جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

ما بدأناه فى ٣٠ يونيو لابد أن نستكمله

جلال عارف

الجمعة، 25 يونيو 2021 - 07:11 م

رغم الظروف المعاكسة، والدعم الخارجى الكبير لعملية استيلاء «الإخوان» على حكم مصر، ورغم استخدام «الإخوان» لكل الوسائل بما فيها الارهاب الذى كان وسيظل عنواناً رئيسياً لهم.. رغم كل ذلك وأكثر منه، فقد كان حتماً أن ترفض مصر حكم الفاشية الإخوانى، وأن تخرج عشرات الملايين لتنقذ الدولة وتستعيد الثورة وتكتب فى ٣٠ يونيو العظيم كلمة النهاية لهذا العام الأسود الذى عاشته مصر فى ظل الإرهاب الإخوانى.. كان تصور الاخوان العقيم أنهم سيحكمون مصر لمئات السنين كما قال خيرت الشاطر، وأنهم سينطلقون منها لحكم العالم العربى ثم الإسلامى وكانوا قد تحولوا إلى جزء من استراتيجية أمريكا فى ذلك الوقت لنشر الفوضى فى المنطقة تمهيداً لخريطة جديدة تمزق العالم العربى وتبدد فرص تقدمه لمئات السنين.
كان اللعب قد أصبح على المكشوف. وكان الوجه الحقيقى للإخوان يظهر للجميع.. ترويع المواطنين فى الداخل والانقضاض على كل مؤسسات الدولة فى حماية إرهاب الجماعة وحلفائها من ناحية، والبدء فى سداد الفواتير لمن ساعدوهم فى الاستيلاء على الحكم ولو كان الثمن تفريطاً فى أرض الوطن واستقلاله وإغراقا له فى الفوضى المدمرة.
ومرة أخرى أثبت «الإخوان» انهم لايعرفون مصر..
لايعرفون الوطن ولا يؤمنون به، ولا يعترفون بشعب لايشاركهم الارهاب والتكفير، ولايقيمون وزناً  للدولة إلا باعتبارها طريقاً لتحقيق طموحاتهم التى التقت مع مخططات الاعداء منذ اليوم الأول لنشأة الجماعة بدعم الاحتلال البريطانى وأموال الأجانب الذين احتالوا على مصر واستولوا على قناة السويس.
فى ٣٠ يونيو كانت المعركة الفاصلة بين حكم فاشى لجماعة لم تكن يوماً جزءاً من النسيج الوطنى المصرى، وبين مصر التى تعرف نفسها، وتعرف أيضا حقيقة الإخوان حتى من قبل سقوط الأقنعة فى العام الأسود الذى استولوا فيه على حكم مصر. كانت عشرات السنين منذ نشأة الجماعة كافية لتبرهن على أنها لم تولد إلا لتكون خنجرا يطعن الحركة الوطنية وعائقاً أمام تقدم الوطن ونهضته.
كانت تجربة ثلاثة أرباع القرن مع الجماعة التى استولت على حكم مصر تقول إنها لم تقف يوماً فى صف الحركة الوطنية الساعية للاستقلال ولإقامة الدولة المدنية القوية. لم تكن نشأة «الإخوان» رداً على سقوط الدولة العثمانية كما قيل، لكنها -كانت قبل ذلك وبعده- رداً على ثورة ١٩ بما مثيلته من وحدة وطنية ونضالا من أجل الاستقلال والدستور الذى يفتح الطريق للدولة الحديثة.
كانت مصر تعرف «الإخوان» جيداً. وكان «الإخوان» قد أكدوا فى عام حكمهم الأسود أنهم لايعرفون مصر ولا يسعون لأن يعرفوها إلا كجائزة كبرى سقطت فى قبضتهم وفى قبضة من يدعمون «الإخوان» ويستخدمونهم لتحقيق أهدافهم فى المنطقة. ولهذا كانت المواجهة حتمية وكان «الإخوان» يعرفون ذلك ويستعدون له متسلحين بالإرهاب، وبالجهل بمصر التى يريدون أن يعودوا بها إلى مجاهل العصور الوسطي!
فى ٣٠ يونيو لم يكن هناك فقط ٣٠ مليون مصرى فى الميادين لاسقاط الفاشية الإخوانية. ولم يكن هناك فقط انحياز جيش مصر الوطنى المعتاد لشعب مصر..  بل كانت هناك ايضا روح مصر التى أراد «الإخوان» اغتيالها ليقيموا دولة المرشد وحكم الإرهاب.
كان هناك ميراث ثورات مصر العظيم منذ عرابى وحتى يناير.. وكان هناك نضال أجيال قاومت وضحت من اجل الاستقلال والحرية.
وكان هناك ميراث مئات السنين من العمل الوطنى من أجل بناء الدولة الحديثة، وإبداع أجيال من المفكرين والمثقفين والفنانين.
هل كان من الممكن أن تترك مصر كل هذا وراءها، لتسير وراء إرهاب الإخوان وحكمهم الفاشي؟ اجابت مصر بكل حسم فى ٣٠ يونيو رغم كل التحديات، لكن الصراع لم ينته، وسيبقى حتى نستأصل تماما كل جذور الإرهاب، وحتى نسد كل الأبواب أمام من يتوهمون أنهم سيرثون «الإخوان» ويكررون مآسيهم.
أنجزنا الكثير، وبقى أمامنا أن ننهى تماماً مأساة الاتجار بالدين ونقيم دولة المواطنة التى لاتعرف «غزوات الصناديق» ولاتسمح بأن يكون الدين الحنيف جزءاً من صراعات السياسة أو وسيلة لهدم الدولة أو استنزاف جهدها.
مصر ٣٠ يونيو قادرة على تحقيق خطوات أكثر على هذا الطريق.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة