصحة العالمية، وقد مضت اللقاحات الصينية فى تلك العملية وأعتقد أن اللقاحات الروسية ما زالت تمضى فى تلك العملية، لكن على أية حال نرحب بتصنيع لقاح سينوفاك الصينى فى مصر.

وماذا عن التخلى عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات؟

أعتقد أن ذلك محل جدال ونقاش كبير، ونحن نتابع ذلك الأمر فى بريطانيا، ونرى أن هناك طرقاً أخرى لنشر المعرفة والتكنولوجيا لا تتطلب النقاش السياسى الحاد حول الحقوق القانونية الذى يدور حالياً، وأعتقد أن لقاح أسترازينيكا مثال على ذلك، حيث مولت الحكومة البريطانية البحث العلمى فى إحدى الجامعات التى أنتجت اللقاح، وتم اختباره وتوزيعه على الشعب البريطانى بالشراكة مع شركة أسترازينيكا التى وافقت على زيادة معدلات التصنيع، بالتعاون مع شركاء حول العالم دون مقابل، ووضعوا طريقة التصنيع والتكنولوجيا المناسبة، فتمكن معهد تصنيع اللقاحات فى الهند من بدء العمل..

فى وقت الأزمة لا يمكن أن نستغرق الوقت فى النقاش حول القواعد والضوابط لنقل التكنولوجيا، لأنه حتى لو تم تغيير تلك القواعد سوف نحتاج سنوات للحصول على إمكانيات التصنيع المطلوبة، لذلك قدمت جامعة أكسفورد وشركة أسترازينيكا مثالاً حول كيفية التعامل مع حالة الطوارئ التى يمر بها العالم حاليا.

عدت للتو من إثيوبيا.. هل تشعر الحكومة البريطانية بالقلق من تصاعد التوتر حول سد النهضة الإثيوبى بما يهدد استقرار المنطقة؟

بريطانيا تتابع عن كثب عملية إنشاء سد النهضة الإثيوبي.. كل من مصر وإثيوبيا والسودان لها حقوق مشروعة فى مياه النيل، والدول الثلاث لها مصالح مشروعة فى استخدام المياه..

حكومة المملكة المتحدة موقفها محايد فيما يتعلق بتلك المسألة ولا نتخذ صف أى دولة، ونحن حريصون على أن تجتمع الدول الثلاث للتفاوض والتوصل إلى حل يحقق المصالح المشروعة لكل منهم، لذلك نتواصل مع كل منهم لتشجيعهم على العودة لمائدة المفاوضات، ومحاولة إيجاد حلول لمسألة السد، والاتحاد الأفريقى يلعب دوراً هاماً فى تسهيل المحادثات، بريطانيا وشركاء آخرين حريصون على دعم عمل الاتحاد الأفريقى مع الدول الثلاث على أعلى المستويات، للتوصل إلى حل يراعى مصالح كل منهم.

كيف ترى بريطانيا رفض إثيوبيا الاعتراف بالمعاهدات الدولية ومنها معاهدة 1902 التى كانت المملكة المتحدة طرف فيها؟

بريطانيا لديها مسئوليات تاريخية بالفعل تجاه أفريقيا.. أعتقد أن إثيوبيا تواجه العديد من التحديات حالياً، مثل الانتخابات المقبلة خلال أسابيع، وبعد تحقيق الاقتصاد تقدماً ملحوظاً تأثر بجائحة كورونا وهجمات الجراد، والنزاع فى منطقة تيجراى الذى أدى لأزمة إنسانية كبيرة ومؤشرات على حدوث مجاعة هناك، إضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان، ثم أزمة السد، والوضع فى منطقة الفشقة، بالتالى إثيوبيا تواجه العديد من التحديات على عدة جبهات، وهى دولة مهمة للاستقرار فى القرن الأفريقي، بريطانيا تعمل مع شركائها، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وكذلك مع الإمارات وقطر ومصر وكافة الشركاء، للعمل على معرفة كيفية دعم إثيوبيا للتعامل مع التحديات العديدة التى تواجهها.

ما الرسالة التى نقلتها للمسئولين الإثيوبيين خلال لقاءاتك فى أديس أبابا؟

خلال وجودى فى إثيوبيا ناقشنا مختلف التحديات التى تواجه إثيوبيا.. القضية الأكثر إلحاحا الآن هى الوضع فى تيجراي، لأننا قلقون من مواجهة مئات الآلاف من البشر مخاطر المجاعة حالياً، ومع شركائنا الدوليين نحث الحكومة الإثيوبية وكذلك جبهة تحرير تيجراى وإريتريا، للدخول فى هدنة إنسانية فورية، لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى الإقليم، ونحرص على انسحاب القوات الإريترية من هناك، وفى نفس الوقت نأمل تحت قيادة رئيس الحكومة آبى أحمد والأطراف السياسية ان تدخل فى حوار، للتعامل مع التحديات السياسية التى تواجه إثيوبيا.

الدول الكبرى مهتمة بالتعاون والاستثمار فى أفريقيا خلال السنوات الأخيرة.. هل هناك تنسيق بين تلك الدول لتحقيق أفضل مكاسب للشعوب الأفريقية بدلا من التنافس داخل القارة؟

لا أحد يمتلك وحده الحلول للمشاكل التى تواجه أفريقيا أو على مستوى العالم، فالمشكلات الدولية تتطلب حلولاً دولية، أيا كان الأمر سواء نزاعات أو التغير المناخى أو الأوبئة، مواجهة تلك التحديات يكون بالتعاون والتحرك المشترك، بريطانيا لا تستطيع حل مشاكل العالم وحدها ولا أمريكا كذلك، ومصر لا تستطيع حل مشكلات أفريقيا وحدها، لذلك علينا العمل سوياً عبر آليات تسمح بالتعاون كشركاء متساوون، ونتشارك الرؤى حول كيفية حل المشكلات التى تواجهنا، وقد ناقشت قمة الدول السبع الكبرى فى بريطانيا التحديات الدولية وكيفية مواجهتها.. فى العالم الآن تتعدد آليات الشراكة والحوار سواء على المستوى الثنائى أو مع الاتحاد الأفريقي، ومجموعة أصدقاء السودان، وأيا كانت الآليات نحتاج إلى أن نتحدث ونفهم بعضنا البعض ونجد حلولاً للمشكلات.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة