عباس العقاد
عباس العقاد


في ذكرى ميلاد العقاد.. معاركه الأدبية وضعته على «قمة الأدباء»

صفوت ناصف

الإثنين، 28 يونيو 2021 - 10:30 م

اليوم ليس ككل يوم، فهو يمثل ذكرى ميلاد رئيس جمهورية الفكر الأديب والمفكر والشاعر والصحفى عباس محمود العقاد، 132 عاما على ميلاد هذا الرجل العظيم، الذى أثرى المكتبة العربية، بتيجانها الذهبية من الكتب التى أصبحت مراجع للدارسين والباحثين والعاشقين للأدب الراقي.

لم تكن حياة العقاد سهلة أبدًا، فعبد ميلاده فى أسوان عام 1899 لأب مصري وأم كردية، اقتصرت دراسته على المرحلة الابتدائية فقط، لعدم توافر المدارس الحديثة فى محافظته الأم، نشأء هناك لأب موارده المالية محدودة، فلم يتمكن من إرساله للقاهرة آنذاك كما يفعل الأعيان فى كل المحافظات البعيدة عن القاهرة، فاضطر العقاد الطفل إلى الاعتماد على ذكائه الحاد وصبره على التعليم والمعرفة حتى أصبح صاحب ثقافة موسوعية، ليس بالعلوم العربية فقط وإنما بالعلوم الغربية أيضا، ورغم مستوى دراسته هذا إلا أنه اتقن الإنجليزية من مخالطته للسائحين المتوافدين على الأقصر وأسوان، فتمكن من القراءة والاطلاع على الثقافات الأوربية.

كتب الكثير من المقالات وكان يرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات، حتى أصبح أحد أهم كتاب القرن العشرين في مصر، كما ساهم بشكل كبير في الحياة الأدبية والسياسية، وأضاف للمكتبة العربية أكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات، نجح العقاد في الصحافة، ويرجع ذلك إلى ثقافته الموسوعية، فقد كان يكتب شعراً ونثراً على السواء، وظل معروفآ عنه أنه موسوعي المعرفة يقرأ في التاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم الاجتماع.

سافر العقاد بعد ذلك إلى القاهرة وعمل بالصحافة وتتلمذ على يد المفكر والشاعر الأستاذ الدكتور محمد حسين محمد، خريج كلية أصول الدين من جامعة القاهرة. والذي أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري "مدرسة الديوان"، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق.

اشتهر العقاد بمعاركهِ الأدبية والفكرية مع الشاعر أحمد شوقي، والدكتور طه حسين، والدكتور زكي مبارك، والأديب مصطفى صادق الرافعي، والدكتور العراقي مصطفى جواد، والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، كما اختلف مع زميل مدرسته الشعرية الشاعر عبد الرحمن شكري، وأصدر كتابا من تأليفهِ مع المازني بعنوان الديوان هاجم فيهِ أمير الشعراء أحمد شوقي، وأرسى فيهِ قواعد مدرسته الخاصة بالشعر.

اشتغل العقاد بوظائف حكومية كثيرة في المديريات ومصلحة التلغراف ومصلحة السكة الحديد وديوان الأوقاف. لكنه استقال منها واحدة بعد واحدة. ولما كتب العقاد مقاله الشهير «الاستخدام رق القرن العشرين» سنة 1907، كان على أهبة الاستعفاء من وظائف الحكومة والاشتغال بالصحافة.

بعد أن مل العقاد العمل الروتيني الحكومي. وبعد أن ترك عمله بمصلحة البرق، اتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة اطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور. وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه. وتوقفت الصحيفة عن الصدور بعد فترة. وهو ما جعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه. فاضطر إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل قوت يومه. 

لذلك كان عمل العقاد بالصحافة هو الأقرب لشخصيته المتحررة، فصار بعد ذلك من كبار المدافعين عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال، حتى أنه دخل فى معارك حامية وصلت إلى القصر الملكي، فذاع صيته وتم انتخابه عضوا بمجلس النواب، حاول القصر كبح جماح العقاد فاستغل مهاجمته وتم تقديمه للمحاكمة بتهمة العيب في الذات الملكية وتم سجنه بهذه التهمة تسعة أشهر عام 1930، فحينما أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسئولة أمام البرلمان، ارتفع صوت العقاد من تحت قبة البرلمان على رؤوس الأشهاد من أعضائه قائلًا: «إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه». وفي موقف آخر أشد وطأةً من الأول، وقف الأديب الكبير موقفًا معاديًا للنازية خلال الحرب العالمية الثانية، حتى إن أبواق الدعاية النازية وضعت اسمه بين المطلوبين للعقاب، كان العقاد يبشر بانتصار الديموقراطية في الوقت الذي كانت فيها المظاهرات في مصر ترفع شعار «إلى الأمام يا روميل»، وما إن اقترب جنود إرفين روميل من أرض مصر حتى تخوف العقاد من عقاب الزعيم النازي أدولف هتلر، وهرب سريعًا إلى السودان عام 1943 ولم يعد إلا بعد انتهاء الحرب بخسارة دول المحور.

كانت ثقافة العقاد واسعة، حيث قرأ في التاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، وأطلع على الكثير من الكتب، وبدأ حياته الكتابية بالشعر والنقد، ثم زاد على ذلك الفلسفة والدين. ودافع في كتبه عن الإسلام وعن الإيمان فلسفيا وعلميا ككتاب «الله» وكتاب «حقائق الإسلام وأباطيل خصومه»، ودافع عن الحرية ضد الشيوعية والوجودية والفوضوية (مذهب سياسي)، وكتب عن المرأة كتابا عميقا فلسفيا اسماه هذه الشجرة، حيث يعرض فيه المرأة من حيث الغريزة والطبيعة وعرض فيه نظريته في الجمال.
أما العقاد الشاعر فكان فذا كما كان مفكرًا فلقد صدر له فى حياته عشرة دواوين هي: « يقظة صباح، ووهج الظهيرة، وأشباح الأصيل، وأشجان الليل، ووحي الأربعين، وهدية الكروان، وعابر سبيل، وأعاصير مغرب، وبعد الأعاصير، ما بعد البعد»، وديوانه يقظة الصباح نشره عام 1916 وكان عمره حينها 27 عامًا، وفي عام في عام 1934 نظم العقاد نشيد العلم.
وتوفى العقاد في 26 شوال 1383 هـ الموافق 12 مارس 1964 ولم يتزوج أبدا.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة