الشيخ عمر الديب
الشيخ عمر الديب


الشيخ عمر الديب: «بيت الطاعة» يغلق باب المودة.. واستغلاله مخالف للشرع

سنية عباس

الخميس، 24 يونيو 2021 - 09:28 م

 

تتعالى الأصوات للمطالبة بإلغاء ما يسمى "بيت الطاعة" فى قانون الأحوال الشخصية الذى يجرى تعديله حاليا فى مجلس النواب، وقد حسم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف الجدل المثار حول بيت الطاعة قائلا: " لا وجود لما يعرف ببيت الطاعة فى الدين الإسلامى"، ليكون هذا التصريح دعوة لتصحيح بعض نصوص قوانين الأسرة لطرد الأفكار الخاطئة التى ترسخت فى المجتمع واستبدالها بالتفسير الصحيح لأحكام الفقه والشريعة الإسلامية لتتعافى المحاكم من تكدسها بأعداد هائلة من قضايا الخلافات الزوجية وما يترتب على كثرتها من تأخير الفصل فيها فتضيع حقوق المرأة التى أوصى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بها خيرا وكرمها الإسلام حتى فى أمر النشوز عند عدم طاعة الزوج فيما يأمر به الشرع.

وفى ضوء هذا الجدل المثار يوضح الشيخ عمر الديب وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية من أين جاءت فكرة بيت الطاعة فى القانون؟ وما هى آداب طاعة الزوجة للزوج؟

يقول الشيخ عمر الديب : أوصى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالنساء فقال فى خطبة حجة الوداع "استوصوا بالنساء خيرا"، وعندما شرع الله الزواج جعل الحكمة منه فى قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) وقال المفسرون : المودة هى حب الرجل لإمرأته والرحمة حمايتها من كل مكروه، وطلب الزوج زوجته لإلزام بيت الطاعة من باب تأديبها على مخالفته فى الطاعة مخالف لشرع الله فى الحكمة من الزواج التى تدعو للسكن والمودة والرحمة، والأصل فى حسم المشاكل التى يترتب عليها هذا الفعل تطبيق شرع الله، أما إجبار الزوجة بإلزام بيت الطاعة إهانة لها وقد حرم الإسلام الاعتداء عليها لفظا وفعلا وحتى فيما تملك بجبرها على الإنفاق فى بيت الزوجية ولذا جعل الله تعالى القوامة للزوج بالإنفاق على الزوجة والأبناء بالمعروف ويمكنها أن تشارك فى الإنفاق بإرادتها فى حالة تعسر الزوج لأى سبب، وطلبها فى بيت الطاعة وهى كارهة مطعون فيه.

وحول أصل بيت الطاعة فى قانون الأحوال الشخصية الحالى يستكمل الشيخ عمر الديب أنه مأخوذ من القانون الفرنسى قديما وإجراء قانونى يعطى للزوج حق إجبار زوجته العودة لبيت الطاعة وإذا امتنعت تعتبر ناشزا وتفقد حقوقها المادية، والتعبير الدارج لبيت الطاعة فى حقيقة الأمر يشير إلى مسكن الزوجية الذى يجب أن يتحقق فيه تبادل الحقوق بين الزوجين أما استغلال القانون لاخضاع الزوجة وإذلالها وتضييع حقوقها فأمر محرم ولا يجوز شرعا، وإن وصل الأمر فى القضاء إلى إلزام الزوجة بيت الطاعة فهناك شروط لهذا المسكن منها أن يكون ملائما اجتماعيا واقتصاديا للزوجة وآمن وخاليا من سكنى الغير من أهل الزوجين لحماية حقوقها الزوجية والأسرية.

 ويضيف: الطاعة الزوجية ليست ترفا يتمتع به الزوج دون مقابل، وليس تسلطا من إنسان على آخر دون مبرر بل مسؤلية متبادلة التبعات بين الزوجين ومن آداب طاعة الزوجة للزوج أن تهتم به وترعى مصالحه وأمور الأبناء والبيت وتلين له ولا تمانع فيما ليس فيه مخالفة للشرع وتتجمل للزوج وتستأذنه فى الخروج كما يتفقان على ذلك ليتحقق استقرار الأسرة، وإذا تجاوزت هذه الآداب تعد فى نظر الشرع والقانون ناشزا والنشوز على النقيض من الطاعة ولا يعد اختلاف الرأى بين الزوجين نشوزا، ومقابل نشوز المرأة هناك نشوز للرجل إذا خالف العهد بينهما بإهانتها أو تقبيح شكلها وملبسها وعدم الإنفاق عليها بالمعروف ونعتها بصيغة تسيء إليها ومقارنتها بغيرها والثورة عليها دون سبب وإذا هجر بيت الزوجية بلا مبرر وغيرها من الحقوق التى إن تخلى عنها الزوج يعد نشوزا منه لخروجه عن المألوف فى العلاقة المتبادلة.

ويشير إلى أن القرآن الكريم احترم المرأة وكرمها حتى فى أمر النشوز الذى يشبه المرض العارض على مسيرة الحياة الزوجية ومن العقل والحكمة أن يتصدى الزوج لعلاجه مبكرا ولا يتركه يستفحل فى جسد الأسرة ويدمرها ولذا لم ينتظر الإسلام وقوع مشكلة النشوز وإنما حذر منها بمجرد الخوف من حدوثها فقال تعالى: ( واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) فعالج القرآن الكريم نشوز المرأة بتدرج يبدأ بالموعظة وإن لم تستجب فيأتى الهجر فى المضاجع فإن لم يثمر فالعلاج الثالث هو الضرب المقصود به التهذيب وليس الإيذاء وليكن باستخدام السواك وما شابه ذلك، وفى حالة نشوز الزوج تبدأ الزوجة بالموعظة وإذا لم تجد تلجأ إلى القضاء فيسقط حق الزوج فى طلبها لبيت الطاعة، على أن يكون المقياس والميزان النهائى لعلاج مثل هذه الأمور إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان إذا استحالت العشرة بينهما.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة