حكايات ثورة المجد
حكايات ثورة المجد


حكايات ثورة المجد

دولة «30 يونيو» تحمـى الهوية الوطنية من تشـوهات تنظــــيـمات التطـرف

آخر ساعة

الأربعاء، 30 يونيو 2021 - 10:46 ص

 كتب :أحمد جمال

تطول حكايات الشعب عن ثورة "30 يونيو" التى لفظت جماعة الشر وأعادت الروح إلى مصر القوية التى تصر على البقاء ولا تعرف معنى الانكسار.

فى هذا الملف، نستذكر الكثير من المشاهد التى لم تمحها السنون من ذاكرة الوطن، لثورة شعبية انطلقت شرارتها الأولى من اعتصام الأدباء والفنانين فى مقر وزارة الثقافة بحى الزمالك، لتفيض بعد أيام فى كل شوارع مصر، ويتركز نورها فى ميدان التحرير، أيقونة الحرية.

كما نستعرض شهادات لكتَّاب وسياسيين وخبراء اقتصاد ورجال دين ومواطنين عاديين.. إلخ، بشأن رؤيتهم للثورة التى صنعت المجد، وأنقذت البلاد من براثن تنظيم الإخوان الإرهابي، وامتد تأثيرها إلى المنطقة العربية.

نتذكر الأيام الصعاب قبل اندلاع ثورة يونيو 2013، ونستخلص منها العبر، ونتمسك بما حققته من مكتسبات، وما تحققه من إنجازات بفضل الإدارة الحكيمة للبلاد بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومن ورائه كل مصرى يعمل لإعلاء راية مصر.. لتظل دائماً "أم الدنيا".

ظلت محاولات طمس الهوية المصرية هدفاً رئيسياً لتنظيم الإخوان منذ تأسيسه فى عشرينيات القرن الماضى، باعتبار أن ذلك هو الطريق الأسهل لاختراق المجتمع المصرى وخلخلة ثوابته الراسخة من خلال التفرقة بين المواطنين وإشعال الفتن المختلفة بحثاً عن ضمان الهيمنة على السلطة والبقاء فيها أطول فترة ممكنة.

عوًل التنظيم المصنف إرهابياً على وجوده فى السلطة لفرض هوية متشددة على المصريين سواء كان ذلك من خلال القرارات والقوانين والفتاوى التى خرجت من التنظيم فى ذلك الحين أو عبر سيطرته على المؤسسات ذات الصلة المباشرة بالمواطنين وتوظيفها لصالح أجندته، وهدف بالأساس لإحداث قطيعة بين المواطنين وتاريخهم بحثاً عن تمرير أفكاره، غير أن المصريين انتفضوا سريعاً ضد هذه الممارسات، وليس مستغرباً أن تكون شرارة انطلاق الثورة جاءت من المثقفين الذين اعتصموا أمام وزارة الثقافة رفضاً لقرارات أخونتها.

الرئيس السيسى يتفقد مدينة الثقافة والفنون

يتميز المصريون بالوسطية والاعتدال منذ مهد الحضارة المصرية التى امتدت لأكثر من سبعة آلاف عام، وتمسكوا بالسلام ونبذوا العنف والتطرف بكل أشكاله، ونقش المصريون القدماء ملامح الشخصية المصرية على جدران معابدهم وسطروها فى البرديات الخاصة بهم، وتفاعل المصريون مع حقب زمنية مختلفة مع الثقافات العديدة التى تعرضوا لها، ما أحدث تنوعاً أثرى الشخصية المصرية، وبالتالى فإن رغبة الإخوان فى أن يرتدى العقل الجمعى المصرى ثوبا واحدا باءت بالفشل.

عززت ثورة 30 يونيو المفاهيم المعبرة عن الشخصية المصرية وبذلت القيادة السياسية بعد الثورة جهداً مضاعفاً للتأكيد على هذا التنوع المرتبط أساساً بالسلام والمحبة ونبذ العنف، ما جعل هناك تحركات على مستويات شعبية مختلفة لمواجهة اختراقات تنظيم الإخوان وأمثاله من التنظيمات المتطرفة، وانعكس ذلك على وضع مناهج جديدة لطلاب الصفوف التعليمية الأولى، إلى جانب تكثيف المبادرات الثقافية فى القرى والنجوع والاهتمام بنشر الوعى عبر وسائل الإعلام المختلفة.

على المستوى التعليمى وضع مركز المناهج التابع لوزارة التربية والتعليم مقررات دراسية جديدة للنظام التعليمى الجديد الذى جرى تطبيقه منذ العام 2018، على مرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى تضمنت عددا من الدروس التى تعكس التنوع الثقافى المصرى مع التأكيد على الهوية المصرية والتراث المصرى الأصيل حيث تضمنت معلومات عن الأقاليم المصرية مثل النوبة والقاهرة والإسكندرية وأبرز الأماكن السياحية بها والآثار الفرعونية القديمة.

كما تضمنت الدروس معلومات عن التراث الخاص بكل منطقة والملابس الخاصة بالفترات الزمانية والتراث الشعبى مثل الأغانى التراثية للسيرة الهلالية والعزف على الربابة، وسلطت الضوء على الشخصيات المصرية المؤثرة مثل الملكة نفرتيتى الفرعونية والجراح العالمى مجدى يعقوب.

ووضعت وزارة التربية والتعليم وثيقة جديدة للمناهج ترجمة لنصوص دستور 2014، حيث شملت الجمع بين الهوية الوطنية واحترام الخصوصية الثقافية، والأخذ بالاتجاهات العالمية فى الجودة، والتوفيق بين الإتاحة المجانية ومتطلبات الجودة، والتوازن بين تحديث المناهج وبين استدعاء التراث ومراجعته إحياءً ونقدًا ومساءلةً وتحليلاً ودراسةً وبحثًا، وتقديم أنشطة متعددة تعمق ثقافات المواطنة والانتماء والثقة بالنفس دون إغفال لأهمية قبول الآخر.

قال علاء الجندي، الخبير التربوي، إن المناهج التى وضعتها وزارة التربية والتعليم لنظام التعليم الجديد كانت تحت مظلة رؤية مصر 2030، والتى تتضمن تزويد الطلاب بمهارات القرن الحادى والعشرين عبر مقررات تقوم على التفكير الناقد وحل المشكلات مع التأكيد على دعم الهوية المصرية، وهو ما يؤكد عليه كتاب "تواصل" أو "كونكت" الذى يحتوى على منهج ثلاث مواد (اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات) من خلال معلومات تفاعلية تدعم ترسيخ الهوية المصرية فى عقول الصغار.

وأضاف فى تصريحات لـ"آخرساعة"، أن المناهج ركزت على التفكير والإبداع وحل المشكلات والاطلاع على الثقافات المختلفة بما يمكِّن الطلاب من التعامل مع الخطابات المزيفة التى تروج إليهم وتستهدف طمس هويتهم.

مدينة الثقافة والفنون

ويشمل الإطار العام لمناهج التعليم الجديدة 4 أبعاد للتعلم هى "تعلم لتكون ــ تعلم لتعرف ــ تعلم للعمل ــ تعلم لتتعايش مع الآخر"، ويرسخ المبدأ الرابع قيم الاحترام والتسامح وتقبل الآخر واحترام التنوع والتعاطف والمشاركة والسلام.

يرى مراقبون أن إقرار التعليم مادة "القيم" لطلاب الصف الثالث الابتدائى وهو يهدف إلى احترام آراء الآخرين وشركاء الوطن واحترام قيمة المواطنة، يبرهن على أن هناك توجها عاما لدى الدولة نحو ترسيخ القواسم المشتركة بين الأديان واستعادة محطات تاريخية مهمة من تاريخ البلد جرى فيها إعلاء شعار "الدين لله والوطن للجميع"، كما فى ثورة 1919، والتأكيد على أن الهوية الوطنية الوحدة التى تجمع كل أبناء الوطن، بغض النظر عن الدين واللون والعرق.

أوضح المفكر القبطى كمال زاخر، أن دولة 30 يونيو اتخذت جملة من الإجراءات التى تدعم استعادة الهوية المصرية وترسخيها، على رأسها المواجهة الجادة للإرهاب والذى كان يستهدف ضمن تحركاته تفكيك الوحدة الوطنية بين عنصرى الأمة فى سبيل تسهيل مهمة انقضاض تنظيم الإخوان على السلطة، وأن النجاحات المصرية على المستوى الأمنى كانت بمثابة كسر للذراع المسلحة لمحاولات فرض هوية متشددة على المصريين.

وأشار فى تصريحات لـ"آخرساعة"، إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى طبق مفاهيم الوحدة الوطنية على أرض الواقع بمشاركته الأقباط فى عيد الميلاد، وكانت مفاجأة لجميع المصريين وليس للأقباط فحسب، ولم يكن الأمر مسيسا وبدت ملامح سعادته واستقباله من المواطنين والتفاعل معهم داخل الكنسية بعيداً عن البروتوكولات الرئيسية تأكيدا على أن قضية اللحمة الوطنية على رأس اهتمامات الدولة.

ولفت إلى أن ترسيخ الهوية الوطنية القائمة على المواطنة ظهرت من خلال ترميم كافة الكنائس التى لحق بها تخريب عناصر تنظيم الإخوان فى العام 2014، بل إن الرئيس أصر على أن يكون داخل كل تجمع حكومى جديد يجرى إنشاؤه لتسكين أهالى المناطق العشوائية كنيسة لتأدية الأقباط شعائرهم فى أماكن قريبة منهم وحدث ذلك فى الأسمرات وأهالينا واحد وأهالينا اثنين وغيرها، وتتكفل الدولة ببناء الكنيسة بدءاً من مدخلها وحتى آخر جزء منها بما فيها الأجزاء المتعلقة بالأيقونات دون أن تكلف الكنيسة جنيهاً واحداً.

وشدد زاخر على أن تنظيم الإخوان حاول اختراق عنصرى الأمة بتشويه الهوية غير أنه فشل لعدة أسباب أهمها أن الهوية الوطنية متأصلة داخل المصريين ولم تستطع فترات الاستعمار أن تحدث اختراقاً فاعلاً على المستوى الاجتماعى أو الديني، كما أن التشابه بين اللغة والتقاليد الاجتماعية والموروث الثقافى والفلكلور والمناسبات الدينية بين المسلمين والأقباط يجعل هناك ارتباطاً بالهوية الوطنية يصعب اختراقه حتى على المستويات الشعبية التى ركزت عليها التنظيمات المتشددة.

لعل ذلك ما دفع وزارة الثقافة لتوجيه جهودها نحو تنظيم برامج القوافل الثقافية فى المناطق النائية وذلك للتعامل مع أى محاولات لطمس الهوية المصرية فى تلك المناطق، وعملت تلك القوافل التى بلغ عددها 433 قافلة للمحافظات الحدودية وقرى محافظات إقليم غرب ووسط الدلتا وقرى محافظة المنيا بإقليم وسط الصعيد وذلك لقديم الدعم الثقافى والمجتمعى للأسر المصرية فى المناطق النائية وتوجيه الرعاية والتوعية إلى الشباب فى مواقعهم لتعزيز المسئولية المجتمعية ونشر مكونات الثقافة الأدبية والفنية والتراثية بين فئات المجتمع.

كما نظمت وزارة الثقافة 55 معرضا للكتاب على مستوى محافظات الجمهورية منها معرض رأس البر الأول للكتاب، معرض دمياط الأول للكتاب، معرض طنطا الثالث للكتاب، معرض كفر الشيخ الثانى للكتاب، معرض دمنهور الرابع للكتاب، معرض الإسكندرية الدولى للكتاب، معرض دسوق السادس للكتاب، معرض بورسعيد الثالث للكتاب، معرض فيصل الثامن للكتاب، معرض سمالوط للكتاب، معرض الكتاب بقصر ثقافة العقاد بأسوان، معرض الكتاب بقصر ثقافة أسيوط.

ويشكل افتتاح مدينة الثقافة والفنون داخل العاصمة الإدارية أحد الروافد الثقافية المهمة التى تدعم الهوية المصرية، وستكون علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، حيث يجرى تصميمها وفقاً لأعلى المواصفات العالمية وأرقى التصميمات المعمارية لتصبح محط أنظار العالم أجمع من حيث الإنشاءات والإمكانات؛ إذ إنها تضم عددًا من المسارح وقاعات العرض والمكتبات والمتاحف والمعارض الفنية لكل أنواع الفنون التقليدية والمعاصرة.

وأشار الدكتور حسين عبدالبصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إلى أن اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بالثقافة والآثار باعتبارهما قوة مصر الناعمة يحصن الهوية التاريخية للمواطنين، وأن الاهتمام بمشروعات المواقع الأثرية وترميمها وتطويرها وافتتاح متاحف جديدة آخرها متحف الحضارة إلى جانب الافتتاح المنتظر للمتحف المصرى الكبير أعطى زخماً ثقافياً وتاريخيا ظل بعيداً عن المصريين لسنوات طويلة، وأن ذلك انعكس على انجذاب المواطنين للمجالين الثقافى والأثري.

وأضاف فى تصريحات لـ"آخرساعة"، أن الدولة المصرية أتاحت ميزانية قدرها مليار و270 مليون جنيه على مدار السنوات الماضية لإعادة ترميم المواقع الأثرية والمتاحف وتمويل الاكتشافات الجديدة، كما أن القوات المسلحة شاركت فى تدشين المتاحف الحديثة مثل متحف الحضارة والمتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية ونهاية بالمتحف المصرى الكبير.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة